سلة خبز العراق تشهد جفافا غير مسبوق

التراجع الحاد في مخزون السدود يثير المخاوف في العراق

بغداد

باتت أغلب سدود العراق مهددة بالجفاف بسبب شح الأمطار، وكذلك احتكار تركيا وإيران لمياه الأنهار المشتركة، الأمر الذي أثر بشكل كبير على المنتجات الزراعية التي يحتاجها العراقيون.

 

وحذر عون ذياب عبدالله، المستشار في وزارة الموارد المائية بالعراق، من أن “المخزون المائي في السدود وصل إلى أوضاع حرجة بسبب استهلاك كميات كبيرة من المياه في فصل الصيف حيث تعول وزارة الموارد المائية على هطول الأمطار خلال فصل الشتاء”.

 

وذكر أن الواردات المائية من تركيا هي الأساس حيث تصل مساهمتها في نهر دجلة إلى نسبة 40 في المئة بينما تبلغ مساهمة إيران 18 في المئة، وهذه لها تأثير في المدن الشرقية ولاسيما محافظة ديالى التي لا تتوفر فيها مصادر مياه بديلة.

 

وتقول تقارير عراقية إن كميات المياه الواردة من تركيا وإيران انخفضت بنسبة خمسين في المئة نتيجة بناء العديد من السدود والمشاريع على منابع نهري دجلة والفرات، في وقت تعجز فيه الحكومة العراقية عن البحث عن حلول لهذا الوضع الصعب الذي دفع بالعديد من المزارعين إلى التخلي عن مشاريعهم والانتقال للعيش في أحزمة المدن.

 

وسبق أن حذر وزير الموارد المائية العراقي مهدي الحمداني في مايو الماضي من أن ندرة هطول الأمطار أدت إلى انخفاض تدفق نهري دجلة والفرات إلى 50 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وتتجه أصابع الاتهام إلى تركيا التي استأثرت بالكميات الأكبر لحساب سدودها.

 

ويشكو العراقيون من أن إيران تقف وراء جفاف نهر سيروان، أحد روافد نهر دجلة، الذي ينبع من إيران ويغذي سدّ دربنديخان في محافظة السليمانية في إقليم كردستان، قبل أن يواصل مسيره إلى محافظة ديالى الزراعية.

 

ويقول خبراء في المجال إن ضعف الموقف الرسمي العراقي يقف وراء الاستغلال المفرط من قبل كلّ من تركيا وإيران لمياه الأنهار التي تنبع من أراضيهما، وعدم التوصل إلى اتفاقيات واضحة مع الجانب العراقي بشأن تقاسم الحصص المائية، ما أدى إلى تفاقم المشكلة من سنة إلى أخرى.

 

وحذر الرئيس العراقي برهم صالح في يونيو من تداعيات تفاقم أزمة المياه على العراق، مشددا على أن التغير المناخي وآثاره الاقتصادية وأضراره البيئية الكبيرة يمثل أخطر تهديد مستقبلي لجميع أنحاء العراق.

 

وكانت وزارة الزراعة العراقية قد خفضت مستويات خطتها الزراعية لجميع المحاصيل خلال العام المقبل إلى النصف بسبب تدني مخزون العراق المائي في نهري دجلة والفرات وروافدهما.


وعامًا بعد عام تزداد أزمة المياه سوءا في العراق بالتزامن مع تراجع معدلات هطول الأمطار وتمدّد الجفاف، إلى أن بات العراق البلد “الخامس في العالم” الأكثر تأثرا بالتغير المناخي بحسب الأمم المتحدة.

 

وتشرح سماح حديد، من منظمة المجلس النرويجي للاجئين غير الحكومية، أنه مع “الانخفاض القياسي في منسوب الأمطار، وتراجع تدفق المياه” من نهريه التاريخيين دجلة والفرات إثر بناء إيران وتركيا المجاورتين سدودا، بات العراق يواجه “أسوأ أزمة جفاف في عصره الحديث”.

 

وكان الجفاف هذه السنة قاسيًا وشديدا إلى حدّ غير مسبوق على مناطق عراقية مختلفة خاصة في الشمال مثل نينوى التي تعدّ سلة خبز العراق، كونها تضم أراضي زراعية شاسعة تصل مساحتها إلى ستة ملايين دونم وتعتمد الزراعة فيها على مياه الأمطار.

 

ولئن طالت الأزمة العراق برمته فإن هذه المحافظة المشهورة بزراعة الحنطة كانت “الأكثر تضررًا”، وفق المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف.

 

وإلى الشمال في دهوك بإقليم كردستان تسبّبت قلّة الأمطار في جفاف سدّ زاويته كاملاً، ما أدّى إلى تلف محاصيل التين والرمان في الحقول المجاورة وهجرة المزارعين إلى أحزمة المدن.

 

ويعتمد السدّ على مياه الثلوج والأمطار، لكن مدير الري في محافظة دهوك هيزا عبدالواحد يشرح أن “الأمطار كانت قليلة جدا في الموسم الماضي”.