برشلونة ويوفنتوس يفقدان هيبتهما القارية

وكالة أنباء حضرموت

كانت أبرز ملامح الجولة الخامسة من مباريات دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم الصدمة الجديدة لبرشلونة ويوفنتوس. وحسمت الجولة الخامسة انتقال كل من برشلونة ويوفنتوس إلى مسابقة الدوري الأوروبي بعدما ودع كل منهما مسابقة دوري الأبطال رسميا بغض النظر عن نتائج الجولة الأخيرة، ولكنهما ضمنا المركز الثالث في مجموعتيهما لينتقلا إلى البطولة المرتبة الثانية على مستوى الأندية في أوروبا.

وحقق نادي برشلونة الإسباني بداية موسم موجعة في دوري الأبطال، مع إقصائه رسميا بخسارة مذلة على أرضه ضد بايرن ميونخ الألماني الذي ضمن تأهله سابقا بثلاثية، وذلك رغم انتقالات مترفة في الفترة الصيفية.

وبعد إقصائه الأربعاء مبكرا من دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا في كرة القدم للموسم الثاني تواليا، حصد الفريق الكتالوني خسائر مالية تتزامن مع تصدّع هيبته كأحد أبرز الأندية في القارة العجوز.

وكان برشلونة قبل عقد من الزمن في قمة مستوياته، مع أسلوب “تيكي تاكا” المبني على الاستحواذ والتمريرات القصيرة، بقيادة المدرب الفذ بيب غوارديولا (2008 – 2012)، وتنفيذ من العبقري الأرجنتيني ليونيل ميسي ومساعديه آندريس إنييستا وتشافي هيرنانديز مدرب الفريق الحالي.

مرّة جديدة، يقع النادي فريسة التراجع إلى البطولة القارية الرديفة يوروبا ليغ، باحتلاله المركز الثالث في مجموعته الثالثة مع 4 نقاط فقط في 5 مباريات، مقابل 15 لبايرن و10 لإنتر الإيطالي.

رغم ذلك، يبقى برشلونة بين أغنى خمسة أندية في العالم. حسب دراسة دوري المال الأوروبي التي تنشرها شركة ديلويت كل عام، حقق برشلونة إيرادات بلغت 582 مليون يورو في موسم 2020 – 2021، أي أكثر من باريس سان جرمان الفرنسي وليفربول وتشيلسي الإنجليزيين.

حسابات مختلفة 

لا يزال ملعبه كامب نو الأكبر في أوروبا (99 ألف متفرّج)، ويستعد لحملة تجديد جميلة. ولا يزال مركز تكوين لاعبيه من الأفضل في العالم، وقد تخرّج منه أخيراً لاعبا الوسط بيدري وجافي البارزان على الساحتين القارية والدولية مع منتخب إسبانيا.

وفي عمر الثامنة عشرة، خاض جافي حتى الآن 12 مباراة دولية وبيدري 14 مباراة في عمر التاسعة عشرة. مع غريمه ريال مدريد، يُعدّ برشلونة النادي الأكثر متابعة على وسائل التواصل الاجتماعي، مع نحو 260 مليون متابع (نحو 280 مليونا للفريق الملكي).

لكن حسابات الملعب لم تطابق حسابات الإدارة الجديدة لبرشلونة التي سعت بشتى الطرق إلى موازنة أرقامه المالية وتغطية ديونه. عقد رعاية هائل مع سبوتيفاي، رهن جميع الأصول وإنفاق 143 مليون يورو في فترة الانتقالات الأخيرة. لكن البلاوجرانا أقصي مجددا من دور المجموعات في أغنى البطولات. لم يحصل ذلك في موسمين تواليا منذ 1998 – 1999.

 إقرار صريح بالرسوب أمام الغريم التاريخي ريال مدريد الذي هزمه 3 – 1 في كلاسيكو البرنابيو الأخير، ويتلذذ بحمله لقبي دوري الأبطال والدوري الإسباني. يتخوّف برشلونة من الأسوأ بعد العودة من توقف مونديال قطر. تأثر برشلونة كثيرا الموسم الماضي من إقصائه الأوروبي المبكر، رحيل أسطورته ميسي إلى سان جرمان والهزات الاقتصادية التي ضربت أركانه. في الربيع الماضي، خرج من ربع نهائي اليوروبا ليغ أمام آينتراخت فرانكفورت الألماني الذي أحرز اللقب لاحقا.

بعيدا عن الجانب النفسي، كلّف هذا الإقصاء كثيرا. 20 مليون يورو خسائر. في 9 أكتوبر الجاري وخلال الجمعية العمومية، قدّمت الإدارة ميزانية مؤقتة قياسية قدرها 1.255 مليار يورو.

على اعتبار أن الفريق سيبلغ على أقل تقدير ربع نهائي دوري الأبطال. بالخروج من دور المجموعات، يكون برشلونة قد خسر مكافآت الاستحقاق من الاتحاد الأوروبي (يويفا) 9.6 مليون يورو للتأهل إلى ثمن النهائي، و10.6 مليون يورو لبلوغ ربع النهائي. مجموع الربح الفائت يبلغ 20.2 مليون يورو ولن يتم تعويضه حتى في حال التتويج بلقب اليوروبا ليغ (مجموع جوائز الفائز 14.4 مليون يورو).

