محافظة لحج
تقرير: لحج الخضيرة يُهددها التصحّر والتوسع العمراني
توسعت المناطق الصحراوية في لحج على حساب الأراضي الزراعية، وداهمت الكثبان الرملية مساحات زراعية شاسعة وأخرجتها عن دائرة الانتاج.. وتقف عوامل بشرية وطبيعية وراء اتساع رقعة المناطق الصحراوية، في ظل غياب كلي للجهات المختصة في محاصرة هذه الظاهرة السلبية.. وتزحف الرمال بشكل سنوي على عدد من الأودية الزراعية في لحج ذات الإنتاج الوفير، وتتسبب في تصحر مساحات كبيرة منها، دون اي تدخل للجهات الرسمية المعنية.. وتعد من أهم التحديات التي تهدد البيئة في لحج، انجراف التربة وتعرية الغطاء النباتي وتدهور الأراضي الزراعية والمراعي بسبب التوسع العمراني، وكذا تواصل استنزاف الموارد الطبيعية المهمة خاصة الموارد المائية التي تعاني من عدم توازن حاد..
"مالذي يحصل للأراضي الزراعية في لحج؟"
منذُ زمن بعيد ومحافظة لحج تعرف بأنها المحافظة الزراعية والمتنوعة في إنتاج المحاصيل الزراعية من خضروات وفواكة وأعلاف الماشية، وقد ساعد في ذلك هطول الأمطار والأودية فكان غالبية عامة الناس تعمل في الزراعة، وأشتهرت لحج بمصنع الطماطم و محلج القطن ومزارع الأبقار وبساتين الحسيني، وكذا أستمرت الحياة نعيماً بعهد السلاطين وحتى قيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ولكن مع إعلان الوحدة في مطلع عام 1990م، بدأت لحج تفقد تدريجياً حلتها الخضراء، وساعدت عدة عوامل بتحول الأرض إلى شبه صحراوية مع الزحف العمراني بعمليات البيع والشراء لغرض البناء والسكن والاستثمار، فوصل الأمر إلى قلب الأراضي الزراعية ذات التربة الخصبة الممتازة في ظل سكوت جهات الاختصاص عن منع هذا الخطر بذريعة الملكة الشخصية، ويخطئ من يرى التآمر على الجنوب في الجانب السياسي فقط، فالتآمر كبير و شامل لجميع المجالات..
وكذا نفتح ملف الزحف على الرقعة الزراعية ونعرض الأسباب وماهي المعالجات بخصوص هذا الأمر..
ووجهت عدد من الجمعيات بمنطقة الفيوش مديرية تبن مذكرة إلى محافظ محافظة لحج اللواء التركي لوضع حد لظاهرة الزحف العمراني على حساب المناطق الزراعية بمنطقة الفيوش ، وتقدموا بمقترحات منها: التوجيه لمكتب أراضي وعقارات الدولة و مكتب الأشغال و مكتب الإسكان و مكتب الزراعة بعدم التساهل مع ظاهرة الزحف إلى الأراضي الزراعية من حيث عدم صرف تراخيص سكنية في الأراضي الزراعية، كما طالبوا بتوجيه مكتب الزراعة والري لحج بإعادة فتح القنوات والعبّارات كما كانت من سابق مع إعادة تأهيلها وإصلاح سد الفيوش والذي يستفيد منه 2500 فدان، وتوجيه السلطة المحلية بمديرية تبن بالاهتمام بالجانب الزراعي و الحيواني من خلال تقديم الدعم المادي و المعنوي..
