بالقنابل الانزلاقية والمسيرات.. هكذا تدفع روسيا أوكرانيا للتفاوض

خلال أسابيع قليلة تحولت معادلات القتال في أوكرانيا من مواجهة تقليدية إلى سباق على العمق: قنابل انزلاقية روسية بعيدة المدى تبدو قادرة اليوم على اختراق ما كان يُعتبر «الخط الخلفي الآمن»، الذي اعتمدت عليه كييف منذ بداية الحرب.

فالمدى المتزايد وخطاب موسكو الذي يروج لهذه القنابل كبديل منخفض التكلفة للصواريخ الباليستية، لا يغير فقط موقع الهدف، بل أيضاً زمن الاستجابة، ويحول المخازن والمراكز اللوجستية إلى أهداف عرضة على مدار الساعات.

فماذا نعرف عن القنابل الروسية الانزلاقية؟
قالت مجلة «مليتري ووتش» إن القوات الجوية الروسية بدأت استخدام نوع جديد من القنابل الانزلاقية بعيدة المدى قادر على إصابة أهداف تقع في عمق الأراضي الأوكرانية.

وبحسب فاديم سكيبيتسكي، نائب رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، فإن القنابل الروسية الجديدة وصلت إلى مدى 193 كيلومترًا، معتبرًا أنها «قد تغيّر ميزان القوى على الجبهة الشرقية».

وكانت النسخ السابقة من هذه القنابل، التي بدأ استخدامها على نطاق واسع عام 2023، لا تتجاوز مدياتها 80 كيلومترًا رغم التحديثات المستمرة.

مقاتلة سو-34 خلال إلقاء قنابل انزلاقية

وأوضح سكيبيتسكي أن التصميم الجديد يبدو مزودًا بمحرك صاروخي يمنحه مدى يصل إلى 150 كيلومترًا وفقًا لتقديرات روسية. وتتيح هذه المحركات استخدام القنابل الانزلاقية على الطائرات التكتيكية دون التأثير في معدلات الإنتاج.

ووفق الإعلام الروسي الرسمي، فإن هذه القنابل "ستمكّن من تنفيذ ضربات دقيقة أو قصف كثيف ممنهج، بما يقضي عمليًا على مفهوم المنطقة الآمنة في مؤخرة الجبهات الأوكرانية". كما يُنظر إليها كبديل منخفض التكلفة عن الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة الانتحارية.

يشار إلى أن الجيش الروسي واصل إدخال نماذج جديدة من القنابل الموجهة إلى الخدمة، أبرزها يو إم بي بي دي-30 إس إن التي بدأ تسليمها في أغسطس/ آب 2024.

تعزيز القوات الجوية بـ«سو-34»
في موازاة ذلك، عززت موسكو إنتاج الطائرات القاذفة سو-34، العمود الفقري في عمليات القصف الروسية. وتشير تقديرات إلى أن إنتاج هذه الطائرات تضاعف منذ 2022 ليصل إلى 30 طائرة سنويًا، وهي تمتاز بقدرة كبيرة على التحليق لمسافات طويلة وحمل أوزان تسليحية ضخمة.

وأكد جنود أوكرانيون من الخطوط الأمامية لوسائل إعلام غربية أن تأثير القنابل الجديدة "مدمر تمامًا"، إذ تحتوي الواحدة منها على نحو 500 كيلوغرام من المتفجرات، قادرة على "تسوية المخابئ الأرضية بالأرض".مقاتلة سو-34 خلال إلقاء قنابل انزلاقية

وقال أحدهم: "إنها أشبه ببوابات الجحيم… يسقطونها تباعًا، ثماني قنابل في ساعة واحدة، وصوتها يشبه طائرة نفاثة تهبط فوقك".

استخدام المسيّرات
بالتوازي مع توسعها في القصف بالقنابل الانزلاقية، أطلقت روسيا في سبتمبر/أيلول الماضي أكثر من 5,000 طائرة مسيّرة انتحارية ضد أهداف داخل أوكرانيا، ضمن حملة جوية تهدف إلى إرغام كييف على التفاوض عبر استنزاف بنيتها التحتية الحيوية.

ووفق تقرير حديث لوزارة الدفاع البريطانية، أطلقت موسكو خلال الشهر نحو 5500 طائرة هجومية أحادية الاتجاه، إلى جانب الضربات الصاروخية والجوية التقليدية.

وشهد سبتمبر/أيلول الماضي زيادة ملحوظة في وتيرة الهجمات مقارنة بشهر أغسطس/ آب، حين أُطلقت نحو 4100 طائرة فقط. ويُرجَّح أن موسكو خففت هجماتها في ذلك الوقت لإظهار "استعدادها لخوض مفاوضات جدية"، بحسب التقديرات البريطانية.

تأتي هذه التطورات بعد لقاء جمع فلاديمير بوتين بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ألاسكا، ضمن جهود دبلوماسية للبحث عن مخرج سياسي للنزاع الذي يقترب من دخول عامه الرابع في فبراير المقبل.

الغارات الجوية مستمرة بوتيرة مرتفعة
لم تقتصر الحملة الروسية على الطائرات المسيّرة؛ فقد نفّذت القوات الجوية أربع موجات قصف استراتيجية كبرى خلال سبتمبر، شملت أكثر من 800 صاروخ باليستي وجوّال وطائرات انتحارية في يوم واحد (7 سبتمبر/ أيلول). كما أطلقت موسكو أكثر من 70 صاروخًا من طراز كودياك إيه إس-23 إيه المتطور خلال الشهر نفسه.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن "الدمج بين الصواريخ عالية الدقة والطائرات الانتحارية الكثيفة يهدف إلى إرباك الدفاعات الأوكرانية وزيادة فرص اختراقها".

لعبة الأرقام في سباق السلاح.. روسيا «أكثر كفاءة» والغرب «يناور»

وكانت النسخ السابقة من هذه القنابل، التي بدأ استخدامها على نطاق واسع عام 2023، لا تتجاوز مدياتها 80 كيلومترًا رغم التحديثات المستمرة.

وأوضح سكيبيتسكي أن التصميم الجديد يبدو مزودًا بمحرك صاروخي يمنحه مدى يصل إلى 150 كيلومترًا وفقًا لتقديرات روسية. وتتيح هذه المحركات استخدام القنابل الانزلاقية على الطائرات التكتيكية دون التأثير في معدلات الإنتاج.