الاستثمار محور لدفع التكامل الاقتصادي بين تونس وليبيا والجزائر
شكل المنتدى السنوي السادس للاستثمار التونسي – الليبي – الجزائري، الذي اختتمت فعالياته الأحد في جزيرة جربة التونسية بعد يومين من الفعاليات تحت شعار “آفاق الاستثمار بدول الجوار”، فرصة لرسم ملامح جديدة لتعميق التعاون والشراكات.
ويرى صناع القرار السياسي والاقتصادي أن من الضروري العمل على استغلال الإمكانيات اللوجستية المتاحة في البلدان الثلاثة عبر وضع خطوط برية وبحرية وجوية لتسهيل المبادلات التجارية البينية.
كما يسعون رغم الصعوبات والتحديات إلى إيجاد آليات فعالة تضمن تأمين انفتاح أسواق الدول الثلاثة على بعضها البعض من خلال حماية العلامات التجارية المسجلة وأصل المنتجات لكل دولة.
ويأتي هذا الحدث بعد 4 أشهر من احتضان مدينة توزر التونسية على مدار ثلاثة أيام ملتقى مماثلا ضم رجال أعمال ومسؤولين بهدف إنشاء تكتل ثلاثي في ظل مطالب بالمضي قدما في تحقيق الأهداف المرجوة من بناء مناطق حرة لتشجيع التجارة البينية.
ويهدف منتدى جربة الذي نظمه المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين ومشاركة حوالي 50 مشاركا من منظمات ورجال أعمال وشخصيات رسمية إلى جانب وفد إيراني وفلسطيني إلى إنعاش المناطق الحدودية ودعم الاستثمار الثلاثي والتبادل التجاري.
وأجمع المشاركون على أهمية إيجاد نقاط إقليمية اقتصادية متنوعة تقوم على أساس المصالح المتبادلة وبناء جسور حقيقية للتنمية بين دول الجوار وضرورة بحث الحلول للعراقيل التي تعيق إقامة شراكة وتعاون قوي وخاصة منها القانونية والإدارية والجمركية وسيولة العبور وغيرها.
وإلى جانب ذلك، سيسهم أي تعاون في توفير المزيد من فرص العمل وإقامة مشاريع مشتركة من شأنها أن تنهض باقتصادات هذه البلدان والاستفادة من الفرص المتاحة بكل بلد والإمكانيات المتوفرة بها، وفق عبدالحفيظ السكروفي رئيس المجلس.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية عن السركروفي قوله خلال المنتدى إن “المنتدى سعى إلى إبرام اتفاقات شراكة وتعاون بين الشركات المشاركة”.
وأوضح أنه يعد فرصة للتباحث والنقاش حول إيجاد حلول للمشاكل التي تعيق التعاون والاستثمار المشترك وخاصة على مستوى قانون الاستثمار للأجانب وطول الإجراءات الإدارية والصعوبات المصرفية.
وأكد أهمية فتح معبر مشهد صالح بين تونس وليبيا وإطلاق خط بحري بين مدينة جرجيس التابعة لولاية (محافظة) مدنين في جنوب تونس والعاصمة الليبية طرابلس وربط مطار جربة بخطوط جوية مباشرة مع الجزائر وليبيا.
وبعيدا عن النظرة الضيقة لمسار إنشاء تكتل ثلاثي محتمل بعد تعطل دواليب نشاط الاتحاد المغاربي جراء الخلافات حول الصحراء المغربية بين الرباط والجزائر، فإن التعاون بين تونس وليبيا والجزائر سيكون مفيدا بالنسبة لأفريقيا أيضا باعتبارها بوابة للقارة.
ومن المبكر تقييم نجاح هذا المسار في ظل رغبة كافة الأطراف في المضي فيه خاصة وأن المبادلات فيما بينها لا تزال ضعيفة، وبينما تعمل تونس على فتح المزيد من المعابر التجارية مع الجزائر، فإن مشروع المنطقة الاقتصادية مع ليبيا لا يزال حبرا على ورق.
واعتبر عبدالمطلب علي بقس عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا أن المنتدى فرصة للدفع بالاستثمار وبحث العراقيل لتذليلها وإيجاد بيئة اقتصادية مشجعة بين البلدان الثلاثة من خلال توفير بيئة تشريعية ملائمة وتوفير الحوافز والامتيازات للمستثمرين.
واقترح بقس، الذي يشغل منصب نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس، ضرورة تطوير التشريعات والقوانين وتحفيز الاستثمار وإعادة التفكير في العلاقات الاقتصادية وسبل التعاون وصولا إلى اندماج اقتصادي ناجح يعود بالرفاه والاستقرار على البلدان الثلاثة.
ووفق إحصائيات رسمية، فقد نمت المبادلات بين الجارين خلال العامين الماضيين بين تونس وليبيا بنحو 10.8 في المئة لتتخطى حاجز المليار دولار. ويطمحان لرفعها لتصل إلى 1.7 مليار سنويا.
وبالنسبة للمبادلات بين تونس والجزائر فقد بلغت في العام الماضي، نحو 1.3 مليار دولار بنمو بلغ قرابة 24 في المئة بمقارنة سنوية. أما المبادلات التجارية بين ليبيا والجزائر فتبدو ضعيفة ولا تتجاوز 65 مليون دولار سنويا، ويعود ذلك إلى طبيعة اقتصادي البلدين العضوين في منظمة أوبك.
ولذلك يرى خالد بلبل رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب الأعمال في المنتدى فرصة لتوسيع الشبكات الاجتماعية وتبادل التجارب والخبرات والمزيد من تفعيل الشراكة وتوحيد الرؤى والتعاون ودعم الاستثمارات.
كما طرح ميسر البارودي عن اتحاد المقاولات التونسي أهمية التعاون المشترك للنهوض بقطاع التدريب المهني لاعتباره محورا إستراتيجيا في تطوير منظومة تنمية الموارد البشرية ولاسيما التطوير العقاري والبنية التحتية والزراعة.
وأشار خلال المنتدى إلى أهمية العلاقات الاقتصادية المشتركة وتدعيم فرص التعاون وإنشاء مناطق لوجستية حرة بين البلدان الشقيقة وبناء فضاءات مشتركة في جميع المجالات صحية وثقافية واقتصادية واجتماعية.
وكثفت الهيئات الاقتصادية الإقليمية في الدول الثلاث لقاءاتها لتعزيز الشراكة منذ عقد الاجتماع التشاوري الأول بين الرئيس التونسي قيس سعيد ونظيره الجزائري عبدالمجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، والذي احتضنته تونس في أبريل الماضي.
وشدد الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة ومجلس التجديد الاقتصادي الجزائري والاتحاد العام الليبي لغرف الصناعة والتجارة والزراعة عزمها على دعم مقومات الأمن والاستقرار وتعزيز التكامل الاقتصادي الشامل في الدول الثلاث والمنطقة ككل.
وفي أواخر يوليو الماضي، كلفت هذه الهيئات مجلسا مشتركا جرى تأسيسه ببحث إقامة شراكات استثمارية من القطاعين الخاص والعام بالدول الثلاث، لاسيما على مستوى المناطق الحدودية، ودراسة إنجاز مشاريع تنموية كبرى مع ضمان انخراطها في سلاسل القيمة العالمية.
وأكد المجلس أهمية التعجيل بإقامة مناطق للتبادل الحر وإنشاء مناطق صناعية ذكية بالمناطق الحدودية المشتركة، بما يساعد على تطوير مناخ الأعمال ويحولها إلى مكان جاذب للاستثمار ولإقامة مشاريع جديدة مبتكرة.