دماغ الإنسان وقلبه وكليتيه بشكل دائم على المحك بسبب المعدن الخطير

قاتل صامت اسمه الرصاص

متابعات

الرصاص معدن سام. يمكن أن يؤدي إلى تلف دماغ الإنسان وقلبه وكليتيه بشكل دائم. عند المستويات المرتفعة، يمكن أن يتسبب التسمم بالرصاص في حدوث نوبات وغيبوبة وحتى الموت.

علاوة على ذلك، حتى أصغر كميات الرصاص يمكن أن تؤذي أبدان الأطفال اذ ان دماغ الطفل حساس بشكل خاص لتسمم الرصاص.

وأظهرت الدراسات أن الأطفال الذين لديهم مستويات منخفضة من الرصاص في دمائهم يجدون صعوبة أكبر في التعلم وأنهم يفقدون في المتوسط من 2 إلى 4 نقاط في معدل ذكائهم مقابل كل 10 ميكروغرام زيادة في مستويات الرصاص في الدم. من المعروف الآن أنه لا يوجد مستوى آمن لتركيز الرصاص في الدم، وهو ما يعني أن وجود أي نسبة من الرصاص في دم الإنسان هو مشعر خطورة لا بد من الالتفات المدقق إليه.

ولقد تم أيضاً ربط المستويات المنخفضة من الرصاص في الدم عند الأطفال بقصر مدى الانتباه، ونقص مستوى الانتباه، وتردي قدرات التركيز العقلي، وفرط النشاط الحركي، والسلوكيات العدوانية. أظهر الباحثون أن الشباب دون سن 18 عاماً المسجونين بسبب جنوح الأحداث لديهم مستويات أعلى من الرصاص في أجسادهم من الشباب الآخرين من نفس الحي الذين ليس لديهم سجل جنائي.

يعد الطلاء المحتوي على الرصاص والغبار الذي يتشكل عند تآكل رقائق الطلاء من أكثر الأسباب شيوعاً للتسمم بالرصاص.

ويوجد في العالم المتقدم حظر على الاستخدامات السكنية للدهانات التي تحتوي على الرصاص. ومع ذلك، لا يزال مسموحاً به ويتم تصنيعه بشكل قانوني في جميع الدول النامية تقريباً، ولا يزال استخدام الدهانات التي تحتوي على الرصاص للأغراض السكنية والتجارية مسموحاً به في 60 ٪ من جميع البلدان على مستوى العالم.

يتدهور الطلاء المحتوي على الرصاص في المنازل بمرور الوقت، وبالتالي ينتج عنه غبار وشظايا الرصاص التي تتساقط على الأرض وتتجمع في هياكل النوافذ وعلى عتبات النوافذ والأرضيات والأماكن المسطحة الأخرى. ويتعرض الأطفال الصغار، وخاصة الرضع والأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 سنوات، لمخاطر صحية أكبر من الطلاء والغبار المحتوي على الرصاص.

ويدخل الطلاء المحتوي على الرصاص في أجسام الأطفال بعدة طرق. يمكن للأطفال تناول الغبار الملوث بالرصاص بعد وضع الألعاب الملوثة بغبار الرصاص في أفواههم، أو بوضع أصابعهم في أفواههم بعد الزحف على الأرض. يضع الرضع والأطفال الصغار كل شيء في أفواههم لأن هذه هي طريقتهم في استكشاف العالم. عندما يكون الأطفال الصغار طويلين بما يكفي للوقوف والنظر من النافذة، قد تبدو عتبة النافذة مثل العضاضة. إذا كان هناك طلاء به رصاص أو رصاص في الغبار الموجود على عتبة النافذة، فهذا يعد مصدراً جاهزاً للتسمم بالرصاص.

لذلك، يمكن أن تؤدي سلوكيات الطفولة الطبيعية إلى التسمم بالرصاص إذا كان هناك رصاص في الطلاء في منزلك. ومما يضاعف من هذه المشكلة حقيقة أن رقائق طلاء الرصاص طعمها حلو. يمكن لبعض الأطفال في الواقع أن يطوروا رغبة شديدة في الحصول على رقائق طلاء الرصاص، وهو مرض سلوكي يسمى"بيكا".

وسيبحث الأطفال المصابون بـمرض"بيكا" عن رقائق صغيرة من الطلاء الرصاصي ويجدونها ويأكلونها.

