اخبار الإقليم والعالم
تحقيقات أمنية غربية تحذر من خطر قراصنة «سولت تايفون»
تشير تحقيقات أمنية غربية إلى أن العالم يقف أمام واحدة من أخطر الحروب غير المعلنة في العصر الحديث.
وتقول صحيفة "ذا صن" البريطانية إن الحرب الجديدة التي تدور في فضاء العالم الفتراضي تقودها الصين عبر شبكة معقدة من القراصنة المحترفين.
هذه المجموعات تعمل في صمت، وتخترق تدريجياً البنى التحتية الحيوية للدول الغربية، مستهدفة شبكات الاتصالات، الوزارات، المنشآت العسكرية، والمرافق الحيوية، دون استخدام الصواريخ أو الطائرات، بل عبر عمليات تجسس رقمية معقدة وشفرة مخفية على الخوادم.
وذكرت"ذا صن" أن مجموعة قرصنة متطورة تعرف باسم "سولت تايفون" برزت على مدى السنوات الخمس الماضية، لتشكل رأس الحربة في هذه العمليات.
وتصف أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية هذه المجموعة بأنها إحدى أخطر أذرع التجسس السيبراني التابعة للحكومة الصينية.
وتوضح الوثائق المزعومة أن نشاط المجموعة بدأ قبل عام 2020، لكنه شهد قفزة هائلة منذ عام 2023، ليصل في 2024 و2025 إلى مستويات غير مسبوقة من التوغّل الرقمي.
وخلافاً للجماعات المستقلة، تعمل سولت تايفون وفق هيكلية منظمة بإشراف من أعلى مستويات أجهزة الأمن الصينية، مستندة إلى قوة دولة تمتلك ثاني أكبر اقتصاد في العالم وثاني أكبر جيش.
اختراق البنى التحتية… "الجائزة الذهبية"
وتزعم التحقيقات أنها كشفت عن أن القراصنة لم يكتفوا بسرقة البيانات أو التجسس على المؤسسات، بل تسلّلوا إلى قلب البنى التحتية الحيوية، بما في ذلك شبكات الاتصالات، أنظمة النقل، قواعد البيانات الحكومية، وحتى المنشآت العسكرية الحساسة.
ويصف الخبير الأمني ويل غيدس هذا النوع من الاختراق بأنه “الجائزة الذهبية” لأي دولة معادية، لأنه يمنحها قدرة شبه لحظية على مراقبة الاتصالات والتحركات وتدفقات البيانات داخل دولة الخصم. ويضيف غيدس أن هذا النوع من الاختراق قادر على تعطيل محطات الطاقة، وشبكات المياه، والاتصالات، وخلق مناطق معتمة بالكامل في الغرب، مما يجعل السيناريو الذي يبدو خيالياً واقعاً محتملًا.
هجمات “غير مسبوقة"
خلال عام 2023، اخترقت سولت تايفون أنظمة تسع شركات اتصالات أمريكية، واستولت على بيانات مكالمات ورسائل أكثر من مليون مستخدم، بما في ذلك سياسيون بارزون مثل دونالد ترامب (الرئيس الأمريكي الحالي) وجاي دي فانس (نائب ترامب) وكامالا هاريس (نائبة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن).
كما استهدفت المجموعة أنظمة حكومية في أكثر من 80 دولة، و200 مؤسسة حساسة، ما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى عرض مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل أي معلومات عن أفراد مرتبطين بها.
وفي بريطانيا، كشفت الاستخبارات البريطانية أن قراصنة مرتبطين بالصين تسللوا إلى البنية التحتية الوطنية الحيوية، بما في ذلك شبكات الاتصالات، وأنظمة النقل، والمؤسسات الحكومية، والمواقع العسكرية. وبحسب تحليل استخباراتي أمريكي، فإن القدرات السيبرانية الصينية أصبحت تضاهي قدرات الولايات المتحدة وحلفائها.
العمل في الظل: شبكة معقدة من الوكلاء
واحدة من أكثر خصائص العمليات الصينية المزعومة إثارة للقلق هي القدرة على إخفاء بصمتها الرقمية. فالهجمات لا تُنفّذ مباشرة من مبانٍ حكومية صينية، بل من خلال شركات وهمية، ومجموعات قرصنة بالوكالة، ومنصات إلكترونية مصممة لإخفاء مصدر الهجوم. ويسمى هذا الأسلوب في الاستخبارات “الإنكار المعقول”، إذ يبدو الهجوم مستقلاً، لكن التخطيط والتوجيه يأتيان من بكين.
ويشير غيدس إلى أن طبيعة الأهداف والمستوى الفني للهجمات يعكسان توجيهاً حكومياً مباشراً، رغم محاولة إخفاء المسؤولية الرسمية.
أهداف الصين من الحرب الرقمية
يقول مسؤولون استخباراتيون إن الهدف الرئيسي لهذه العمليات هو التجسس طويل الأمد، وليس التخريب الفوري. وتسعى بكين من خلالها إلى جمع بيانات ضخمة عن مسؤولي الدول الغربية. ومراقبة الاتصالات الحكومية والعسكرية. وسرقة التكنولوجيا الحساسة. وإنشاء موطئ قدم داخل البنية التحتية استعداداً لصراع محتمل.
فالاختراق اليوم قد يتحول إلى ورقة ضغط غداً، في محاولة لإعادة تشكيل النظام العالمي عبر السيطرة على المعلومات.