صحيفة اليوم الثامن
إعصار الجنوب.. شبوة تعيد رسم التحولات والتحالفات الإقليمية
عشرة أيام احتاجتها القوات المسلحة الجنوبية، لحسم معركة إعصار الجنوب، ضد الاذرع الإيرانية في اليمن (جماعة الحوثيين)، في معركة أحدث انقلاباً في موازين القوى والتحالفات، لتعيد الزخم الأول لانطلاق عاصفة الحزم، حين أحدثت تلك العملية الجوية التي انطلقت في اوار مارس اذار من العام 2015م، ارباكا في صفوف الحوثيين الذين كانوا في طريقهم للسيطرة على عدن وخليج عدن وباب المندب وشريط بحر العرب، وإعلان السيطرة على الملاحة الدولية.
العملية العسكرية التي نفذتها قوات العمالقة الجنوبية، أحدثت ارباكا في صفوف الحوثيين، وهو ما أدى الى اظهار الميليشيات الحوثية "بأنها جماعة هشة، ضعيفة لا تمتلك قوة على الأرض لتحقيق مكاسب من خلال الهجوم الميداني"، فهي تعتمد في حربها على التحالفات المحلية مع تنظيم الإخوان، بالإضافة الى الضربات الجوية الصاروخية.
السعودية التي كانت على وشك خسارة مأرب لمصلحة الحوثيين (أذرع طهران)، سبق لها ووصلت الى طريق مسدود في ملف التفاوض مع إيران، الأمر الذي أتاح للإخوان تضييق الخناق على الرياض للحصول على المزيد من المكاسب السياسية، من أبرزها تجاوز اتفاق الرياض الذي يلزم التنظيم الحاكم بالانسحاب من مدن الجنوب والتوجه صوب الجبهات لقتال الحوثيين، فكان تسليم بيحان وعسيلان وعين في سبتمبر (أيلول)، قد كشف عن توجه الاذرع القطرية التركية، الداعم للمشروع الإيراني في اليمن.
ولم تمض سوى أيام قليلة حتى تم الكشف عن مخطط خطير من قبل الحوثيين والاخوان لاستهداف قوات التحالف العربي في شبوة، وهو ما دفع القوات السعودية والاماراتية والبحرينية الى الانسحاب من شبوة في اعلان أكيد على رفغ الغطاء عن "التنظيم الحاكم في حكومة الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي".
سلطة الإخوان في شبوة بدلا من الدفع بقوات عسكرية لقتال الحوثيين في بيحان، توجهت صوب قوات النخبة لإخراجها من قاعدة العلم العسكرية، قبل ان تقوم بأعمال نهب واسعة في القاعدة العسكرية.
هذه الاقتحام جاء متزامنا مع تحركات قبلية في شبوة، طالبت بوضح حد لما وصفت بخيانة الاخوان لشرعية الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي.
وكان لا بد من تحرير شبوة وتأمينها، الا ان الاشتراطات المجلس الانتقالي جاءت متوافقة مع رغبة سعودية ومن الرئيس المؤقت هادي، بإزاحة سلطة شبوة، بعد ان كانت شرعية هادي قد شارفت على النهاية خاصة بعد اعلان موالين لهادي عن تشكيل تحالفات سياسية تهدف الى اختيار سلطة بديلة لهادي.
الأهمية السياسية والاقتصادية لشبوة
تعد محافظة شبوة الغنية بالثروات النفطية من أهم محافظات الجنوب، فهي تقع على شريط بحر العرب وترتبط بمحافظتي أبين وحضرموت، بالإضافة الى حدودها مع اليمن الشمالي وتحديدا البيضاء ومأرب.
ويؤكد الخبير والمحلل السياسي الجنوبي منصور صالح "ان شبوة تكمن أهميتها في انها تقع في منتصف الجنوب وتربط محافظات شرق عدن مع العاصمة وأبين ولحج، ناهيك عن انها غنية بالثروات النفطية والموارد، ولديها موانئ استراتيجية مهمة، وهو ما جعلها محل أطماع احتلالية خاصة من تنظيم الاخوان المسلمين وميليشيات الحوثيين".. مشيرا في حديث خاص لصحيفة اليوم الثامن إن الانتصار في شبوة مثل عاملا مساعدا للجنوبيين في المضي بقضيتهم نحو تحقيق كامل الأهداف الوطنية، واستكمال تحرير باقي المدن المحتلة من قبل الحوثيين والاخوان معا".