ويحب الأطفال الذين يعانون من مرض "بيكا" طعم الطلاء المحتوي على الرصاص لدرجة أنهم يصبحون مثابرين تماماً في العثور على رقائق صغيرة قد لا يلاحظها الكبار. لذلك، فإن أفضل طريقة لحماية الرضيع والطفل من التسمم بالرصاص هي التأكد من عدم وجود الرصاص في منزلك على الإطلاق، ويفضل أن يتم ذلك قبل الانتقال إليه.

يجدر دائماً أن نتذكر أنه نظراً لأن دماغ الطفل وجهازه العصبي لا يزالان في طور النمو، فإن التعرض المباشر حتى لكميات صغيرة جداً من الرصاص بأي طريق يمثل خطراًشديداً للتسمم بالرصاص وعواقبه الصحية المأساوية. علاوة على ذلك، إذا تعرضت المرأة الحامل لحالة تسمم شديدة بالرصاص، فقد تعاني من إجهاض أو ولادة جنين ميت أو ولادة مبكرة أو تمزق أغشية قبل الأوان. في المستويات المنخفضة من التسمم بالرصاص للأم الحامل، يمكن أن يتضرر دماغ الطفل وجهازه العصبي النامي بشكل لا رجعة فيه.

ويمكن أن يحدث التسمم بالرصاص بسهولة عندما تكون مياه الشرب ملوثة بالرصاص؛ حيث أن العديد من المجتمعات في جميع أنحاء العالم لديها أنابيب رصاص توصل المياه من محطات معالجة مياه البلدية إلى المنازل. على مر السنين، أصبحت الأنابيب مغطاة من الداخل بغشاء حيوي، وهي طبقة من المواد العضوية التي تراكمت مع مرور الزمن تعمل كطبقة واقية لمنع الرصاص من الاتصال المباشر بالماء. ولكن في الأماكن التي تكون فيها مياه البلدية حمضية، تعمل الحموضة على تآكل الأغشية الحيوية، مما يتسبب في إذابة الرصاص من الأنابيب ليصل إلى الماء.

وفي الواقع يأتي معظم الرصاص في مياه الشرب من الأنابيب والسباكة داخل المدارس والمنازل والمباني السكنية. في أوائل ومنتصف القرن العشرين، شاع استخدام أنابيب الرصاص في السباكة المنزلية. لذلك، إذا كان لديك منزل قديم ولم يتم تحديث نظام السباكة مطلقاً، فقد لا يزال لديك أنابيب من الرصاص تنقل المياه من أنابيب المياه الرئيسية في المدينة إلى صنابيرك.

إذا كان لديك مياه آبار، يجب أن يتم اختبار المياه الخاصة بك لمعرفة المحتوى الرصاصي بواسطة مختبر معتمد لوجود حالات كثيرة لتلوث مياه الآبار بالمواد الكيميائية السامة من المصانع ومحطات الوقود ومواقع النفايات الخطرة، ولأن المواد الكيميائية يمكن أن تنتقل لمسافات طويلة عبر طبقات المياه الجوفية،وهو ما يعني احتمال لأن يكون مصدر التلوث بعيداً عن البئر الملوث.

لا يعني وجود الرصاص في المياه بالضرورة أنك بحاجة إلى استبدال أنابيب السباكة في منزلك. في معظم الحالات، أسهل طريقة للتخلص من أي رصاص في مياه الشرب أو مياه الطهي قبل استخدامها للشرب أو الطهي هي تشغيل الماء البارد لمدة 30 ثانية أو نحو ذلك لنبذ المياه الراكدة بعد بقاءها في الأنابيب لساعات في وقت ما، مثل ما بعد العمل أو المدرسة وأول شيء في الصباح، لأن المياه من مورد مياه البلدية تكون عموماً خالية من الرصاص عندما تغادر محطة معالجة المياه، ويسمح لك تشغيل المياه قبل استخدامها بالوصول إلى المياه الخالية من الرصاص التي لم تكن موجودة في السباكة المنزلية طوال الليل أو لساعات في وقتما، مما يتيح وقتاً لتسرّب الرصاص من الأنابيب المنزلية أو لحام الأنابيب الذي يحتوي على الرصاص خلال فترة الركودة تلك . واستخدم دائماً الماء البارد للشرب والطهي وصنع حليب الأطفال لأن الماء الساخن يمكن أن يحرر المزيد من الرصاص من أنابيب السباكة المنزلية. وبالمثل، إذا كنت تستخدم بئراً كمصدر للمياه، فلا يزال يتعين عليك تشغيل الماء لمدة 30 ثانية، بعد أن ظل لفترة من الوقت داخل الأنابيب التي تجلب المياه إلى منزلك، حتى تكون في أمان.

