اخبار الإقليم والعالم
خطوة أقرب إلى المناورة
الحلبوسي يعرض التحالف على المالكي وعينه على استرضاء الصدر
كشفت مصادر سياسية عراقية عن قيام زعيم تحالف “تقدم” ورئيس البرلمان العراقي السابق محمد الحلبوسي بعرض التحالف مع زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي الجديد.
لكنها لفتت إلى أن الأمر أقرب إلى المناورة، وأن الهدف هو لفت نظر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى استعداد الحلبوسي، الذي حصل تحالفه على أربعين مقعدا وحل في المرتبة الثانية بعد التيار الصدري في الانتخابات التشريعية، للتحالف فيما لو عرض عليه الأمر.
وقالت المصادر إن المالكي، الذي كلف القيادي في حزب الدعوة حسن السنيد بإدارة المفاوضات مع الكتل الأخرى، يبدي ممانعة لحد الآن في التقارب مع الحلبوسي، رغم حاجته الماسة لأصوات “تقدم” في مواجهة غريمه التقليدي مقتدى الصدر الذي حل تياره في المرتبة الأولى في الانتخابات.
وأضافت أن زعيم ائتلاف دولة القانون لا يتردد وهو يعلن في كل مجالسه عدم ثقته بالحلبوسي ويصفه بمفردة عراقية تعني صغير السن غير مأمون العواقب، وهو ما يظهر معرفة المالكي بنوايا رئيس البرلمان المنتهية ولايته.
وعزت المصادر اندفاع الحلبوسي باتجاه المالكي المتحالف أصلا مع غريمه خميس الخنجر إلى رغبته في التشبث بالزعامة والتحول إلى صانع ملوك في مستقبل العراق السياسي سواء أكان ذلك في صف الصدر أم صف المالكي.
إلا أن مصدرا إعلاميا مقربا من الحلبوسي في مجلس النواب العراقي رفض نفي عرض التحالف مع المالكي أو تأكيده، في إجابة على سؤال مراسل “العرب” في بغداد.
وقال إنه غير مخوّل بالتصريح باسم تحالف “تقدم” لكن المنهج السياسي للحلبوسي هو إقامة مشروع وطني، مشيرا إلى أن زعيم تحالف “تقدم” لا يعارض التحالف مع أيّ من الكتل السياسية بما فيها تحالف دولة القانون، إذا كان الهدف منها تشكيل حكومة وطنية عابرة للطائفية.
وأشار إلى أن الحلبوسي أوكل لجنة التفاوض مع الكتل الأخرى إلى القياديين في “تقدم” محمد تميم وفلاح حسن زيدان.
إلا أن السياسي العراقي المستقل جبار المشهداني عبّر عن اعتقاده في تصريح لـ”العرب” بأن الحلبوسي لا يريد أن يستعدي طرفا شيعيا مهمّا كالتيار الصدري ويعرض التحالف مع المالكي لأن ذلك يعني إقصاءه شخصيا من أيّ منصب مستقبلي إذا حصل التوافق بين الصدر والمالكي.
يذكر أن الاتفاقات الأولية كانت تشير إلى تحالف قائم بين التيار الصدري وتحالف “تقدم” والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني لتشكيل الكتلة الأكبر وبالتالي رئاسة الحكومة.
في غضون ذلك حذر التيار الصدري من الالتفاف على الاستحقاق الانتخابي للشعب العراقي كما حدث في انتخابات 2010.
وقال صفاء الأسدي القيادي في التيار إن “مقتدى الصدر ليس مثل غيره وإنه لن يسمح بمصادرة حق المواطن العراقي”، في إشارة إلى الالتفاف على الاستحقاق الانتخابي لائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي آنذاك، ومصادرة فوزه من قبل ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي في انتخابات 2010.
وأكد الأسدي أن رئيس الوزراء القادم سيكون صدريا، مشيرا إلى المادة الـ76 من الدستور التي تمنح الحق للكتلة الأكثر عددا لتشكيل الحكومة.
وشكل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لجنة تفاوض مع الكتل الأخرى وخولها حصرا بتمثيل التيار، ومنع أيّ جهة من التدخل في أعمالها.
وتتألف اللجنة من القياديين في التيار حسن العذاري ونصار الربيعي ونبيل الطرفي وحاكم الزاملي.
وبدأت الرسائل تتوالى من ائتلاف دولة القانون بشأن قدرته على تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي التي سيحق لها وفق الدستور تشكيل الحكومة.
ويحاول ائتلاف دولة القانون استقطاب الصدر في مسعى لإعادة ترميم البيت الشيعي، رغم العداء القائم بين الصدر والمالكي.
وذكرت مصادر في ائتلاف دولة القانون “إن أراد التيار الصدري الالتحاق بنا من أجل استكمال تشكيل الكتلة الأكبر، فنحن نرحب به، وإذا رفض الانضمام فنحن ماضون في تشكيل الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً”.
ولم يتراجع الائتلاف عن ترشيح المالكي لتشكيل الحكومة الجديدة، مشددا على أن هناك إجماعاً على شخص المالكي لتولي رئاسة الحكومة المقبلة.
ويزعم ائتلاف دولة القانون أنه جمع إلى حد الآن 93 نائباً بعد انضمام كتل سياسية شيعية وأخرى مسيحية، بالإضافة إلى انضمام مستقلين إلى الائتلاف المشكل أصلا من دولة القانون (38 مقعدا) وتحالف الفتح (18 مقعدا).
ومن الواضح أن الصراع المحتدم بين الكتلتين الشيعيتين سيجر الكتل السياسية السنية والكردية لتكون جزءا من هذا الصراع لكن ذلك لا يعني بالضرورة ألا تكون هناك رسائل عبر وسطاء محليين وإقليميين عن رغبات للتحالف مع هذا الطرف أو ذاك لجس نبض كل منهما ومعرفة ما يمكن أن يقدمه من مكاسب وهي التي تكون دوما المحرك الأساسي لتحالفات المستقبل.
ولا تستبعد غالبية المراقبين ألا تقل صدمة التحالفات التي ستتمخض عنها الأيام القادمة عن مفاجأة نتائج الانتخابات.
وأشار جبار المشهداني إلى أن التحالفات لن تكون حقيقية وواقعية قبل مصادقة المحكمة العليا على نتائج الانتخابات ومعرفة العدد الحقيقي لكل كتلة.
وقال إن الكتل السياسية السنية وفي كل الانتخابات الماضية كانت تدرك أن الشريك السياسي الشيعي لن يمنحها استحقاقها وستكون هي الخاسر الأكبر ولذلك فهي لا تفرّق كثيرا بين من ستتحالف معه لتشكيل الحكومة بقدر حرصها على نيل أكبر قدر ممكن من المكاسب.
وعبّر المشهداني عن اعتقاده أن تحالف “تقدم” سيعمل بنفس طريقة الحزب الديمقراطي الكردستاني وهو الطلب من الكتلتين الشيعيتين الصدرية والمالكية بالاتفاق على من سيشكل الحكومة منهما لتبدأ بعد ذلك مفاوضات جدية لإعلان أسماء الرئاسات وتشكيل الحكومة القادمة.