وأضاف صالح "ان شبوة الغنية بالثروات النفطية والغازية، جعلها محل أطماع قوى خارجية خاصة من تنظيم الإخوان الدولي الذي دعم أذرع محلية في اليمن كالإخوان والحوثيين لمحاولة السيطرة عليها".. مؤكدا ان شبوة أصبحت محررة وهناك مناطق أخرى لا تزال مهيئة للتحرير والعمليات العسكرية في قادم الأيام، خاصة تحرير مكيراس ووادي حضرموت والمهرة، وهذا المناطق سيتم تحريرها في القريب ان شاء الله ".
وأشار صالح إلى أن شبوة رسمت خارطة جديدة، بإفشال مشروع الإخوان والحوثيين والاطماع الإقليمية والدولية، وتحريرها أوصلت رسالة مهمة بأن الجنوبيين يمتلكون قدرة على بسط نفوذهم على كامل تراب الجنوب، وحماية المصالح الإقليمية والدولية".
دور حاسم في معركة شبوة
السؤال الأهم اليوم من هم صانعو التحولات الاستراتيجية الهامة في شبوة، يعلق في هذا الصدد الخبير الإماراتي د. عبد الخالق عبدالله، قائلاً "هناك اجماع بين القاصي والداني أن دور الإمارات السياسي والعسكري كان حاسما في ميدان القتال في شبوة، وانه غيّر معادلة القوى على الأرض لتؤكد انها توظف قوتها الناعمة والصلبة بجدارة واقتدار في المكان المناسب والوقت المناسب وتغادر أيضا المسرح السياسي والعسكري في الوقت المناسب".
وتذهب تقارير إلى التأكيد على الدور الذي لعبه ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، في إعادة رسم ابجديات الحرب في اليمن، فالإمارات التي طالما اتهمه تنظيم الإخوان بالتعاون مع الحوثيين، استطاعت في فترة وجيزة ان تعيد بناء تحالفات محلية في الجنوب إعادة الاعتبار لعملية عاصفة الحزم، خاصة بعد مرور سبع سنوات لم تحرر فيه أي مدينة شمالية، بل على العكس سلم تنظيم الإخوان مدن استراتيجية شرق صنعاء كانت قد حررت في العام 2015م، بدعم من القوات المسلحة الإماراتية التي نزلت على الأرض في مأرب.
ورأي بن زايد ان المرحلة تتطلب جدية فقط في إعادة رسم خارطة التحالفات، نحو إعادة صنع تحولات استراتيجية مهمة في مشروع التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
تقول شبكة بي بي سي البريطانية "أن سياسة الإمارات الخارجية مرت بتحولات كبرى خلال الخمسين عاما الماضية: بدءا بالحياد، ومرورا بالانخراط في بعض الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، ووصولا إلى طي صفحة الخلافات مع بعض القوى الإقليمية".
وتقول بي بي سي البريطانية "إن الإمارات لا تخفي رغبتها في أن تصبح قوة إقليمية ذات ثقل سياسي واقتصادي. ولا شك أن النهضة الاقتصادية الكبيرة التي شهدتها دولة الإمارات، والمشاريع التنموية والعمرانية والسياحية الضخمة التي أنجزتها البلاد، وتركيزها على تنويع الاقتصاد واستخدام أحدث التقنيات في مختلف المجالات كان لها دور كبير في تعزيز ثقلها الإقليمي.
وعلى الرغم من ان تنظيم الإخوان في اليمن قد عمل على محاولة تفكيك العلاقة بين الرياض وابوظبي، خاصة بعد انسحاب الأخيرة من الجنوب في العام 2019م، الا ذلك لم يجد نفعا في منح الاخوان الغطاء الشرعي للسيطرة على الجنوب، حيث سلطة المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو الأمر الذي جعل السعودية تفقد الكثير من قدارته في مواجهة المشروع الإيراني لتعود أبوظبي بقوة من شبوة، من خلال الاعتماد بشكل كامل على الحلفاء المحليين في الجنوب "المجلس الانتقالي الجنوبي"، وتشكيلاته العسكرية.
وكانت عملية إعصار الجنوب هي نتاج وثمار جهد اماراتي بدأ واضحا منذ وقت مبكر لإعادة تحجيم الحوثيين والقوى الإرهابية التي وجدت مساحة آمنة للتحرك جنوبا بعد ان سيطر الاخوان على شبوة في أغسطس/ أب من العام 2019م.
