فادي فتال: أمامي سنتان لأصبح فناناً أو أتراجع

اللبناني الوحيد يغادر «بوليفارد المواهب»

بيروت

يخرج المشترك اللبناني الوحيد ضمن منافسات «بوليفارد المواهب»، فادي فتال، في مرحلة نصف النهائيات. تقل نسبة التصويت، فيغادر السباق المحتدم بين شبان يطمحون لاحتراف الغناء منذ نحو الخمسة أشهر، تزامناً مع «موسم الرياض». عمره 23 سنة، يقول لـ«الشرق الأوسط» إنّه دخل البرنامج بعود طري راح يشتد. كان اعتاد على كاميرا واحدة تصوّره قبل الشهرة. وفجأة، وجد نفسه بين عشرات الكاميرات والأضواء. لم يتكيّف سريعاً ونظر إلى ما يجري حوله بشيء من الخجل. وصوله إلى الحلقة ما قبل الأخيرة جعله شخصاً آخر.
بجرأة، يعترف الشاب اللبناني بأنّ ثقته بنفسه لم تكن عالية لحظة خوض المغامرة. وصلته رسالة عبر «إنستغرام» تبشّره باختياره في واحد من أضخم برامج الهواة، الفريد من نوعه، «بوليفارد المواهب». فالمشتركون هنا في «دورات» (Cycles)، ولكل دورة دروسها وامتحاناتها. عدا عن كون الأضواء مسلطة طوال الوقت. «Reality Show»، من «تلفزيون الواقع»، يُظهر الشخصيات فيما السهرات تُظهر الأصوات. 24-7 والكاميرا لا تهدأ. «كنا نصوّر أربعة برامج في برنامج: (بوليفارد إكسترا)، (بوليفارد بلس)، (يوميات البوليفارد) وحفلات ليل الأحد. اكتسبُ معرفة ليست متاحة في تجارب أخرى، وأتعلّم أصول الفن والغناء بثقة».
ظنّ فادي فتال أنّه سيخرج من «الدورة الأولى»، لكنّه تألق فاختار الالتحاق بفريق مدير الأعمال حمدي بدر. نتوقف عند فادي ما قبل البرنامج وما بعده، أي فوارق؟ يجيب بأنّها كثيرة، «فلم أكن أجيد التصرّف أمام الكاميرا. كنتُ أتعرّق وأرتبك، فتقرير مدته دقيقتان، يتطلّب ساعات من التصوير. أهالني المسرح ومواجهة الجمهور. وبدأتُ جامداً. احتاج الأمر سهرات (بريمات) عدة لأنطلق بارتياح. تحسّنت حركاتي ونظراتي، ولم يعد جسدي خشبياً. كسرُ الخوف يدفعني إلى الأمام».
في سنّ الحادية عشرة، تقدّم فادي فتال إلى برنامج هواة يدعى «تالنت تين». وانسحب بعد حلقتين لإصابته آنذاك بعارض صحي. اقتصرت محاولاته الغنائية على الدائرة الضيقة بين المدرسة والأصدقاء. كبُر وتعلّم الهندسة، وكان يستعد للسفر إلى الولايات المتحدة لإكمال تخصصه، قبل أن تصله الرسالة من «بوليفارد المواهب»، وتُغيّر بوصلته.
ثلاث «Cover Songs» لفادي فتال، أحبّها الناس على «أنغامي» وسمعوها بأرقام مُشجّعة. ثم شعر بأنّ ما يقوم به ليس كافياً ليصبح فناناً كبيراً: «أردتُ بعد الأغنيات الثلاث التوقف عن الغناء والتركيز على الهندسة. ففي النهاية، هذا يتطلب تكلفة مادية مقابل نتيجة ليست بالضرورة مضمونة. أزحتُ فكرة الفن من رأسي، إلى أن دخل حياتي مجدداً من الباب العريض».
يخبرنا أنه كان أمام فرصتين للمشاركة في «ذا فويس» و«أراب أيدول»، ولم يكن مستعداً بعد. ما أراده بالضبط، هو برنامج كـ«بوليفارد المواهب»، مدته أطول من برامج الهواة الأخرى، فلا يشعر بأنّ ورقته سرعان ما ستحترق. وحلم أيضاً بإصدار أغنية خاصة تكون خطوة مهمة في طريقه. «البوليفارد» حقق حلمه، بأغنية «إذا قلت بحبك»، مع فيديو كليب. لذلك يشعر بوصوله إلى النهائيات ولو لم يصل لمستوى المنافسة. غناؤه مع زملائه المتنافسين في الحلقة الأخيرة، وتحقيق أغنيته مليوناً ونصف مليون مشاهدة في شهر، يجعلانه منتصراً، وإن لم يصوّت الجمهور لبقائه.
يردّ فادي فتال شيئاً من الأمل إلى اللبنانيين المتعبين، فيقول: «لم ينقسم اللبنانيون حولي لكوني اللبناني الوحيد في البرنامج. انتقالي من حلقة إلى أخرى واجتيازي المراحل، كانا عاملَي جمْع. شعرتُ بالمسؤولية وبأنني أحمل على كتفي توقاً جماعياً إلى ردّ الأمل، كما فعل المنتخب اللبناني لكرة السلة وكما يفعل كل لبناني في الخارج حين يعيد الفرح المسلوب في الداخل».
اللحظة الأجمل في البرنامج؟ يجيب على الفور: «حين احتللت المرتبة الأولى بين مشتركين في ستة بلدان عربية وتصدّرتُ ترتيب الدورة الأولى منه. عندها، بدأتُ باستعادة الثقة بنفسي، فارتفعت معنوياتي وصممتُ على الاجتهاد للوصول». مرة أخرى، لا يفكر كثيراً وهو يجيب عن لحظة قاسية كان يودّ لو لم يتذوق مرارتها: «حين سمعتُ اسمي بين المغادرين في نهاية حلقة نصف النهائيات لعدم نيلي عدداً كافياً من أصوات الجمهور». أتشعر بالخسارة؟ «لا. المهم ما أكتسبُه فيصنع شخصيتي الفنية. أقيس الربح والخسارة بالمعرفة والخبرة والصداقات واللحظات الاستثنائية».
هل من خطط للمستقبل، وألا تخشى من الانطفاء؟ يقلقه الأمر: «سأفعّل حضوري في (السوشيال ميديا) وأقدّم محتوى لا يُشعر المتابعين بالملل. تردني اتصالات من شعراء وملحّنين، سأجتمع بهم حين أعود إلى لبنان. أشاء الاستمرار وسأمنح نفسي فرصة. سأتفرّغ للفن لسنة أو سنتين، وبعدها تتّضح الصورة. إن نجحتُ سأكمل، وإن لم يحالفني الحظ، سأتراجع وأعيد الاهتمام بالهندسة، بموازاة الفن، لتأمين مستقبلي».
يعود إلى وطنه مع انتهاء البرنامج، بعد خمسة أشهر أمضاها في الرياض التي أحبّها ولمس فيها احتراماً للإنسان وخططاً للمستقبل. نتفق بألا خير في أفراد يتكلمون بالسوء عن أوطانهم. يؤكد اشتياقه لأرض بلده وحماسته للعودة، لولا قسوة العيش. كهرباء، غلاء، دواء، وباء، ورجاء برحمة السماء.