بينما يرى " أنور بقعي " رئيس جمعية "سد المنتصر التعاونية الزراعية" بأن : " لحج عامة وتبن خاصة كانت عبارة عن سلة غذائية نباتية و حيوانية لمحافظة عدن ، ولكن بعد الوحدة وللأسف الشديد تم التآمر على هذه السلة وتحويلها إلى سلة تأتي من المناطق الشمالية"، ويقول " أنور " : " عدم الإهتمام بعودة سلة لحج الغذائية فإن الأمر يعتبر خطير جداً ويتطلب حالياً وضع الدراسات والندوات وتدارك الأمر قبل فوات الأوان، طالما توجد فرصة بعودة الحياة الزراعية من خلال إحياء < مصنع الطماطم ومحلج القطن وإصلاح الأعبار والحفاظ على الأراضي التابعة للدولة ومنها أراضي مزارع الدولة والتي أنفقت عليها الدولة قبل الوحدة أموالاً كبيرةً جداً لدعم الاقتصاد المحلي محلياً فأصبحت اليوم عرضة للانتهاكات المختلفة ".
"إجراءات تقلل الإنتاجية الزراعية"
ويقول الخبير الدربي والمهندس الزراعي بكلية الزراعة لحج خالد فضل علي صدقة الدربي.."لقد قمنا بنزول ميداني لعدة قرى في دلتا تبن، فوجدنا ظاهرة التوسع العمراني بشكل أفقي على حساب الرقعة الزراعية من قبل الرعية لتلك الأراضي والقائمين في إدارة زراعتها، وهناك من قام بتقطيع تلك الأراضي الزراعية إلى قطع سكنية للإنشاء والتعمير وعدم الرجوع لمكاتب الدولة لإجراء الاجراءات القانونية اللازمة حسب اللوائح والقوانين المتعارف عليها، وأيضا يوجد من يعرضون أراضيهم للبيع والإنشاء والتعمير وهي في الأصل أراضٍ زراعية خصبة جداً، بالإضافة لقيام المستفيدين من السماسرة بعمليات البيع في تلك المساحات الزراعية..
وأضاف :"وللأسف فإن غالبية تلك الأراضي تعود لمكتب الأوقاف والإرشاد لحج وأيضاً أراضي السلاطين والأمراء وأراضي عقارات الدولة وفي الفترة المنصرمة التي شهدتها المحافظة من انفلات أمني وعدم مباشرة أغلبية المرافق الحكومية في عملها وإشرافها على ما يتم تنفيذه فكان الوضع عشوائياً حتى اليوم، حيث يقوم راعي الأرض بتقسيمها إلى حيازات صغيرة ويتم عرضها للبيع مقابل مبلغ رمزي من المال بموجب اتفاق أولي يتم إجرائه عند أقرب أمين منطقة توثيق مقابل عمولة يتم دفعها لمكتب التوثيق دون الرجوع إلى المرافق الحكومية لإجراء اللازم، وهذا الاجراء يقلل من الإنتاجية الزراعية في المناطق التي يتم فيها التوسع المعماري الأفقي، فهذه الأراضي الزراعية لا يصلح تحويلها إلى مساكن ، إلا تحت مبررات يتم دراستها ومناقشتها مع المختصين في هذا المجال و خصوصا إذا كانت الأرض (بور) ولم يتم استصلاحها من سابق، فكيف الحال اليوم في الأرض الزراعية؟!.. فهذا خطر يجب على قيادة المحافظة وضع حد للقضاء عليه والحفاظ على ما تبقى من الرقعة الزراعية."
