واشنطن تضع دعوات الهدنة جانبا وتتهيأ لخوض الحرب ضد إيران

وكالة أنباء حضرموت

تؤكد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وجود فرق كبير بين الضربات الإسرائيلية ضد الجماعات المسلحة المدعومة من إيران (حماس وحزب الله)، والهجوم الصاروخي الإيراني الانتقامي ضد إسرائيل الذي أدانته واشنطن باعتباره تصعيديا، في وقت يحرص فيه المسؤولون الأميركيون على التخلي عن فكرة التفاوض والتهيؤ للحرب في صف الإسرائيليين.

ولم يكن الموقف الأميركي هو الوحيد الذي اتسم بانحيازه التام إلى إسرائيل واستعداده للدفاع عنها؛ فأغلب الدول الأوروبية لم تخف دعم إسرائيل ضد إيران، ما يؤكد وجود تغيير كبير في مواقف الغرب باتجاه إظهار الدعم الكامل لإسرائيل بعد هجوم حماس قبل عام، والقطع مع أنصاف المواقف.

ويدافع المسؤولون الأميركيون، بتصريحات صيغت بعناية شديدة، عن زيادة الهجمات التي تشنها إسرائيل ضد قادة حزب الله في لبنان، بينما يتوعدون بالانتقام بعد أن أطلقت إيران حوالي 200 صاروخ باليستي على إسرائيل الثلاثاء.

تغيير كبير في الغرب باتجاه إظهار الدعم الكامل لإسرائيل سياسيا وعسكريا، بعد هجوم حماس قبل عام، والقطع مع أنصاف المواقف

وعبر الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء عن معارضته شن ضربات إسرائيلية على منشآت نووية إيرانية، مما يعطي الانطباع بأن منشآت النفط والغاز ومصانع الصواريخ وقواعدها من ضمن الأهداف المتوقعة.

ووصف وزير الخارجية أنتوني بلينكن الهجوم الصاروخي الإيراني بأنه “غير مقبول على الإطلاق”، ويجب على كل العالم إدانته. وبدوره قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان “من الواضح أن هذا تصعيد كبير من إيران”.

وغيرت الإدارة رسالتها بعد مرور أسبوع واحد فقط على الدعوة العاجلة إلى وقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله لتجنب احتمال نشوب حرب شاملة في الشرق الأوسط، بينما تواصل إسرائيل التوغلات البرية في لبنان إثر غارة جوية ضخمة شنتها الجمعة على بيروت وأسفرت عن مقتل زعيم حزب الله حسن نصرالله والجنرال في الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفوروشان.

ويؤكد المسؤولون الأميركيون أنهم تحركوا دائما لدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وأن أي تغيير في لغتهم لا يعكس سوى الظروف المتطورة على أرض الواقع. ويقول المسؤولون إن هدف الإدارة الكامن في وقف إطلاق النار لا يزال ثابتا.

وجاءت نبرة الولايات المتحدة مختلفة عن انتقاداتها المتكررة للحرب الإسرائيلية في غزة التي قتلت مدنيين، واتخذت واشنطن مسارا مختلفا بشأن الضربات التي استهدفت نصرالله وآخرين، وربما قتلت أشخاصا أبرياء أيضا.

وصرّح المتحدث باسم البنتاغون الجنرال باتريك رايدر بأن الولايات المتحدة لا تزال تركز على منع نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط، لكنها خصصت مجالا واسعا لمواصلة إسرائيل ملاحقة حزب الله من أجل حماية نفسها.

وقال “نحن نتفهم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حزب الله وندعمه… نتفهم أن جزءا من ذلك يكمن في تفكيك بعض البنى التحتية الهجومية التي بناها حزب الله على طول الحدود”.

وأكد أن الولايات المتحدة ستتشاور مع إسرائيل لأنها تجري عمليات محدودة ضد مواقع حزب الله على طول الحدود “التي يمكن استغلالها لتهديد المواطنين الإسرائيليين”. وقال إن الهدف يكمن في تمكين المواطنين على جانبي الحدود من العودة إلى ديارهم.

وأشار رايدر إلى أن جزءا من المناقشات التي تجريها الولايات المتحدة مع إسرائيل سيركز على التأكد من وجود تفاهم حول “زحف المهمة” المحتمل الذي قد يصعّد التوترات.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الثلاثاء إن “استهداف إسرائيل لكبار قادة حماس وحزب الله وتوغلاتها البرية في لبنان مبررة لأنها كانت دفاعا عن النفس”.

بزشكيان يتوعد إسرائيل بالمزيد على بعد خطوات من القاعدة الأميركية في الدوحة

وأضاف “إذا نظرت في الإجراءات التي اتخذوها، فسترى أنهم يقتصّون من الإرهابيين الذين شنوا هجمات على المدنيين الإسرائيليين”.

وشدد في المقابل على أن رد إيران كان خطيرا وتصعيديا لأن هدفه دعم حماس وحزب الله اللذين تصنفهما الولايات المتحدة ضمن المنظمات الإرهابية، وتمولهما طهران وتدعمهما.

وقال ميلر “ما رأيتموه هو شن إيران هجوما على دولة لحماية الجماعات الإرهابية والدفاع عنها، فهي التي أنشأتها ورعتها وتسيطر عليها. لذلك يوجد فرق بين العمليات”.

ويشير تقرير نشرته أسوشيتد برس إلى أن الدفاع الأميركي الكامل عن إسرائيل قد يشمل مخاطر، لافتا إلى أنه لا دليل حتى الآن على أن لدعوة إدارة بايدن إلى وقف إطلاق النار وتحذيراتها من توسيع الصراع تأثيرا يُذكر على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ويعتبر جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، أن التأثير الأميركي على نتنياهو قد تراجع بعد أن كان للتحذيرات الأميركية أثرها بشأن بدء حرب إقليمية.

ويرى ألترمان أن على البيت الأبيض أن “يقلق من العجز المستمر عن إحراز تقدم دبلوماسي للنفوذ الأميركي في الشرق الأوسط وحول العالم”.

ويعتبر أن “تأكيد نتنياهو على أن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب إسرائيل في أي ظرف يشجع الدولة العبرية على تحمل مخاطر أكثر”.

وأعلن وزير الدفاع البريطاني جون هيلي أن القوات المسلحة البريطانية “قامت بدورها لمنع المزيد من التصعيد” عندما أطلقت إيران وابلا من الصواريخ على إسرائيل مساء الثلاثاء.

وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن بريطانيا لديها قاعدة عسكرية كبيرة في قبرص وأن مقاتلات بريطانية شاركت في دعم إسرائيل خلال هجوم ليل الثلاثاء.

ولعبت بريطانيا دورا مماثلا في أبريل عندما هاجمت إيران إسرائيل بالصواريخ والمسيّرات مع تقارير آنذاك تفيد بأن طائرات سلاح الجو الملكي ساعدت في إسقاط بعض الطائرات دون طيار.

وفي بيان صدر في وقت متأخر من الثلاثاء أدان هيلي تحركات إيران الأخيرة، مؤكدا أن “بريطانيا تدعم تماما حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وشعبها ضد التهديدات”.

من جانبها أعلنت فرنسا الأربعاء حشدها مواردها العسكرية في الشرق الأوسط للتصدي للتهديد الإيراني ضد إسرائيل.

وقال بيان صادر عن قصر الإليزيه (الرئاسة الفرنسية) “نحن ملتزمون بأمن إسرائيل وحشدنا الثلاثاء موارد عسكرية في الشرق الأوسط لمواجهة التهديد الإيراني”.