ولي العهد يطلق حزمة مبادرات خضراء نوعية تدعم خفض 278 مليون طن انبعاثات سنوياً بحلول 2030
في خطوة تاريخية... السعودية للحياد الصفري للكربون في 2060
في خطوة تاريخية، أعلنت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، خطة للوصول إلى الحياد الصفري لانبعاثات الكربون بحلول عام 2060، من خلال نهج الاقتصادي الدائري للكربون، وبما يتوافق مع خطط البلاد التنموية، وتمكين تنوعها الاقتصادي.
ووصف قادة ومسؤولون دوليون الإعلان السعودي بـ«الخطوة التاريخية» التي تغير قواعد اللعبة، والإشارة القوية في اللحظة المناسبة، قبيل أيام على بدء قمة غلاسكو للمناخ، كما أنه يبرز الثقل والعمق والقوة السعودية لمساعدة العالم في قضية تغير المناخ.
وأوضح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أمس، خلال إطلاقه النسخة الأولى للمنتدى السنوي لمبادرة «السعودية الخضراء» في الرياض، أن هذا الإعلان جاء بما يتماشى مع «الخط الأساس المحرك» الذي يحفظ دور المملكة الريادي في تعزيز أمن واستقرار أسواق الطاقة العالمية، في ظل نضج وتوفر التقنيات اللازمة لإدارة وتخفيض الانبعاثات.
وأعلن ولي العهد، في كلمته الافتتاحية، عن إطلاق الحزمة الأولى من المبادرات النوعية في المملكة، لتكون خريطة طريق لحماية البيئة، ومواجهة تحديات التغيُّر المناخي، التي من شأنها الإسهام في تحقيق المستهدفات الطموحة لمبادرة «السعودية الخضراء».
وبيَّن الأمير محمد بن سلمان أن إطلاق المملكة مبادرات في مجال الطاقة من شأنها تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول 2030 يمثل تخفيضاً طوعياً بأكثر من ضعف مستهدفات المملكة المعلنة فيما يخص تخفيض الانبعاثات.
وأكد ولي العهد بدء المرحلة الأولى من مبادرات التشجير، بزراعة أكثر من 450 مليون شجرة، وإعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، وتخصيص أراضي محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في المملكة أكثر من 20 في المائة من إجمالي مساحتها.
وشدَّد الأمير محمد بن سلمان على عزمه على تحويل مدينة الرياض إلى واحدة من أكثر المدن العالمية استدامة، معلناً في الوقت نفسه نية المملكة الانضمام إلى الاتحاد العالمي للمحيطات، وإلى تحالف القضاء على النفايات البلاستيكية في المحيطات والشواطئ، واتفاقية الرياضة لأجل العمل المناخي، بالإضافة إلى تأسيس مركز عالمي للاستدامة السياحية، وتأسيس مؤسسة غير ربحية لاستكشاف البحار والمحيطات.
ووفق ولي العهد السعودي، تستهدف المملكة الوصول إلى الحياد الصفري في عام 2060، من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، بما يتوافق مع خطط المملكة التنموية، وتمكين تنوُّعها الاقتصادي، مضيفاً أن هذه الحزمة الأولى من المبادرات تمثل استثمارات بقيمة تزيد على 700 مليار ريال، مما يسهم في تنمية الاقتصاد الأخضر، وخلق فرص عمل نوعية، وتوفير فرص استثمارية ضخمة للقطاع الخاص، وفق «رؤية المملكة 2030». ومن ناحيته، لفت الأمير تشارلز، أمير ويلز، في كلمة رئيسة ألقاها ضمن جلسات منتدى مبادرة «السعودية الخضراء»، إلى أن إطلاق مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر» يسهم في بناء مستقبل مستدام مثمر، مبيناً أن قيادة المملكة العالمية للانتقال إلى الطاقة المتجددة شيء أساسي يحفز الجميع على رؤية هذا التنوع في مزيج الطاقة.
