هجوم البيجر أولى مراحل توسيع الحرب إلى لبنان

وكالة أنباء حضرموت

أعطت التفجيرات المتزامنة التي استهدفت أجهزة تلقي الإشعارات (بيجر) لدى عناصر حزب الله إشارة توسيع الحرب، وهو الخيار الذي كان حزب الله ومن ورائه إيران يسعيان إلى تجنبه، وسيجد حزب الله نفسه مجبرا على الرد بعد أن اكتفى في السابق برد محسوب على اغتيال قياداته العسكرية من الصف الأول والثاني من دون تجاوز الخطوط الحمراء، في وقت يستعد فيه الإسرائيليون لنقل الحرب إلى لبنان.

ولم تتضح إلى حدود وقت متأخر من مساء الثلاثاء قائمة المستهدفين من قيادات حزب الله بالتفجيرات، لكن الاستهداف الواسع طال المئات من عناصر الحزب، عسكريين ومدنيين.

وقال مصدر مقرب من حزب الله إن من بين القتلى ابني النائبين في حزب الله علي عمار وحسن فضل الله. وأصيب كذلك ابن مسؤول أمني بارز في حزب الله، وفق المصدر نفسه.

وعزا مصدر آخر الانفجارات إلى “القرصنة الإسرائيلية”، علما أن هذه الأجهزة -وهي أجهزة إيرانية استلمها الحزب قبل أشهر- “موجودة لدى عدد من العاملين في وحدات ومؤسسات حزب الله المختلفة”، وفق الحزب.

من الواضح أن الإسرائيليين اخترقوا المصنع في إيران ووضعوا عبوة كجزء من البطارية لكل الهواتف يتم تفجيرها وقتما يشاءون

ومن الواضح أن الإسرائيليين اخترقوا المصنع في إيران ووضعوا عبوة كجزء من البطارية لكل الهواتف يتم تفجيرها وقتما يشاءون باعتماد شيفرة معينة، وهو ما يعني أن الاختراق الكبير تم في إيران نفسها قبل أن ينتقل إلى لبنان على ذمة شبكة حزب الله والإيرانيين في سوريا.

وسارع حزب الله إلى تأكيد أن أمينه العام حسن نصرالله لم يصب بسوء، بهدف طمأنة الحزب ومنع توسع دائرة الفوضى والتخوف داخله من اختراق كبير يضع الحزب في حرج ويشكك في جدية تهديداته.

وما يزيد من الفوضى داخل الحزب أن التفجيرات طالت السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني، ما يعني أن هذه الأجهزة يتم الاعتماد عليها على مستوى عال في دوائر حزب الله وحلفائه، وأن الأمر لن يقف عند مقتل وإصابة المئات من المسلحين والمدنيين، وأن قادة الحزب قد يلحقهم أذى التفجيرات.

وقال حزب الله في بيانه “بعد التدقيق في كل الوقائع والمعطيات الراهنة والمعلومات المتوافرة حول الاعتداء الآثم (…) فإنّنا نحمّل العدو الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان الإجرامي”، مضيفا أن “هذا العدو الغادر والمجرم سينال بالتأكيد قصاصه العادل”.

ويرى خبراء أن التفجيرات ستكون مربكة لقادة حزب الله وخططه، وتزيد من مخاوف انكشاف عملياته خاصة بعد أن تم قبل أسابيع قليلة إحباط الهجوم الشامل الذي كان يستعد للقيام به عبر توجيه المئات من الصواريخ إلى مواقع في إسرائيل.

وقال الخبير العسكري هشام جابر إن التفجيرات “رسالة إلى حزب الله (تفيد بـ) أنه في حال الحرب الشاملة فإن إسرائيل تملك تقنيات كبيرة”.

وفي إسرائيل بدأ الجيش منذ أيام بسحب قواته الأساسية نحو الشمال مع الاكتفاء بعمليات محدودة في غزة، وهو مؤشر على التهيؤ لرد غير تقليدي في لبنان يتجاوز قواعد الاشتباك المعهودة. وقد يكون حزب الله ساعد على إطلاق إشارة توسيع الحرب بعد محاولة اغتيال مسؤول عسكري إسرائيلي سابق.

وأعلن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شاباك) الثلاثاء أنه أحبط مخططا من حزب الله لاغتيال مسؤول دفاعي كبير سابق. ولم يكشف عن اسم المسؤول المستهدف.

وأضاف في بيان أنه ضبط جهازا متفجرا متصلا بنظام تفجير عن بُعد كان حزب الله يعتزم تفعيله من داخل لبنان باستخدام هاتف محمول وكاميرا.

وأشار جهاز الأمن الداخلي إلى أن محاولة الهجوم شبيهة بمخطط آخر لحزب الله تم إحباطه في تل أبيب قبل عام، دون تقديم المزيد من التفاصيل.

ووقعت انفجارات الهواتف بعد مرور ساعات قليلة على إعلان إسرائيل توسيع أهداف الحرب ضد حركة حماس في قطاع غزة إلى الحدود الشمالية مع لبنان. فمنذ بدء الحرب في غزة قبل عام تقريبا، تشهد المنطقة الحدودية تبادلا شبه يومي لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، حليف حماس، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين في كلا الجانبين.

وأعلنت إسرائيل قبل بدء تفجيرات البيجر بقليل أنها قررت توسيع أهداف الحرب إلى الحدود الإسرائيلية – اللبنانية، على أساس أن ذلك هو الحل الذي سيسمح بعودة السكان إلى بلداتهم.

وقال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن “المجلس السياسي والأمني قام بتحديث أهداف الحرب لتشمل العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم”. ومضى وزير الدفاع يوآف غالانت إلى أبعد من ذلك بقوله للمبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين إن “السبيل الوحيد المتبقي لضمان عودة سكان شمال إسرائيل إلى مناطقهم سيكون من خلال عمل عسكري”.

وفي ظل ارتفاع خطر نشوب حرب واسعة، يُتوقع أن يصل وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى مصر الأربعاء لمناقشة اقتراح جديد يهدف إلى وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن عشرات الرهائن المحتجزين في القطاع، في مسعى أميركي لمنع توسع دائرة الحرب.

وقال مايكل هوروفيتس الخبير الجيوسياسي في شركة “لو بيك”، وهي شركة استشارات أمنية مقرها في الشرق الأوسط، “من دون وقف لإطلاق النار في غزة لن يكون هناك اتفاق بشأن مسألة الحدود مع لبنان. بالنسبة إلى إسرائيل هذا يعني أنه سيكون من الضروري على الأرجح الاستعداد لحل عسكري، خصوصا مع تصاعد الضغوط وبقاء عشرات الآلاف من الإسرائيليين نازحين”.

وتابع “هناك إجماع (في إسرائيل) على أن الحرب إذا شُنت للقضاء تماما على حزب الله ستكون صعبة ومكلفة وخطرة للغاية، لأنها قد تقود إلى اشتعال المنطقة. وبالتالي فإن هدف العملية العسكرية سيكون محدودا ولاسيما لإقامة منطقة عازلة في جنوب لبنان”.