معادلة الانتصار في شبوة
الخبير والمحلل السياسي سعيد بكران، أكد أن معركة شبوة ذات وزن مهم على الصعيد الاقليمي لأنها شكلت خسارة في ميزان القوة والتأثير في الملف اليمني برمته لمحور ايران قطر اذ ان خسارة شبوة تعني خسارة التأثير في شرق الجنوب".. لافتا الى أن شبوة أضافت وزنها وتأثيرها على الجنوب ومأرب لكفة التحالف بلاشك يعتبر ورقة مهمة في يد التحالف العربي في مواجهة محور ايران وتقاطعاته مع تطلعات الدوحة وتركيا ".
وقال بكران في حديث خاص لصحيفة اليوم الثامن "إن محور ايران قطر تركيا خسر بخسارة شبوة جزء مهم من معادلة كانت مطروحة وكانت تطمح لتقاسم البلاد شمالاً للحوثيين ادوات ايران وجنوباً للاخوان ادوات قطر تركيا، مع الاخذ بعين الاعتبار لتوقيت التحول في شبوة الذي يأتي في وقت تقترب فيه ايران من التوصل لاتفاق نووي مع امريكا والغرب وربما اقترابها من الدخول في النادي النووي حتى بدون الاتفاق".
وأضاف :" لكن تأثير التحول في شبوة سيظل محدوداً في حال لم يتشكل منه تحول اكبر في كل المحافظات الجنوبية يعيد صياغة الشرعية فيها ويثبت الاستقرار ويستكمل تنفيذ اتفاق الرياض ".
وتوقع بكران "أن يتآكل هذا الانجاز في حال تعثر هذا المسعى وفشلت جهود اصلاح الشرعية وتثبيت الاوضاع في الجنوب والدفع بها نحو الاستقرار، وبلاشك اكدت عملية شبوة على تلاحم سعودي اماراتي وتوحد الرؤية تجاه الحفاظ على جنوب آمن وموحد ومستقر، لان مجريات الصراع شمالاً مازالت تراوح مكانها وتميل لصالح ايران بشكل مباشر ".
وأكد أن "لا سبيل لموازنة هذا الضعف في ميزان القوى المتصارعة حالياً يعادل كفة التحالف الغربي الا عن طريق الحفاظ على الجنوب كورقة رابحة سواءً في الحرب شمالاً او لاحداث التوازن على طاولة التفاوض، الجنوب اليوم هو الوزن الحقيقي في الصراع واستقراره ووحدته تمكن التحالف بقيادة السعودية من اوراق كثيرة".
الخبير والاكاديمي الجنوبي د. حسين لقور بن عيدان، قال إنه "كان يخطط لشبوة من قبل قوى إقليمية وحزبية أن تتحول إلى بؤرة اخرى في خاصرة الجزيرة العربية بجانب الحوثيين لتصبح مصدر تهديد اضافي لإحداث مزيدا من الصراعات تمنع دول المنطقة من تحقيق الرؤى الجديدة التي وضعتها لمجتمعاتها و لقيادة الوطن العربي نحو آفاق جديدة".
وأضاف لصحيفة اليوم الثامن "جاءت معركة شبوة و عصفت بتلك الخطط و غيرت وجه الصراع بشكل يختلف عما بدأت عليه عاصفة الحزم سواء من خلال بناء تحالفات جديدة داخلية أو من خلال طريقة ادارة المعركة".
وأكد بن عيدان في حديث خاص لصحيفة اليوم الثامن "إنه لا يمكن ان نضع انتصارات القوات الجنوبية و دحر الحوثي من مديريات شبوة الشمالية الغربية في إطار تمتين المشروع الوطني الجنوبي فقط و إنما أيضا في الإطار الأكبر لمواجهة مشروعات إيران و تركيا التوسعية في المنطقة و التي تلقت ضربة قاصمة لم تكن تتوقعها".
لذلك تعتبر الخبير والأكاديمي الجنوبي "أن هذه المعركة هي البداية لوضع نهاية مشروع الحوثة السلالي و كذلك مشروع خلافة إخوان المسلمين العابر للحدود".
