رياضة وشباب
فرحة تاريخية لشعب جريح.. الكونغو الديمقراطية تحلم بالمونديال الغائب
في ليلة غمرت كينشاسا بالفرح والدموع، انتصرت جمهورية الكونغو الديمقراطية على منتخب السودان بهدف دون رد، في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026.
وجاء ذلك الفوز في مباراة تاريخية على أرض ملعب الشهداء ليقترب المنتخب الكونغولي خطوة أكثر من التأهل إلى كأس العالم 2026، بعد غياب دام أكثر من نصف قرن، بعدما اهله للمشاركة في الملحق الأفريقي، مع منتخبات الكاميرون ونيجيريا والجابون، بحثا عن مقعد في الملحق العالمي الذي يؤهل آخر منتخبين للمونديال.
لكن هذا الفوز لم يكن مجرد نتيجة رياضية؛ لقد كان انتصاراً وطنياً، رمزاً للأمل في بلد أنهكته الحروب، وأعاد إشعال شعلة الفخر في قلوب ملايين الكونغوليين داخل البلاد وخارجها.
لذا فإنه منذ صافرة النهاية، تحولت شوارع كينشاسا إلى بحر من الفرح، خرجت الجماهير بالآلاف تهتف وترفع الأعلام، بينما دوت الطبول والتراتيل في الأحياء الشعبية التي لطالما عرفت الألم أكثر من الفرح.
النصر على السودان لم يكن مجرد هدف في شباك الخصم، بل كان هدفاً في وجه المعاناة، وردّاً على عقود من الصمت والنسيان، بحسب صحيفة "فوت ميركاتو" الفرنسية.
المنتخب الكونغولي، الملقب بـ"الفهود"، دخل المباراة بعزيمة لا تلين، مدفوعاً بذكريات أجيال حلمت بهذه اللحظة.
الهدف الذي سجله الفريق كان كافياً ليفتح أبواب الأمل أمام أمة بأكملها. ومع إطلاق الحكم صافرة النهاية انفجرت مدرجات "الشهداء" في مشهد مهيب امتزجت فيه الدموع بالابتسامات، والصلوات بالأغاني الوطنية.
وقال المدرب الفرنسي سيباستيان ديسابر عقب اللقاء: "هذا الانتصار ليس لنا فقط، بل لكل من عانى في هذه البلاد.. لقد لعبنا من أجل الشعب، من أجل الذين فقدوا الأمل، واليوم نهديه لهم جميعاً".
في العاصمة، امتدت الاحتفالات حتى ساعات الفجر، ورفرفت الأعلام على نغمات الأغاني الوطنية القديمة التي كانت تُردد أيام التحرر.. في المدن الشرقية المنكوبة بالحرب، خرج النازحون في المخيمات يحتفلون أيضاً رغم قسوة الظروف، معتبرين الفوز رسالة حياة من قلب المعاناة.
الملعب الذي بُني تخليداً لرموز المقاومة الوطنية تحوّل هذه الليلة إلى مسرح للنصر والكرامة.. فبعد عقود من الألم والانقسامات، وجد الكونغوليون في منتخبهم سبباً للابتسام، وللتصفيق لوطنهم الذي لا يزال يقف رغم الجراح.
وقال أحد المشجعين وسط الحشود في كينشاسا: "لقد انتصرنا اليوم جميعاً، ليس فقط في كرة القدم، بل في الإيمان بأن الكونغو يمكن أن تنهض من جديد".
بهذا الفوز، لا تكتب الكونغو الديمقراطية مجرد صفحة في تاريخ الرياضة، بل تخط فصلاً جديداً في قصة صمودها الوطني، حيث يتحول المستطيل الأخضر إلى ساحة مقاومة، والكرة إلى رمز لكرامة شعب لم يُكسر رغم كل شيء.
في تلك الليلة، لم يفز المنتخب الكونغولي فقط، بل فاز شعب بأكمله بحق أن يحلم من جديد.