رئيس الوزراء العراقي خلال لقائه الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن

مصطفى الكاظمي... صحافي سابق ورجل مخابرات لا يعادي أحداً

بغداد

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي نجا من «محاولة اغتيال فاشلة» فجر اليوم (الأحد)، هو رئيس سابق لجهاز المخابرات وصحافي سابق ومفاوض ماهر بات مستقبله السياسي مجهولاً بعد الانتخابات النيابية المبكرة التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول).

تسلّم الكاظمي، المولود في بغداد في 1967، رئاسة جهاز المخابرات الوطني العراقي في يونيو (حزيران) 2016، في عزّ المعارك ضدّ تنظيم «داعش».

وقد نسج خلال وجوده في هذا الموقع الاستراتيجي الذي أبعده عن الأضواء، روابط عدة مع عشرات الدول والأجهزة التي تعمل ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

في بداياته، كان الكاظمي الذي درس القانون في العراق، صحافياً وناشطاً مناهضاً للرئيس العراقي السابق صدام حسين من أوروبا التي لجأ إليها هرباً من النظام الديكتاتوري. وعاش سنوات في المنفى لكنه لم ينضم إلى أي من الأحزاب السياسية العراقية.

بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، عاد الكاظمي إلى العراق ليشارك في تأسيس شبكة الإعلام العراقي، تزامناً مع دوره كمدير تنفيذي لـ«مؤسسة الذاكرة العراقية»، وهي منظمة تأسست لغرض توثيق جرائم نظام البعث.

في عام 2016 كانت مفاجأة أن يُعيِّن رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي كاتبَ العمود والناشط الحقوقي في رئاسة جهاز المخابرات.

إضافةً إلى دوره في مكافحة الإرهاب والتهريب على أنواعه، طوّر الكاظمي مواهبه كمفاوض ووسيط.

ويقول سياسي مقرب من الكاظمي لوكالة الصحافة الفرنسية: «للكاظمي شخصية لا تعادي أحداً، صاحب عقلية براغماتية، ولديه علاقات مع كل اللاعبين الأساسيين على الساحة العراقية: علاقة جيدة مع الأميركيين، وعلاقة عادت إلى مجاريها مؤخراً مع الإيرانيين».

ويعرف الكاظمي كيف يكون صديقاً لعدوين فيما بينهما. فمع عودته إلى التقارب مع طهران، لم ينس صداقاته القديمة.

ونتيجة هذه العلاقات المنسوجة شرقاً وغرباً، حاول في الأشهر الأخيرة جعل بغداد تتمتّع بمركز دولي. فقد كانت العاصمة العراقية مسرحاً لمفاوضات وشهدت زيارة تاريخية للبابا فرنسيس في مارس (آذار)، واستضافت في أغسطس (آب) الماضي مؤتمراً دولياً، شارك فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ويرى مراقب غربي أنّ الكاظمي «يجسد عودة دولة عراقية ذات سيادة».

لكنّ فصائل موالية لإيران تتّهمه بأنه متواطئ في اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، على يد الولايات المتحدة في بغداد. وكان لا بدّ عليه لذلك أن يعيد تحسين صورته أمام طهران.

داخلياً، يواجه الكاظمي معارضة الحشد الشعبي، تحالف فصائل موالية لإيران منضوية في القوات الحكومية. ويطالب مناصرو الحشد، المناهض للولايات المتحدة، بانسحاب كامل للقوات الأميركية من العراق، ويواصلون الضغط على الكاظمي في هذا الصدد.

كما يحمّل هؤلاء المناصرون حكومة الكاظمي المسؤولية عن حصول «تزوير» في الانتخابات النيابية المبكرة التي تراجع فيها عدد مقاعد تكتل الفتح الممثل للحشد الشعبي.

وليس الكاظمي مرشحاً رسمياً لتولّي المنصب من جديد، لكن يرى بعض المسؤولين السياسيين فيه حلاً في حال تعثّرت المفاوضات بين القوى السياسية.

بعد حصوله على دعم الطبقة السياسية العراقية التي تحتكر السلطة منذ 16 عاماً، اضطر الكاظمي إلى إعادة نسج الروابط التي تقطعت مع العراقيين الغاضبين الذين تظاهروا خلال أشهر ضد السياسيين «الفاسدين».

حاول أيضاً التفاوض بشأن القنوات الاقتصادية الحيوية للبلاد، مع انهيار أسعار النفط عالمياً، إضافة إلى مسألة الإعفاءات الأميركية للعراق من العقوبات على إيران.

ويقول مدير الدراسات في معهد الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد توبي دودج: «إنه مفاوض بارز ولاعب ماكر».