ناهيك عن الخسائر بسبب النتائج السيئة في دور المجموعات، تراجع حجم بيع التذاكر والمنتجات المشتقة، نظراً إلى الاهتمام الضئيل بمباريات اليوروبا ليغ مقارنة مع دوري الأبطال. ويصعب تصديق أن يستعيد برشلونة وهجه حتى في حال التتويج بلقب اليوروبا ليغ، علما بأنه لا يزال من المحرضين على إطلاق دوري السوبر الأوروبي الانشقاقي عن المسابقة القارية الأولى (دوري الأبطال).

قال تشافي هرنانديز مدرب برشلونة إن فريقه بحاجة إلى ترك خيبة الأمل في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم خلفه في أقرب وقت ممكن والتركيز على تحسين أدائه للمنافسة على لقبي الدوري الإسباني والدوري الأوروبي. ولم يقدم المدرب أي أعذار بعد الخسارة.

وقال تشافي في مؤتمر صحفي في كامب نو “هذا هو واقعنا وعلينا مواجهته. ربما هذا ما كنا بحاجة إليه، أن نتلقى ضربة من أجل النمو. كان الأمر قد انتهى بالفعل، وكان الأوان قد فات لفعل أي شيء. السبب الرئيسي الذي جعلنا نصل إلى هذا الموقف هو أخطاؤنا في المباريات السابقة، فشلنا في أن نكون حاسمين في الهجوم. نخرج بشعور سيء حقا لكننا بحاجة إلى إعادة البدء من جديد للقتال من أجل الألقاب الأخرى المتبقية”.

وكانت الهزيمة ضربة أخرى لبرشلونة بعد أن خسر صدارة الدوري المحلي عقب الهزيمة 3 – 1 أمام ريال مدريد في مباراة قمة الأسبوع الماضي. وجاء ذلك بعد التعادل 3 – 3 مع إنتر ميلان في كامب نو الذي جعل الفريق على وشك الخروج من دوري أبطال أوروبا.

وقال تشافي “تلك المباراة ضد إنتر كانت الأكثر تأثيرا علينا وعلي شخصيا، عندما فقدنا التحكم في مصيرنا، وأعتقد أنها كانت قاسية حقا على فريقنا. لكن علينا أن نبقى معا. مشجعونا كانوا رائعين الليلة، كان من الرائع رؤية أكثر من 85 ألف متفرج في كامب نو يدعموننا حتى النهاية. لكن لم نقدم ما يسعدهم على أرض الملعب. لا تزال هناك بطولات أخرى ننافس عليها. إنها ضربة قوية لكننا نحتاج إلى أن ننتقد أنفسنا حتى نتمكن من الفوز بتلك الألقاب”.

الإخفاق “لسوبر”
 
يحوم الغموض حول مستقبل قادة برشلونة الثلاثة خلال الفترة المقبلة، لاسيما بعد خروج بعضهم من حسابات المدرب تشافي هيرنانديز. ويعيش البارسا، فترة عصيبة على الصعيد الأوروبي، لاسيما بعد إقصائه من دوري الأبطال للموسم الثاني على التوالي، رغم الصفقات المميزة التي أبرمها في الصيف الماضي.

وكانت تقارير صحفية قد أفادت باحتمالية تخلص البارسا من الثنائي جيرارد بيكيه وجوردي ألبا في يناير المقبل. ورغم ذلك، أفادت صحيفة “موندو ديبورتيفو” بأن البارسا لم يدخل في مفاوضات حتى الآن مع الثلاثي بيكيه وألبا وسيرجيو بوسكيتس بشأن مستقبلهم مع الفريق.

أشارت إلى عدم جلوس إدارة النادي مع أي من الثلاثي حتى الآن لإيجاد مخرج له، وهو ما لم تستبعد حدوثه في القريب العاجل. لكن هناك عائق أشارت إليه الصحيفة، يتعلق بمخاوف إدارة خوان لابورتا من مخالفة قواعد اللعب النظيف، خشية تأثيره على تحركات البارسا في سوق الانتقالات. يحاول لابورتا توفيق أوضاعه مع رابطة الليغا باستمرار قبل أي تحرك، سواء بجلب صفقات جديدة أو التخلي عن لاعبين في الفريق، تجنبا لأي مشاكل يتعرض لها النادي لاحقا.

ويُعدّ الإخفاق الأوروبي ليوفنتوس الإيطالي الذي ودّع باكرا دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا في كرة القدم، صفعة جديدة لأندريا أنييلي الرئيس الحالم بدوري السوبر لكن المنغمس في اضطرابات رياضية مالية وقضائية. لا يزال أنييلي يقوم بحملة مع ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين لبطولة خاصة جديدة بين أندية النخبة في أوروبا تهدف إلى الإطاحة بدوري الأبطال.

