رحل عن عمر 80 عاماً بعد معاناة مع المرض

الموت يغيّب غازي علي أحد أركان الموسيقى السعودية

الرياض

رحل أمس الثلاثاء، الموسيقار السعودي غازي علي، عن عمر ناهز الثمانين عاماً بعد معاناة مع المرض.


ويعد غازي أحد رموز الوسط الفني السعودي، ومن أوائل من درس الموسيقى، قبل أن يبدأ مسيرة فنية عريضة في التلحين، والمساهمة مع الرعيل الأول من نجوم المجال الفني السعودي، في تصميم هوية غنائية محلية، أضحت مع الوقت مدرسة مستقلة، لها تاريخها وملامحها وإنتاجها الخاص.


ولد الموسيقار علي، في حارة سوق القفاصة في المدينة المنورة نهاية الثلاثينات، وتربى في كنف والدته التي كانت ملمة بأدب الروايات، وترك هذان الحضنان أثرهما على طباعه وثقافته ووعيه، وأنتج في التغني بمسقط رأسه روائع «روابي قبا» و«شاربة من زمزم» و«ربوع المدينة»، التي التقت فيها أذناه صبياً، بألحان الموشحات، وشقت الطريق إلى قلبه وشغف بها، وفي مدينة جدة بعد انتقاله إليها، شارك في الغناء المدرسي وتلمس أول الطريق في مشواره الطويل.


سافر غازي علي إلى مصر، لدراسة الموسيقى عام 1959، في معهد الكونسرفتوار بالقاهرة، وهناك، تعلق بأغنيات محمد عبد الوهاب، ورافق الأديب السعودي طاهر زمخشري، الذي كان يصطحبه للقاء نخبة المجتمع القاهري من الأدباء والمثقفين والفنانين، وتوثقت علاقته أكثر بالموسيقي المصري المعروف رياض السنباطي، إذ كانا يقضيان أوقات طويلة في الغناء والتلحين، حتى تاريخ عودته إلى السعودية عام 1976.


وبعودته، سعى لاستثمار ما تعلمه عن الموسيقى أكاديمياً، في توطين هذه الصناعة محلياً، إذ أعد برامج لتعليم الموسيقى وتحليل كلاسيكياتها في الإذاعة السعودية، ثم عمل ولثلاث سنوات في تعليم الموسيقى، عبر المعهد الفني الذي افتتحه لدى جمعية الثقافة بجدة، لكن الرياح قاومته ولم تستجب لطموحاته، فأغلق المعهد لكنه استمر في تدريب النشء موسيقياً من منزله، وتخرج على يديه عدد من النجوم في المجال، مثل طلال سلامة وعلي عبد الكريم وعباس إبراهيم وغيرهم.


غنّى ولحّن غازي مجموعة كبيرة من الأغنيات الخالدة، التي ذاع صيتها وبقيت حية حتى اليوم، ومن أشهرها «أسمر حليوة» و«سلام لله يا هاجرنا»، كما اجتمع وصديقه الفنان طلال مداح في عدد من الأعمال والأوبريتات الوطنية، وتلقى عدداً من الجوائز، أبرزها من المعهد القومي العالي للموسيقى بمصر 1996، ومن «مهرجان الرواد العرب الأول» في جامعة الدول العربية، وشهادة تقدير من مجلس التعاون لدول الخليج العربي في الموسيقى والغناء بالإمارات 2007، وتكريم من وزارة الإعلام السعودية بمناسبة اليوم الوطني 2014، ومن رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ في ملعب الجوهرة بجدة 2017.


يروي غازي علي، في حديث صحفي سابق، أنّه وأثناء دراسته الموسيقى في مصر، تلقى خبراً حزيناً بوفاة شقيقه الطيار الحربي «صبري»، قبل ساعات من موعد الامتحان النهائي في المعهد، وهاتفته أمه لتسليته وتشجيعه على حضور الامتحان في موعده، وقالت له «اذهب وامتحن، كلنا إلى مآل»، وبقيت الكلمة عالقة في ذهنه، حتى وافاه الأجل أمس الثلاثاء، ليطوي معه مسيرة استمرت لأكثر من نصف قرن من العطاء الموسيقي والإخلاص لمجال الفن وصنعته.