الابعاد الاستراتيجية لمعركة شبوة على الصعيد الإقليمي
وتحدث الخبير والمحلل السياسي هاني مسهور عن الابعاد الاستراتيجية لمعركة شبوة على الصعيد الإقليمي والحوارات الخليجية مع إيران والعلاقات الإيرانية القطرية، وقال "إن تقدم مفاوضات الاتفاق النووي في فيينا تمثل الحافز الرئيسي لقرار التحالف العربي بإعادة تموضع ألوية العمالقة الجنوبية في الساحل الغربي واطلاق عملية اعادة الانتشار التي غيرت المشهد الميداني كلياً في اليمن جنوباً وشمالاً وفرضت قواعد اشتباك جديدة غير التي كان قد صنعها حزب الاصلاح بتخادمه مع مليشيات الحوثي لاستنزاف المنطقة في الأزمة اليمنية".
وأكد مسهور في حديث خاص لصحيفة اليوم الثامن "إن التغيير الميداني في اليمن يفتح فرصة مجددة للقوى اليمنية الشمالية لإثبات صوتها الوطني لتحشيد اليمنيين من حولهم للاستفادة من دعم التحالف العربي واسقاط كافة الارتباطات بالقوى الاقليمية والأيدلوجية وهي فرصة ممكنة لتشكيل الرافعة الوطنية اليمنية خاصة مع تقلص دور قطر السياسي بعد اتفاق العلا".
وأضاف "الايرانيون الداعمون لمليشيات الحوثي يدركون أن الحوثي سيكون الطرف الخاسر واستثمارهم فيه سينتهي بمجرد انتهاء مفاوضات فيينا وسيترك لمواجهة قدره أمام القوى الجنوبية واليمنية بروافعها الوطنية".
من جهته، قال رئيس مركز سوث24 للأخبار والدراسات إياد قاسم "إن المعارك في شبوة جاءت كجزء من خطة استراتيجية "تصحيحية"، على الأرجح، للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، بعد سلسلة إخفاقات لعملياته التي دعمها في شمال اليمن لسبع سنوات متتالية، نتيجة عوامل عدة، سبق وحذّر منها الجنوبيون في وقت مبكر. لا شك أنّ نتائج هذه المعركة ستنعكس على ملفات سياسية محلية أهمها اتفاق الرياض من ناحية، وإعادة ترتيب الأوراق السياسية في الجنوب، وخصوصا إعادة تشكيل اللاعبين البارزين في الجنوب كالمجلس الانتقالي الجنوبي. وكذلك عسكرية تدفع بالضغط على الحوثيين لتقديم تنازلات حقيقية والخضوع لجهود السلام أو القبول ببعض المبادرات المطروحة".
وقال قاسم في حديث خاص لصحيفة اليوم الثامن "ارتبط تعنّت الحوثيين بصورة مباشرة بالدور الإيراني في ترتيب أوراق وكلائه في المنطقة، تزامنا مع محادثات فيينا النووية، والحوار الأخير مع المملكة العربية السعودية. من شأن الهزائم التي تلقاها الحوثيون في شبوة الجنوبية، أن تضعف أوراق اللعب في يد إيران، وربما تدفعها لتقديم تنازلات على حساب الحوثي، في بعض الجوانب لصالح إبرام اتفاق مع الدول الكبرى بشأن ملفها النووي. خصوصا وأنّ إيران فقدت أحد أذرعها الضليعين بتفاصيل المشهد العسكري والسياسي في صنعاء، حسن إيرلو وربما أعداد أخرى من خبرائها هناك مؤخرا. لا شك أنّ إيران ستستمر في تقديم خطاب إيجابي مع السعودية، بهدف منح أجواء الحوار في فيينا صورة إيجابية، لكنها لن تتوقف عن مواصلة دعمها للحوثيين، إذ تشعر بمدى أهمية بقاء الجماعة المتشددة، جزرة لتحقيق أطماعها التوسعية في المنطقة".
وأضاف "على الرغم أن من مصلحة إيران ودول المنطقة إيجاد وسيلة لتحقيق توافق مشترك بعدد من القضايا، إذ لا فكاك بالأخير من التوصل لحلول مشتركة، لكنّ استمرار خسائر الحوثيين الأخيرة على يد ألوية العمالقة الجنوبية، ستكسر الغرور السياسي الذي اتسمت به مؤخرا طهران، إلى حدا ما".
