المرزوقي يهاجم الغنوشي ويعرض نفسه كلسان لمعارضي قيس سعيد

تونس

لا يفوّت الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي الفرصة لتوجيه رسائل خاصة إلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ويطالب باستقالته من رئاسة البرلمان وتعويضه بشخص آخر، في موقف قال مراقبون إنه يظهر الخلاف بين الحليفين السابقين بسبب ضعف الدعم الذي قدمته النهضة للمرزوقي في انتخابات 2014.

واقترح المرزوقي "عودة البرلمان وتنحي رئيسه الحالي (الغنوشي) لفائدة رئيس أو رئيسة بإجماع كل الأطراف السياسية، واستقالة قيس سعيد أو إقالته".

وقال متابعون للشأن التونسي إن المرزوقي رغم أنه يتحرك ضمن مربع داعمي الإسلام السياسي إقليميا ويظهر باستمرار على وسائل إعلام قطرية إلا أنه دأب على انتقاد الغنوشي وحركة النهضة، لافتين إلى أن الرئيس الأسبق المثير للجدل يريد استثمار اللحظة الصعبة لحليفه السابق من أجل تقديم نفسه كلسان حال معارضي قيس سعيد.

ويعيش الغنوشي أزمة مضاعفة في الداخل، الأولى تتعلق بخسارة نفوذه السابق، حيث لعب دورا محوريا في تشكيل الحكومات المختلفة، وصار قبلة الباحثين عن مواقع في السلطة. لكن الآن الوضع مختلف، إذ بات الغنوشي بمثابة ماض بالنسبة إلى ما بعد الخامس والعشرين من يوليو، فلا قيس سعيد فتح أمامه فرصة الحوار، ولا الطبقة السياسية مدت له اليد لإنقاذه.

أما الثانية فتتعلق بالأزمة الداخلية الحادة داخل حركة النهضة والاستقالات المتتالية الرافضة لاستمرار الغنوشي على رأس الحركة، وتحميله مسؤولية الإخفاقات المتتالية التي تعيشها.

ويريد المرزوقي أن يستثمر هذه الأزمة للعودة إلى الواجهة، ليس بالنسبة إلى التونسيين الذين خبروه ومن الصعب أن يقبلوا أيّ دور مستقبلي له، ولكن لدى من ينزعجون من إجراءات قيس سعيد ويريد مواجهتها خارج تونس وخصوصا في الغرب.

وبعد استنفاد ورقة الإسلاميين عموما، والغنوشي على وجه الخصوص، فهؤلاء يحتاجون "علمانيا" وبمسمّى رئيس سابق لمنح أيّ موقف زخما.

ويرى الباحث محمد ذويب أن "موقف المرزوقي من الغنوشي يعود لسببين: الأول يتعلق بالوضع الداخلي وخاصة عدم قدرة النهضة على القيام بردة فعل قوية على قرارات الرئيس قيس سعيد، هذا من جهة، ومن جهة ثانية أزمة النهضة الداخلية وانشقاق قيادات وازنة في التنظيم على غرار عبداللطيف المكي وسمير ديلو ومحمد بن سالم دون أن ننسى ذهاب القضاء في تفعيل قرار دائرة المحاسبات وبالتالي انتهاء حركة النهضة بشكلها القديم وخروج الغنوشي من الباب الصغير".

وأضاف ذويب في تصريح لـ"العرب" أن "السبب الثاني متعلق بالوضع الإقليمي والدولي، فالمرزوقي تأكد أن الخارج لن يعود مرة أخرى للتعويل على حركة النهضة في تونس وبالتالي حسم المرزوقي موقفه من الحركة وشيخها نهائيا وهو يحاول بكل الطرق طرح نفسه بديلا جديدا على الداخل والخارج".

وسبق أن وصف المرزوقي حركة النهضة بأنها "جزء من خراب البلاد"، وذراع من أذرع "الثورة المضادة"، كاشفا عن أنه تفاجأ عندما استمع في وقت سابق إلى الغنوشي، و"هو يدعو إلى التصويت لصالح زعيم الثورة المضادة (الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي)، ثم تحالف فيما بعد مع الأحزاب الفاسدة، ورموز الفساد".

وأكد الناطق باسم حزب التيار الشعبي محسن النابتي أن المنصف المرزوقي يحاول طرح نفسه كواجهة جديدة لمنظومة الربيع العربي، فهو وغيره من جماعات هذا الربيع أصبحوا يرون أن الغنوشي بات عبئا عليهم.

وأوضح النابتي في تصريح لـ "العرب" أن "المرزوقي وغيره من الجماعات يرون أن تغيير الغنوشي قد يحدث نوعا من المقبولية لدى الشارع التونسي (ولهذا) المرزوقي يحاول ترشيح نفسه كبديل".

وكان المرزوقي حليفا طوال سنوات لحركة النهضة الإسلامية وتقلّد منصب رئيس للجمهورية ليس بالانتخاب الشعبي المباشر وإنما بتوافقات حصلت مع الحركة في فترة حكم الترويكا. وكان توجهه السياسي والدبلوماسي واضحا وهو دعم المشروع القطري – التركي في تونس ودول أخرى كثيرة. وكانت حركة النهضة تحالفت مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي أسسه المرزوقي وحزب التكتل الديمقراطي، وقادت الائتلاف الحكومي بعد الثورة ضمن ما سمّي بالترويكا بين 2011 و2013.

وواجه المرزوقي انتقادات عديدة خلال فترة توليه الحكم، بسبب تحالفه مع حركة النهضة وعلاقته المتينة مع قطر وتيارات الإسلام السياسي، وموقفه من سوريا.

وانسحب المرزوقي في العام 2019 من الحياة السياسية، وهو ما عزاه مراقبون إلى نهاية أحلامه بالعودة إلى قصر قرطاج، خاصة بعد أن خسر ودّ الغنوشي وحركة النهضة التي بحثت عن خيارات أخرى في انتخابات 2014 و2019 لم يكن المرزوقي من ضمنها.

ورغم انسحابه من الحياة السياسية، إلا أنه ظلّ يطلق من حين إلى آخر تصريحات وانتقادات حادة تجاه الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لتونس ولدول الجوار، وهو متمسّك بدعمه للتيارات الإسلامية في الداخل والخارج، لكنه انقلب عليها فجأة