الحكومة المغربية الجديدة تحمل على كاهلها مسؤوليات اجتماعية واقتصادية ثقيلة قد تصعّب مهمتها.

تقليص البطالة والفقر أكبر ضمان لنجاح الحكومة في المغرب

الرباط

تحمل الحكومة المغربية الجديدة بقيادة عزيز أخنوش على كاهلها مسؤوليات اجتماعية واقتصادية ثقيلة قد تصعّب مهمتها وتجعل نجاحها في تحقيق وعودها مهمة معقّدة تصطدم بتحديات كثيرة من بينها تداعيات جائحة كورونا على المغرب.

واعتبر الكاتب وأستاذ علم الاجتماع المغربي أحمد شراك أن نجاح الحكومة الجديدة في بلاده مرتبط باهتمامها بالشأن الاجتماعي، عبر تقليص البطالة ومواجهة الفقر، فالمسألة الاجتماعية هي سرطان المجتمع وكل حكومة لم تول الشأن الاجتماعي حقه من حيث تقليص البطالة وتضييق دائرة الفقر عبر إنجازات سياسية ملموسة لن يكتب لها النجاح والتوفيق.

وخلال سبتمبر 2020 قال تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط، ومنظمة الأمم المتحدة، والبنك الدولي إن تداعيات تفشي فايروس كورونا سترفع نسبة الفقر في المغرب إلى 19.87 في المئة خلال 2020 من17.1 في المئة في 2019.

وسبق للمغرب أن أطلق مبادرة اجتماعية قبل 16 عاما، سميت بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وهي عبارة عن برنامج وطني لمحاربة الفقر على مرحلتين، المرحلة الأولى ما بين 2005 و2010، والمرحلة الثانية ما بين 2011 و2015.

وخلال سبتمبر 2019 أطلق المغرب المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية تمتد 5 سنوات، بميزانية تقدر بنحو 18 مليار درهم (1.9 مليار دولار).

وأشار شراك، وهو أستاذ علم اجتماع بجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس (حكومية)، إلى أن “يوم الثامن من سبتمبر الماضي كان مميزا في المشهد السياسي المغربي لأنه فضلا عن كونه تاريخ استحقاق وطني فقد أفرز خارطة سياسية فيها الكثير من الجدية كما فيها الكثير من المفاجأة”.

وحسب رأيه فإن كل المتابعين كانوا ينتظرون أن يتراجع العدالة والتنمية عن قيادة الأغلبية إلى الرتبة الثالثة أو الرابعة فقط أما أن يصاب بهذه النكسة فذلك لم يخطر على بال.

وأشار الأكاديمي المغربي إلى أنه “في مطلع السنة المقبلة سيبدو جليا مطالع القصيدة للحكومة الجديدة سواء من حيث الإنجاز أو من حيث فعالية التدبير والشروع في المشروعات الكبرى، أو من حيث تطبيق وتحقيق بعض المطالب، وعلى رأسها ما يتعلق بالمسألة الاجتماعية”.

وللمرة الأولى في تاريخ المملكة المغربية، قاد حزب العدالة والتنمية الحكومة منذ 2011، إثر تصدره نتائج انتخابات ذلك العام وما تلتها في 2016، قبل أن يتراجع إلى المرتبة الثامنة في الانتخابات الأخيرة.

وعن تفسيره لأسباب انهيار العدالة والتنمية انتخابيا، رأى شراك أن الناظر لهذه النتيجة يجد ما يبررها أهمها أن هذا الحزب بقي في الحكومة مدة 10 سنوات، وبالتالي ارتكب أخطاء في التدبير السياسي.

وأضاف “لقد عاش العدالة والتنمية تلك المفارقة، ما بين وجوده في المعارضة حيث يرفع شعارات كبيرة وفيها كثير من المزايدة، وما بين أن يصبح في التدبير السياسي للدولة”.

كما أن “الحزب تراجع عن كثير من شعاراته التي كان يرفعها قبل توليه الحكومة وهو الأمر الذي خلق صدمة لدى أتباعه ومريديه وعامة الشعب”.

وعقب ظهور نتائج الانتخابات، أعلنت قيادة العدالة والتنمية أن الحزب قرر الانتقال إلى صفوف المعارضة.

وأعلنت قيادة الحزب، وفي مقدمتها أمينه العام رئيس الحكومة المنتهية ولايتها سعدالدين العثماني تقديم استقالته من الأمانة العامة للحزب (أعلى هيئة تنفيذية)، “تحملا للمسؤولية”، عقب التراجع الكبير في الانتخابات.

وعقدت مؤتمرا وطنيا استثنائيا لانتخاب قيادة جديدة نهاية أكتوبر الماضي، آل إلى عودة الأمين العام السابق عبدالإله بن كيران.

ووفق شراك، فإن “المشهد السياسي الجديد تميز بانتصار ثلاثة أحزاب أساسية شكلت الحكومة هي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال”.

وأضاف “نلاحظ صعود حزب الأصالة والمعاصرة بشكل بيّن وأيضا انتقال حزب الاستقلال من المعارضة إلى الحكومة”.

وقال إن “اقتصار الحكومة على هذا الثالوث السياسي سيسهل مأمورية التدبير والتنسيق بين هذه الأحزاب لتدبير الشأن العام وتحقيق الطموحات والوعود الانتخابية التي وعدت بها الهيئة الناخبة قبل استحقاقات الثامن من سبتمبر”.

وأعلن أخنوش في الثاني والعشرين من سبتمبر التوصل إلى تشكيل حكومة من ثلاثة أحزاب هي “التجمع الوطني للأحرار” (102 مقعدا من أصل 395 بالبرلمان)، و”الأصالة والمعاصرة” (87)، و”الاستقلال” (81).

وفي السابع من أكتوبر عيّن العاهل المغربي الملك محمد السادس حكومة جديدة برئاسة عزيز أخنوش.

وضمت الحكومة الجديدة 24 وزيرا بالإضافة إلى رئيس الحكومة، ضمنهم 7 نساء، وفق المصدر ذاته.

وبخصوص أحزاب المعارضة، اعتبر شراك أن الملاحظة الرئيسية هي التطور النسبي في عدد مقاعد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية التي بلغت 35 مقعدا بعد أن كانت 20 مقعدا في البرلمان السابق.

وأضاف أن “هذا التطور قد يسهم في استرجاع النفس السياسي لهذا الحزب الذي كان يوما ما هو الحزب الحاكم والجماهيري في البلد”.

وأشار إلى أنه “في كل الأحوال، المغرب شهد استحقاقا سياسيا منسجما ولا شك أن هذا الإنجاز سيقوي جبهته الداخلية تجاه المتربصين به”.

وشدد على أن نجاح الانتخابات المتزامنة سيقوي نجاحات ومكاسب القضية الوطنية الأولى وهي إقليم الصحراء، الإقليم الذي يشهد نزاعا بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية منذ إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة عام 1975، وتحول إلى مواجهة مسلحة توقفت في 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة.

وتصر الرباط على أحقيتها في الصحراء، وتقترح كحل حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، فيما تطالب البوليساريو بتنظيم استفتاء لتقرير المصير وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.