العلاقة بين قطر والسعودية
وبشأن العلاقة بين قطر والسعودية، خاصة وان الدوحة قد أظهرت انحيازا الى معسكر إيران، قال الخبير والسياسي الجنوبي هاني مسهور "إن تتعافى العلاقات الخليجية بعد اتفاق العلا (يناير 2021)، سياسياً وسيكون العام ٢٠٢٢ عام اكتمال التعافي فالقطريون ليس أمامهم غير حاضنتهم العربية خاصة وأن تركيا اضطرت للتراجع عن مواقفها العدائية وبدأت خطوات تقارب مع السعودية والامارات ستكون اكثر وضوحا مع زيارة الرئيس التركي اردوغان للرياض وابوظبي في فبراير المقبل".
وقال إن "الاتراك تخلو عن اخوان مصر من لتطبيع علاقاتهم بالقاهرة وكان ذلك تصرفاً جيداً وقد يتكرر مع بقية فروع التنظيم خاصة ليبيا واليمن فالرئيس التركي سيذهب لانتخابات رئاسية في ٢٠٢٣ وعليه أن يخوضها بموقف اقتصادي وسياسي قوي تضمن فوزه في انتخابات تخدد مستقبل تركيا لعقود قادمة".
لن يتمسك بشدة الرئيس التركي بورقة حزب الاصلاح فهذه ورقة ضعيفة ومستهلكة وسيسلمها في أي مفاوضات تعيد له القبول في محور الاعتدال العربي خاصة وأن اخوان اليمن ارتبطوا بملفات الفساد المالي أكثر من غيرهم من أفرع التنظيم في العالم.
وعن العلاقة بين قطر والسعودية وموقف تركيا من الإخوان، قال اياد قاسم "لا يمكن الجزم بعودة كامل العلاقات بين السعودية وقطر إلى طبيعتها، كما كانت قبل يونيو 2017. رغم التوافقات التي توصل لها زعماء الخليج ومصر في قمة العلا مطلع العام الفائت. إذ أن عودة العلاقات حكمتها ظروف أخرى أو دفعت لها، وهي خطوة صحيحة باتجاه ترتيب البيت الخليجي، لكنها خطوة تمضي بخطوات حذرة إلى حد ما. لا تزال بعض المخاوف قائمة في علاقة قطر بالتنظيمات المتطرفة وحركة الإخوان المسلمين واستخدام أدواتها في تصفية حساباتها السياسية قائمة. يمكن القول أنّ بدء تحول الاهتمام الأمريكي الاستراتيجي بصورة كبيرة ناحية الشرق، لمواجهة أكبر قوتين فيها روسيا والصين، ونقل عدد من منظوماتها الدفاعية من السعودية والخليج وبعض قواعدها من قطر، دفع إلى جانب ظروف اقتصادية أخرى، نحو ترتيب العلاقة مع قطر. وربما ليست تركيا بعيدة عن هذه الملفات".
التلاحم الإماراتي السعودي في شبوة
وقال مسهور إن التكامل بين الامارات والسعودية أكد على التلاحم بين الرياض وأبوظبي، فالمدعوم اماراتيا كما حاولوا أن يجعلوه متهماً تحول إلى عملاقاً اكتسح جبهات اصطنعت من تخادم الحوثي وحزب الاصلاح وتبددت اوهامهم.
عملية شبوة اعادة عملياً تعريف القوة على الأرض بالإضافة إلى أنها أعادة تقييم كل القوى ومدى انتمائها لحواضنها الوطنية والشعبية، وهذه من أهم ما يحب استخلاصه من العمليات العسكرية التي كشفت أن الوية العمالقة نجحت في حاضنتها الشعبية من استعادة مواقع حصينة ومساحات شاسعة في غضون ايام قليلة".
وقال "إن التنسيق السياسي والعسكري الاماراتي والسعودي من بداية عاصفة الحزم لم يتغير الا في عقلية جماعات الاسلام السياسي المختلة فالرياض وابوظبي حددتا الوجهة مبكراً وقررتا منذ وقت بعيد عدم منح المتأسلمين فرصة لاختطاف شبوة وأي جزء آخر من بلاد الجنوب واليمن".
وأتفق اياد قاسم مع ما ذهب إليه هاني مسهور، وقال "إن هناك تلاحم سعودي إماراتي إلى حد كبير. وعكست ذلك زيارة كبار قادة دفاع البلدين المتبادلة، والترتيبات مع القيادات الجنوبية في هذا الصدد، قبل بدء عمليات إعادة التموضع في الساحل الغربي وانتشار العمالقة الجنوبية في شرق عدن. هناك نقطة مهمة يجب الإشارة إليها، حين يكون الحديث عن نجاح التحالف في الجنوب. دائما ما يرتبط ذلك بتوافق على إدارة المعارك بأيادي جنوبية خالصة، تدرك أهمية وقيمة المعارك كنتيجة موضوعية لأهمية وقيمة الأرض التي تدافع عنها والمشروع الوطني الذي تتبناه. تماما كما حصل عند انطلاق عاصفة الحزم وتحرير مناطق الجنوب".