ووصف مبادرة المملكة بأنها «استثنائية عالمياً»، وذلك من خلال زراعة مليارات الأشجار التي سيكون لها أثر تحولي تستفيد منه الأجيال القادمة.
ومن جانبها، وصفت باتريشيا إسبينوزا، رئيسة هيئة المناخ في الأمم المتحدة، إعلان ولي العهد السعودي بـ«القرارات الجريئة الواعدة»، مشيرة إلى أنها ترسل رسالة قوية قبل مؤتمر غلاسكو بيومين. وأضافت عبر الاتصال المرئي: «إنها إشارة قوية في اللحظة المناسبة؛ ممتنون جداً لذلك. نحتاج لدول تأتي بقرارات قوية شجاعة، ومستويات عالية من الطموح. بالنسبة لدولة نفطية، هذا تغيير لقواعد اللعبة، وقرار تاريخي يغير التاريخ».
وبدوره، قال سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس التنفيذي لشركة «بترول أبوظبي الوطنية» (أدنوك)، إن هذه المبادرة تعكس الثقل والعمق والقوة السعودية التي تساعد العالم بشكل جاد وأسلوب تقدمي لمواجهة تهديدات التغير المناخي.
وتابع: «هي نقلة نوعية لكيفية إدارة وإجراء الأعمال، وخطوة حقيقية لتغيير الحوار المناخي بالكامل؛ باختصار تعتبر مثالاً آخر على كيف يمكن لهذه المنطقة أن تساعد على مواجهة التحديات العالمية». ومن ناحيته، أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الدكتور نايف الحجرف، أهمية المضامين والمبادرات التي تضمنها إعلان ولي العهد السعودي، لافتاً إلى أنه يمثل مساهمة عالمية واستجابة حقيقية للتصدي لتحديات التغير المناخي، تتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق أهدافها نحو حماية الأرض.
وأضاف الرشيد أنه من المتوقع أن يسهم مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام بتقليل عدد الرحلات اليومية بمعدل مليون رحلة، مما سينتج عنه تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 1.5 مليون طن سنوياً.
وأفاد الرشيد بأن الهيئة تستثمر 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) في مشاريع ومبادرات لحماية البيئة، مشيراً إلى منجزات مبادرة «الرياض الخضراء» التي تعد أحد مشاريع الرياض الأربعة الكبرى، بصفتها مساهماً رئيساً في مؤشر الأهداف المستدامة. وتستهدف مبادرتا «الرياض الخضراء» و«الاستدامة البيئية للرياض» زراعة ما مجموعه 15 مليون شجرة، لرفع نصيب الفرد من المساحات الخضراء من 1.7 إلى 28 متراً مربعاً داخل النطاق الحضري بحلول عام 2030، مما سينتج عنه خفض درجة حرارة المدينة بمقدار 1.5 إلى 2 درجة مئوية؛ أي خفض درجة حرارة الوهج المنعكس من سطح الأرض بمقدار 8 إلى 15 درجة في مناطق التشجير المكثف. كما سيتم توفير أكثر من 3.300 حديقة متفاوتة الحجم، و43 حديقة كبرى في مدينة الرياض، بهدف تحسين أسلوب الحياة فيها.
وأكد أن الحدائق ستُسهم في أنسنة العاصمة، وتقوية علاقة السكان ببيئتهم، وتحسين جودة الحياة، وستعزز انتماء سكان الرياض للمدينة وهويتها.
وتعليقاً على مشاريع الهيئة المتماشية مع أهداف الاستدامة في المملكة، قال رئيس الهيئة الملكية لمدينة الرياض: «سيتم العمل على تحسين جودة الهواء، وذلك بخفض انبعاثات الكربون بنسبة 50 في المائة، واستثمار 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) لزيادة إنتاج الطاقة من مصادر متجددة بنسبة 50 في المائة». وزاد أن مشاريع الاستدامة التي تقوم عليها الهيئة في مدينة الرياض ستوفر 350 ألف فرصة وظيفية، وتضيف 150 مليار ريال للاقتصاد المحلي.