المعارضة النيابية تهدد بالتصعيد في حال جرى تجميد عمل لجنة العفو
العفو الأميري تحول إلى مأزق للسلطة في الكويت
أثارت تسريبات عن تجميد أعمال اللجنة المكلفة بالنظر في العفو الذي أقره أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح قبل فترة، صدمة في الأوساط النيابية الكويتية. وهدد عدد من أعضاء مجلس الأمة بالذهاب إلى طرح قانون للعفو الشامل، إذا ما صحت تلك التسريبات.
وقالت أوساط سياسية كويتية إن تعليق عمل لجنة العفو أمر متوقع، خصوصا بعد أن عمد عدد من المعارضين العائدين من المنفى إثر قرار العفو عنهم، إلى شن حملة تحريض واسعة على رئيس الوزراء المكلف الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح ورئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، في محاولة لخلط الأوراق وإجهاض جهود التهدئة.
وأوضحت الأوساط أن الغاية الأساسية من إقرار العفو الأميري عن نواب سابقين ونشطاء معارضين كانت تهدئة الأجواء المتوترة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتحقيق الحد الأدنى من الاستقرار السياسي للتركيز على أولويات المرحلة وفي مقدمتها التعافي الاقتصادي، لكن ما حصل هو العكس.
ولفتت الأوساط السياسية إلى أن عددا من النواب السابقين ومنذ وصولهم إلى أرض الكويت أعلنوا “حربا كلامية” على الشيخ صباح الخالد ومرزوق الغانم، ولم يقف الأمر عند ذلك فقد عمد أحدهم إلى دعوة كتلة المعارضة الحالية في مجلس الأمة إلى عقد اجتماعات لرسم خارطة طريق تستهدف محاصرة الثنائي.
وكان النائب السابق فيصل المسلم شن بعد ساعات قليلة من وصوله إلى أرض الكويت قادما من تركيا هجوما لاذعا على رئيس الوزراء ورئيس مجلس الأمة الذي وصفه بـ”عدو الشعب”، داعيا إلى ضرورة التحرك للإطاحة بهما.
وسرعان ما تلقف مسلم البراك النائب السابق المثير للجدل والعائد هو الآخر من تركيا بموجب قرار العفو الأميري، هجوم المسلم ليدعو كتلة الإحدى والثلاثين إلى الاجتماع لتسوية الخلافات بين أعضائها و”رسم خارطة طريق لتحقيق الأهداف المرجوة التي أرادها المواطنون يوم أدلوا بأصواتهم في الانتخابات الأخيرة”، في إشارة إلى إزاحة الغانم والشيخ صباح الخالد.
يذكر أن للبراك حسابات مع الثنائي، وسبق وأن خاض مواجهات معهما، وصلت أصداؤها إلى القضاء، ويرى مراقبون أن النائب السابق يحاول تصفية تلك الحسابات من خلال تحريض النواب الحاليين.
والمسلم والبراك هما من ضمن الدفعة الأولى التي وردت أسماؤهما في قائمة لجنة العفو، التي سبق وأكدت أنها بصدد إقرار قائمات جديدة عن مواطنين كويتيين صادرة بحقهم أحكام بالسجن.
وتشكلت اللجنة في أكتوبر الماضي بناء على قرار أميري أصدره الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح عقب حوار وطني كان دعا إليه بين الحكومة ونواب المعارضة على أمل إنهاء التوترات التي تفجرت على مدار الأشهر الماضية بين الطرفين وعطلت دواليب الدولة وأعاقت إقرار تشريعات ضرورية لاسيما في ما يتعلق بإنعاش مالية الإمارة.
وتضم اللجنة إلى جانب رئيس الوزراء ورئيس مجلس الأمة، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ورئيس محكمة التمييز المستشار محمد العجيل.
وأكدت الأوساط السياسية أن التسريبات التي تحدثت عن تعليق عمل اللجنة، تبدو صحيحة، خصوصا وأنه لم يصدر عن السلطة التنفيذية أي نفي له، مشيرة إلى أن هذا العفو تحول إلى لعنة بالنسبة إلى السلطة التنفيذية، وهي تسعى اليوم لتدارك ذلك.
وأشارت الأوساط إلى أن العشرات من الأشخاص الصادرة بحقهم أحكام قضائية والذين ينتظرون أن تنالهم يد العفو، هم الضحية الأبرز لاندفاعة بعض من تم العفو عنهم.
وكانت وسائل إعلام كويتية نقلت عن مصادر حكومية قولها إنه تم تجميد أعمال لجنة العفو، ولفتت تلك المصادر إلى أنه كان “من المقرر أن ترفع اللجنة أسماء جديدة إلى القيادة السياسية، مطلع الشهر الجاري، تمهيدا لشمولها بشكل رسمي في قوائم العفو الجديدة”.
وأضافت “لكن الندوات السياسية الأخيرة لبعض المشمولين بالعفو، والتي أقحمت المقام السامي في خطاباتها؛ دفعت باللجنة إلى تعليق اجتماعها المقرر عقده خلال أيام”.
وأكدت أحد المصادر أن قرار تجميد اجتماعات “لجنة العفو” سيظل ساريا حتى إشعار آخر، بعد أن كان مقررا عقد اجتماعات أسبوعية بشكل دوري.
وأثارت هذه التسريبات ضجة في الأوساط النيابية ووصف عدد من أعضاء مجلس الأمة تعليق عمل اللجنة بـ”الابتزاز”، متوعدين باستعجال قانون للعفو الشامل.
واعتبر النائب شعيب المويزري أن “تجميد لجنة العفو الخاص حتى إشعار آخر يعني حرمان الكثير من المغردين وأصحاب الرأي المسجونين والمهجرين من العودة إلى وطنهم ولم شملهم مع أسرهم، وهذا يلزمنا بتقديم قانون العفو الشامل في أول جلسة قادمة مع القوانين التي ينتظرها الشعب الكويتي".
وقال الصيفي مبارك الصيفي في تغريدة على حسابه على تويتر إن “العفو مكرمة أميرية من أمير البلاد”، مضيفا “محاولة الغانم وصباح الخالد ربطه بخطاب أو مواقف سياسية هنا وهناك أمر غير مستغرب منهما، لأن هذا ديدنهما، ودليل يؤكد أنهما غير مؤهلين لحجم المسؤولية الملقاة عليهما".
ورأى النائب مبارك الحجرف أن “تحالف المصالح غير الشرعي بين الرئيسين المعزولين شعبيا لن يولد إلا المزيد من الآلام لأهل الكويت، والاستغلال لمكرمة الأمير وولي عهده الأمين هو استمرار للإفلاس السياسي بأعلى درجاته”.
واعتبر مراقبون أن قرار تجميد عمل اللجنة ورد فعل النواب يشيان بأن الكويت مقبلة على تصعيد جديد بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهذا من شأنه أن يضر بجهود إقرار تشريعات مالية الإمارة في أمسّ الحاجة إليها.