وقالت ريم العولقي وهي كاتبة في صحيفة اليوم الثامن "إن التلاحم الإماراتي والسعودي متواجد من قبل عملية شبوة لأن كلا البلدين لديهم الهدف ذاته فهم شريك أساسي في العمليات العسكرية التي قادوها منذ بداية عاصفة الحزم وما جاءت معارك شبوة الأ تأكيد قوة العلاقات بينهم".. مشيرة الى ان الجنوب هو العمق الإستراتيجي للأمن القومي العربي وهذا أكدته الشواهد منذ انطلاقة عاصفة الحزم إلى يومنا هذا إضافة إلى العمق الديني لدول الخليج لذلك المملكة العربية السعودية تسعى دائماً إلى التعاون مع الجنوب العربي سياساً وعسكرياً على الأرض.
الجنوب قوي مصلحة للسعودية وجيرانها
وأكد الخبير الإعلامي هاني مسهور ان إقامة دولة جنوبية مستقلة يمثل أهمية استراتيجية ومصلحة ذات بعد إقليمي بالنسبة للسعودية وجيرانها في الخليج العربي.
وأضاف مسهور "أن صيانة الأمن القومي العربي وحمايته تستوجب دعم الجنوب العربي فهو الدرع للحدود العربية الجنوبية الممتدة ببحر العرب إلى باب المندب والتجربة السياسية للجمهورية الجنوبية الاولى (١٩٦٧-١٩٩٠) تؤكد أهمية ما شكله الجنوب من أهمية في حماية الممرات الملاحية الدولية".
وأشار الى ان "التحديات المستقبلية تعزز ضرورة دعم الجنوب لملئ الفراغ الذي تتربص به التنظيمات الارهابية من داعش والقاعدة وغيرها وهو ما يتطلب الدعم والاسناد لقيام دولة مستقلة قادرة على مكافحة الإرهاب والأهم أنها دولة تعتمد على التنمية والاقتصاد والمعرفة".. مؤكدا أن "الجنوب سيكون داعماً لتوجهات دول المنطقة وجاذباً للاستثمارات الاقتصادية لتحالفاته السياسية مع دول الاعتدال العربية وهو ما سيفتح ويجب أن يفتح الابواب ليكون الجنوب بلدا اقتصاديا رئيسيا في نطاق بلدان المحور العربي".
من جهته، قال اياد قاسم رئيس مركز سوث24 للأخبار والدراسات "إن الحديث عن جنوب قوي فيه مصلحة للسعودية، هذا الطرح بات يقتنع فيه بعض الخبراء الاستراتيجيين السعوديين. ونخبة من أصحاب الفكر والسياسة في منطقة الخليج العربي، لأنّ هذه القناعة نابعة عن تتبع ومشاهدة وعيش ثلاثة عقود من الفوضى والفشل والحروب سببتها الآليات السياسية الفاشلة التي قادت للوحدة اليمنية وحربي 1994 و2015، وما عكسته من تهديدات أمنية وجيوسياسية خطيرة على دول الخليج، وعلى السعودية بشكل خاص، وليس أقلها تمدد النفوذ الإيراني وتوسّع تهديدات "التنظيمات الإرهابية" وتهديد المياه الإقليمية والدولية".
وقال "إنّ إعادة خلق توازن بين الجنوب والشمال مبني في ضوء الاختلافات السياسية والاستراتيجيات والعلاقات وقضايا الصراع التاريخية، تقتضيه المصلحة السعودية والعربية والإقليمية، وقبلها اليمنية. إذ سيشكّل هذا التوازن عامل مهم في استقرار الحدود الكبرى التي تربط السعودية بالجنوب، واستقرار الأمن البحري الذي يحاذي مياه الجنوب الجنوبية والغربية، فضلا عن خلق حلفاء شركاء في حماية المصالح المشتركة وإنجاح الخطط الاستراتيجية الكبرى ذات العلاقة بمستقبل المنطقة ومشاريعها الاستثمارية والأمنية الواعدة التي تتبناها قيادة المملكة الشابة".