في العقود الأخيرة، كان الرصاص يتدفق إلى كل ركن من أركان العالم عبر الألعاب المصنعة في الصين وغيرها من البلدان الأقل في مستوى الرقابة الصحية. ولقد تضمنت عمليات سحب المنتجات أو تحذيرات عن بعض المنتجات بسبب محتوى الرصاصفيها ما يلي:

  • أقلام تلوين مصنوعة في الصين
  • أطقم شاي صينية لبيوت الدمى لألعاب الأطفال
  • بعض الألعاب الملونة المستوردة من المكسيك والصين
  • تماثيل الرصاص المستخدمة في ألعاب المغامرات للأطفال والمراهقين

ومن المعروف أن الأواني الفخارية والخزفية كالصحون والفناجين المستوردة من الصين والدول الأخرى الأقل في مستوى الرقابة الصحية تحتوي على الرصاص في تكوين الطلاء المستخدم فوقه. بالإضافة إلى ذلك، عندما تكون الطبقة اللامعة الزجاجية التي تغطي الخزف والطلاء فوقها غير كاملة في الأواني الفخارية، يمكن أن يتلامس الرصاص من الطلاء الموجود أسفل الطبقة اللامعة مع طعامك. يتمثل الخطر الأكبر في استخدام إناء خزفي مطلي بطبقة زجاج لماع بشكل غير صحيح في تخزين السوائل الحمضية فيه كما في حالة الطعام المطبوخ بعصيدة البندورة الحامضية في إناء خزفي من ذلك النوع غير المصنوع جيداً حيث يمكن للحمض الموجود في عصير البرتقال إذابة الرصاص في الطلاء تحت طبقة الزجاج اللماع،مما يؤدي إلى تعرض للرصاص بشكل كبير في وقت لاحق بعد اجتراع السوائل والأطعمة الملوثة بالرصاص التي كانت مخزنة فيه.

من الحكمة دائماً أن تولي اهتماماً خاصاً للأواني الخزفية أو الفخارية التي:

من صناعة يدوية وذات مظهر خام أو شكل غير منتظم.

  • عتيقة.
  • تالفة أو متهالكة بشكل مفرط.
  • تم شراؤها من أسواق السلع المستعملة أو الباعة الجائلين، أو إذا كنت غير قادر على تحديد ما إذا كان الفخار أو الخزف هو من جهة تصنيع موثوقة أم لا.
  • مزخرف بألوان زاهية باللون البرتقالي أو الأحمر أو الأصفر، حيث يتم استخدام الرصاص مع هذه الأصباغ لزيادة شدتها.

علاوة على ذلك، فإن الشموع المصنعة في البلدان متواضعة الإجراءات الصحية الرقابية تحتوي على الرصاص في فتائلها. يمكن أن ينتج الفتيل المحتوي على الرصاص أبخرة الرصاص أثناء احتراقه، مما يتسبب في أخطار جسيمة إذا تم استنشاق تلك الأبخرة. كما تم العثور على الرصاص في بعض الحلوى المستوردة ومسحوق الفلفل الحار والتوابل من الصين والهند وأماكن أخرى. يدخل الرصاص في هذه المنتجات عندما يتم تجفيف وتخزين وطحن المكونات بشكل غير صحيح. كما تم العثور على الرصاص في أغلفة بعض أنواع الحلوى حيث قد يحتوي حبر الأغلفة البلاستيكية أو الورقية على الرصاص الذي يتسرب إلى الحلوى.

من المهم ملاحظة أن مستحضر تجميل شائع يستخدم عادة لتظليل العيون يسمى الكحل في أجزاء من إفريقيا والشرق الأوسط وباكستان والهند يحتوي أيضاً على الرصاص ويجب عدم استخدامه. كانت هناك أيضاً تقارير عن استخدام الرصاص في مستحضرات التجميل الأخرى، مثل أحمر الشفاه، والذي يستخدم بشكل عام لجعل لونه أكثر لمعاناً.

في الواقع، طالما يوجد طلاء به رصاص في منازلنا، ويوجد أنابيب من الرصاص في نظام مياه الشرب لدينا،ويوجد رصاص في التربة، والأهم من ذلك الرصاص الذي يأتي من النفايات الصناعية التي تصب في الأنهار والبحار أو ملقاة تحت الأرض، سيستمر ظهور الآثار المأساوية لوباء التسمم بالمعدن القاتل.