حيث أن الأمر قد يكون هو إستهداف فعلي للرقعة الزراعية بلحج والقضاء عليها، وإدخال سلل غذائية أخرى من محافظات شمالية مع تحويل بعض أفراد لحج من السلة الغذائية لمحافظة عدن إلى سلة إرهابية وهذا هو الحاصل اليوم بعد استهداف نظام صنعاء لقطاع الزراعة بلحج، بينما كانت لحج وبقية أراضي محافظات الجنوب من أخصب الأراضي، لكن السياسة القذرة تلعب دوراً كبيراً في كيفية إفشال المزارع الجنوبي، وقد كان استهداف مصنع الطماطم و محلج القطن وحظائر الأبقار مقدمة لتلك السياسة التآمرية وتدمير تلك المنجزات للقضاء على القطاع العام عبر القطاع الخاص، واليوم يمر أمامنا مسلسل الزحف على الرقعة الزراعية مرور الكرام، وزاد من الأمر عدم الاهتمام بـ الأعبار، مما يجعل أحيانا مواسم السيول تروح مباشرةً إلى البحر ولا يستفيد منها المزارع، بالإضافة إلى عدم وجود قانون ينظم عملية الري أو إدارة حكومية أو جمعيات تنظم عملية الزراعة داخل المحافظة، أو تقديم الدعم إلى المزارع مع انعدام المشتقات النفطية، هو الأمر الذي فرض على المزارع مخاسير في الأموال دون فوائد ولهذا ترك المزارع الأرض لعملية التصحر وأشجار السيسبان والبيع والشراء والبعض قام بتحويلها لعنابر الدواجن، ولهذا توجد اليوم بداخل الأسواق الجنوبية مختلف الفواكة و الخضروات من مناطق الشمال أو المستوردة..
"حرمان السيول وتوقف إنتاج العسل"
حيث تواجه حاليا العديد من الاراضي الزراعية بمنطقة عبر الدرب ( السد) خطر التصحر وزحف الرمال عليها نتيجة لتعرض قنوات الري الخاصة بها للتخريب والاهمال الامر الذي ادى الى حرمان الاراضي الزراعية فيها من كميات السيول المتدفقة خلال السنوات الماضية.. وفي تصريح لاحد ابناء القرية سالم بن سالم يوسف قال ان العديد من الاراضي الزراعية بمنطقة الدرب تواجه حاليا خطر التصحر واكتساح وزحف الرمال عليها وذلك نتيجة لتخريب قنوات الري وفروعها للاهمال والا مبالاه من قبل جهات الاختصاص..
وأوضح ان الأراضي الزراعية بالمنطقة تقدر نحو 4000 فدان وتمتد حتى منطقة دار سعد مشيرا ان هذه الاراضي جميعها كانت خصبة وتنتج العديد من المحاصيل الزراعية بانواعها وكان يقف عليها شيخ للعبر يدعى صالح عوض الشيبة حتى منتصف الثمانينات واليوم لم يتبقى من هذه الاراضي غير مزرعة واحدة فقط بعد تدهور العبر وتخريب القنوات .واصبح حال العبر غير صالح مما ادى إلى حرمان هذه الاراضي من تدفق مياة السيول.. وطالب سالم بن سالم الجهات ذات العلاقة بالمحافظة بسرعة اصلاح القنوات واعادتها الى وضعها الاول ودعا محافظ المحافظة ومدير الزراعة والري بالمحافظة ومدير عام مديرية تبن بالتدخل السريع والعاجل باصلاح العبر حتى تعود الحياة الى تلك الاراضي من جديد وضبط من يعتدون على هذه القنوات بغرض تخريبها..
وفي نفس السياق تراجع إنتاج محافظة لحج من العسل خلال العامين الماضيين جراء نفوق أعداد كبيرة من النحل وتلف خلاياها، واستمرار الحرب في عدد من مناطق المحافظة والأخرى المجاورة لها.
وعزا نحالون أسباب نفوق النحل إلى إصابتها بأمراض وارتفاع أسعار مواد التغذية كالأعلاف والمبيدات الحشرية والمحاليل الدوائية، وتصحر المراعي في المحافظة وصعوبة نقل خلاياها إلى مراعي تعز وإب والضالع جراء المواجهات الدائرة في تلك المناطق.
وأضافوا أن ارتفاع أسعار الوقود، حال دون نقل خلايا النحل إلى مراعي محافظات حضرموت وشبوة والمهرة.
وحمّل نحالو لحج، الحكومة ممثلة بوزارة الزراعة، مسؤولية تراجع إنتاجهم من العسل لعدم اهتمامها، مطالبين إياها إمدادهم بالأدوية والمبيدات للحفاظ على ما تبقى لديهم من خلايا نحل لإنتاج العسل الذي تعتمد عليه أسر كثيرة كمصدر دخل أساسي