مناشدات أممية وإقليمية لعدم تفويت فرصة «الوقف الفوري»
واشنطن تحض الإثيوبيين على التراجع عن «حافة الهاوية»
حضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، جميع المسؤولين الإثيوبيين على «التراجع عن حافة الهاوية»، محذرةً من تفويت فرصة الاستجابة للنداءات الدولية والإقليمية التي تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، في مناشدة كرر صداها مبعوث الاتحاد الأفريقي الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو، الذي دعا إلى «حوار جامع» بين الأطراف المتحاربة، في وقت حذّرت فيه وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو من أن خطر انزلاق إثيوبيا إلى الحرب الأهلية «آخذ في الاتساع».
وانفجرت التوترات السياسية التي استمرت لأشهر بين حكومة آبي أحمد وزعماء تيغراي الذين كانوا يهيمنون ذات يوم على الحكومة الإثيوبية، خلال حرب نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وبعد معارك ضارية، فر الجنود الإثيوبيون من ميكيلي، عاصمة تيغراي، في يونيو (حزيران) الماضي. وفي مواجهة الهجوم الحالي لقوات «جبهة تحرير شعب تيغراي» التي تقترب من أديس أبابا للضغط على أحمد للتنحي، أعلن رئيس الوزراء حالة الطوارئ الوطنية، الثلاثاء الماضي.
وكانت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو، تتحدث أمام جلسة لمجلس الأمن، إذ قالت إن النزاع في منطقة تيغراي في إثيوبيا وصل إلى «أبعاد كارثية»، محذرةً من أن هذا الوضع «يضع مستقبل البلاد وشعبها، وكذلك استقرار منطقة القرن الأفريقي الأوسع، في حال من عدم اليقين الشديد».
وأشارت إلى تقدم قوات تيغراي بالتنسيق مع «جيش تحرير أورومو» في اتجاه أديس أبابا، وإعلان الحكومة الإثيوبية حال الطوارئ وخوضها «حرباً وجودية»، بالإضافة إلى تردي الوضع الأمني في منطقة أوروميا واستمرار التوتر في أجزاء من منطقة بني شنقول - غوموز.
وقالت إن «خطر انزلاق إثيوبيا إلى الحرب الأهلية آخذ في الاتساع، وهو خطر حقيقي للغاية»، محذرةً من أن «التداعيات السياسية لتصاعد العنف في المنطقة ستكون هائلة». ونبهت إلى أنه «في بلد يزيد عدد سكانه على 110 ملايين نسمة، وفيه أكثر من 90 عرقية مختلفة، ومجموعات تضم 80 لغة، لا أحد يستطيع التكهن بما سيجلبه القتال المستمر وانعدام الأمن» في هذا البلد الأفريقي.
وأكدت أن أكثر من سبعة ملايين شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في شمال إثيوبيا وحدها، علماً بأن استمرار القتال يقوّض الجهود المبذولة لحشد المساعدة في تيغراي، حيث يحتاج أكثر من خمسة ملايين شخص إلى الغذاء ويعيش ما يقدَّر بنحو 400 ألف شخص في ظروف شبيهة بالمجاعة. وشددت على ضرورة «الوقف الفوري للأعمال العدائية» في كل أنحاء إثيوبيا، محذرةً من ازدياد حوادث خطاب الكراهية واستهداف الجماعات العرقية بمعدل ينذر بالخطر.
واستمع مجلس الأمن أيضاً إلى إحاطة من الممثل الأعلى للاتحاد الأفريقي للقرن الأفريقي أولوسيغون أوباسانجو، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من أديس أبابا حيث يقوم بمهمة وساطة. وأفاد بأن الوضع المتأزم في شمال إثيوبيا استمر في التدهور بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة، مما أدى إلى تصعيد خطير للوضع.
وأوضح أنه بعد المحادثات التي أجراها مع المسؤولين الإثيوبيين ورئيس الوزراء آبي أحمد ورؤساء منطقتي تيغراي وأورومو، يمكنه أن يقول إنهم جميعاً «يتفقون بشكل فردي على أن الخلافات بينهم سياسية وتتطلب حلاً سياسياً من خلال الحوار». وكشف أنه سيزور منطقتي أمهرة وعفر المجاورتين لتيغراي لتنسيق وجهات نظر القادة في المنطقة بشأن «انسحاب القوات من المناطق». ودعا أوباسانجو مجلس الأمن إلى «حض الحكومة الإثيوبية بقوة» و«جبهة تحرير شعب تيغراي» على الدخول في حوار سياسي دون أي شروط مسبقة والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، مع وصول إنساني من دون عوائق، وبدء فوري لحوار جامع يؤدي إلى مصالحة على الصعيد الوطني.
ونفت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، أن تكون الولايات المتحدة تدعم جانبا واحداً في النزاع، قائلة: «نحن نندد بكل أعمال العنف» من القوات الإثيوبية والإريترية والقوات التيغرانية وأنصارها، مضيفة أن وحدة وسلامة الدولة الإثيوبية «تواجهان تهديداً وجودياً من الداخل». وحذرت من أن ملايين المدنيين الأبرياء معرّضون للخطر مع اتساع نطاق الصراع وتقدم الأطراف المتحاربة نحو أديس أبابا. ولفتت إلى أن «هذه الحرب بين الرجال الغاضبين والمتحاربين -وإيذاء النساء والأطفال- يجب أن تتوقف»، داعيةً كل الأطراف «بأقوى العبارات الممكنة، إلى التراجع عن حافة الهاوية وقيادة شعوبهم نحو السلام».
وأجرى أوباسانجو والمبعوث الأميركي للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، محادثات عاجلة بحثاً عن وقف لإطلاق النار في الحرب المستمرة منذ عام والتي أودت بحياة الآلاف.
وعاد فيلتمان إلى إثيوبيا من كينيا، الاثنين الماضي. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، أيضاً: «نعتقد أن هناك نافذة صغيرة للانفتاح» للعمل مع أوباسانجو «لزيادة الجهود المشتركة لحل النزاع سلمياً». وكرر المخاوف الأميركية «بشأن خطر اندلاع أعمال عنف بين الطوائف» الإثيوبية.
وكان مقرراً أن يجتمع فيلتمان وأوباسانجو مساء أمس (الثلاثاء)، في أديس أبابا.
وكذلك أجرى وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث، «مناقشات بنّاءة» مع رئيس الوزراء آبي أحمد، وعدد آخر من المسؤولين في حكومته حول الوضع الإنساني في البلاد، وفقاً لبيان أصدرته الأمم المتحدة، مضيفاً أن غريفيث التقى أوباسانجو أيضاً. وأوضح أن غريفيث زار ميكيلي في تيغراي حيث التقى شركاء في المجال الإنساني وتفاعل مع سلطات الأمر الواقع بشأن الحاجة إلى وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين من خلال كل المناطق الخاضعة لسيطرتهم، واحترام المبادئ الإنسانية.
وفي مواجهة هذه التحديات، شدد غريفيث على أن «الأمم المتحدة، إلى جانب شركائها في المجال الإنساني، ستواصل العمل مع حكومة إثيوبيا ومع الشركاء المحليين والدوليين لدعم ملايين الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة في كل أنحاء البلاد».