لكن البطولة القارية الرديفة يوروبا ليغ تنادي يوفنتوس راهنا في أحسن الأحوال في حال حفاظه على مركز ثالث في مجموعة تأهل عنها باريس سان جرمان الفرنسي وبنفيكا البرتغالي، قبل جولة على ختام دور المجموعات. لخّصت صحيفة “كورييري ديلي سبورت” الهزيمة في “يوفنتوس في الجحيم”، بالتناغم مع صحافة إيطالية أشارت إلى فشل بيانكونيري (الأسود والأبيض) في احتلال الوصافة على الأقل وراء باريس سان جرمان.

بهزيمة جديدة ضد بنفيكا البرتغالي 3 – 4 كان هذا الإقصاء متوقعا بعد مسار كارثي شهد أربع خسارات قياسية في خمس مباريات ضمن دوري الأبطال. إقصاء يؤكّد التراجع الأوروبي لناد بلغ النهائي تسع مرات وتوّج مرتين، وذلك بعد توديعه من ثمن النهائي في المواسم الثلاثة الماضية ضد خصوم من الوزن المتوسط على غرار ليون الفرنسي، بورتو البرتغالي وفياريال الإسباني. وهذه أوّل مرة يودّع فيها يوفنتوس دور المجموعات منذ موسم 2013 – 2014.

رغم المردود المتذبذب جدّد أنييلي الثقة في مدربه ماسيميليانو أليغري الذي قاد الفريق إلى إحراز لقب الدوري “سيري أ” بين 2015 و2019 والعائد في 2021 بعد فترتين قصيرتين لماوريتسيو سارّي ثم أندريا بيرلو.

تخلّ باهظ 

يتمسّك الرئيس بسياسة عدم الحكم على المدرب قبل انتهاء الموسم، كما فعل بدءا من العام 2010. لكن هذا الأمر لم يخفّض منسوب الانتقاد ضد أليغري، إذ يراوح فريقه في المركز الثامن في الدوري بفارق عشر نقاط عن نابولي المتصدر. وبعيدا عن المدرب، فإن إستراتيجية الانتقالات لم تأت بالنفع المأمول، فقد تعرّض نجما الوسط الفرنسي بول بوغا والأرجنتيني أنخل دي ماريا للإصابة.

إذا كان ثمن التخلي عن أليغري سيكون باهظا نظرا إلى ارتباطه بعقد حتى 2025، بدأت وسائل إعلام تركّز على الخسائر المحتملة نتيجة ضعف الأداء الحالي. سيشكّل الإقصاء من دوري الأبطال ربحا فائتا بنحو 20 مليون يورو، حسب موقع “كالتشو إي فينانتسا”.

أما الغياب عن النسخة المقبلة، في حال فشل الحلول بين الأربعة الأوائل في الموسم الحالي، فسيحرم “السيدة العجوز” من مكاسب قد تصل إلى سبعين مليون يورو حصدها الموسم الماضي. “من يدفع ثمن الضرر؟”، هكذا عنونت صحيفة “توتوسبورت” منتقدة “إنفاق 175 مليون يورو” سنويا على اللاعبين والمدرب.

وفيما يهدف النادي إلى تسوية حساباته المالية، واجه أرقاما سلبية في السنوات الخمس الماضية وبلغت خسائره 225 مليون يورو الموسم الأخير: عجز قياسي في كرة القدم الإيطالية. التزم مع الاتحاد الأوروبي للعبة (ويفا) بالامتثال لقواعد اللعب المالي النظيف.

بالنسبة إلى موقع “كوتيديانو سبورتيفو” فإن يوفنتوس يدفع ثمن “السباق مع العمالقة” المنطلق خصوصا مع استقدام البرتغالي كريستيانو رونالدو (2018 – 2021) بصفقة كبيرة أرخت بظلالها على الحسابات.

تعيّن على النادي أن يكون أكثر إبداعا لضبط عجزه. ضاعف عمليات “تبادل كاذبة” للاعبين تتضمن عمليات انتقال مع أندية أخرى دون تبادل مالي لكن تسمح بتحسين البيانات. كانت تلك الممارسات عرضة لتحقيق من قبل القضاء الإيطالي. وفي استنتاجات أرسلت الاثنين إلى أشخاص معنيين، بينهم الرئيس أنييلي، قدّرت النيابة العامة في تورينو الأرقام “الخيالية” بنحو 155 مليون يورو بين 2018 و2021، حسب وسائل الإعلام.

قام النادي المدرجة أسهمه بالبورصة بإخفاء العقود الخاصة مع اللاعبين، بينهم رونالدو، عن المستثمرين، لتسوية بعض الرواتب المؤجلة. وكرّر يوفنتوس على غرار فتح التحقيق في 2021، أنه “عمل وفق القوانين واللوائح التي تحكم إعداد التقارير المالية”. يتعين على القضاء البت الآن ما إذا كان سيضع الرئيس أنييلي ومسؤولين آخرين أمام المساءلة.