البرهان يستجيب للضغوط الدولية
الجيش السوداني يطلق سراح أربعة وزراء لإنجاح الوساطة
أمر قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان بإطلاق سراح أربعة وزراء مدنيين من حكومة عبدالله حمدوك التي أطاح بها الجيش الأسبوع الماضي، في خطوة قال مراقبون إن الهدف منها تسهيل جهود الوساطة وبناء الثقة مع الأطراف المدنية التي يجري التفاوض معها بشأن لعب دور في المرحلة القادمة، وخاصة رئيس الوزراء المعزول عبدالله حمدوك.
والمعنيون بالقرار هم وزير الاتصالات هاشم حسب الرسول ووزير الثقافة والإعلام حمزة بلول ووزير التجارة علي جدو ووزير الشباب والرياضة يوسف آدم الضي.
وأشار المراقبون إلى أن إطلاق سراح الوزراء الأربعة قد تتلوه خطوات أخرى مع معتقلين آخرين، وأن الهدف هو إظهار أن الجيش السوداني يريد التوصل إلى حل مقبول مع الأطراف المدنية، وأنه يدعم الوساطة التي يقودها المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتيس.
وذكر بيرتيس أن هناك محادثات أثمرت خطوطا عريضة لاتفاق محتمل على عودة إلى تقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين، بما يشمل إعادة حمدوك إلى منصبه، لكنه شدد على ضرورة التوصل إلى ذلك الاتفاق خلال “أيام لا أسابيع” قبل أن يتمسك الجانبان بمواقفهما.
وتنسق الأمم المتحدة الجهود لإيجاد مخرج من الأزمة السودانية في أعقاب الحركة التصحيحية التي قادها الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي واعتقل خلالها ساسة مدنيين بارزين ووضع حمدوك تحت الإقامة الجبرية.
وكشف بيرتيس علنا لأول مرة عن “الخطوط العريضة” لاتفاق محتمل قال إنها تشمل عودة حمدوك إلى منصبه وإطلاق سراح المعتقلين ورفع حالة الطوارئ وإجراء تعديلات على بعض المؤسسات الانتقالية وتشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط.
وأضاف “كلما طال الانتظار ازدادت صعوبة تنفيذ مثل هذا الاتفاق والحصول على الدعم اللازم من الشارع والقوى السياسية”، وأن الأمر “سيصبح أكثر صعوبة أيضا على الجيش، حيث ستزداد الضغوط لتعيين حكومة ما، بغض النظر عن مصداقيتها. وسيتمسك الجانبان بمواقفهما. نحن نتحدث عن أيام لا أسابيع”.
وتساءل “هل كلا الجانبين على استعداد للالتزام بذلك؟ في هذه المرحلة لا تزال لدينا على الأقل بعض العقبات”.
وتابع قائلا إن المحادثات تمثل فعليا “الفرصة الأخيرة” للجيش للتوصل إلى اتفاق عن طريق المفاوضات، مضيفا أن هناك على ما يبدو مناقشات داخل الجيش بشأن ما إذا كان ينبغي الاستفادة منها أم لا.
وصدرت إشارات إيجابية من البرهان عن رغبته في الحوار من البداية، مع التركيز خاصة على رئيس الوزراء الذي تحدثت مصادر مختلفة عن قبوله -من حيث المبدأ- المشاركة في الحكومة الجديدة، وأن الشروط المعلنة -من نوع إطلاق سراح المعتقلين والعودة إلى الوثيقة الدستورية- لا تعدو أن تكون جزءا من حملة لتهيئة الشارع السوداني لقرار حمدوك بترؤس الحكومة الجديدة من موقع قوة وليس تحت الضغط.
وقالت نائبة الناطق باسم الأمين العام إري كانيكو إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش أجرى مكالمة هاتفية مع البرهان حثه فيها على ضرورة الإسراع بإعادة النظام الدستوري والعملية الانتقالية في السودان.
ويقول مراقبون إن نتيجة الوساطة، التي خرجت بعض تفاصليها في اليومين الأخيرين، تظهر أن جهود المبعوث الأممي ليست معزولة عن تحركات أشمل لعبت فيها دول مثل الولايات المتحدة ودول إقليمية دورا في التوصل إلى حل يفضي إلى عودة الشراكة بين المكون العسكري ونظيره المدني ولكن ليس بالصورة القديمة التي طغت عليها الفوضى والحسابات الحزبية أكثر من كونها مسارا لإخراج السودان من أزمته.
وفي هذا السياق يتنزل البيان الرباعي من السعودية والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا، الذي تضمن دعوة إلى “الالتزام بشراكة مدنية – عسكرية”، في تأكيد على أن الحل لا يكمن في دعم هذه الجهة أو تلك وأنه لا بد من توافق بين المكونين.
وأكدت الباحثة في الشؤون الأفريقية نرمين توفيق أن المتابعة الدقيقة للمجتمع الدولي جراء ما يحدث في السودان وقدرة الشارع على الحشد في مواجهة قرارات قائد الجيش جعلت هناك ضرورة لتدخلات دولية وعربية من أجل وقف تصاعد منحنى الصراع.
وأشارت في تصريح لـ”العرب” إلى أن ما ساعد على ذلك رغبة الجيش في التهدئة وحديث البرهان عن ضرورة تشكيل حكومة مدنية من المستقلين والكفاءات حسب أطر الديمقراطية وصولا إلى إجراء الانتخابات وفقا لتوقيتاتها في الوثيقة الدستورية.