اخبار الإقليم والعالم
كبار مصدري القمح يستهلون موسم المبيعات بوتيرة بطيئة
استهل كبار مصدّري القمح حول العالم، وعلى رأسهم روسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي، الموسم الجديد بوتيرة بطيئة، بعد أن تسبب سوء الأحوال الجوية وتخزين المزارعين لمحاصيلهم في كبح الكميات المتاحة للتصدير.
وانخفضت الشحنات الروسية خلال يوليو، الذي يشهد عادة انتعاشا في المبيعات نظرا لتزامنه مع موسم الحصاد، بنسبة 30 في المئة مقارنة بالعام الماضي، بحسب تقديرات شركة الاستشارات الزراعية (إيكار).
أما أوكرانيا، فقد تراجعت صادراتها إلى نحو ثلث الوتيرة المسجلة في عام 2024، كما انخفضت شحنات الاتحاد الأوروبي أيضا.
وأسهم هذا التباطؤ في التدفقات في استقرار العقود الآجلة للقمح في بورصة باريس، بينما ارتفعت الأسعار الفورية في موانئ البحر الأسود في رومانيا وبلغاريا بمتوسط 8 في المئة خلال الشهر الماضي.
كما شهد ميناء روان الفرنسي ارتفاعاً نسبته اثنين في المئة في الأسعار الفورية، حسب البيانات التي أوردتها وكالة بلومبيرغ الجمعة.
وتُشكّل روسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي مجتمعةً نحو نصف حجم التجارة العالمية للقمح، ما يجعل صادراتها عاملاً أساسياً في توجيه الأسواق.
وقال مايك فيردين، الاستشاري لدى شركة سي.آر.أم أغري كوموديتيز إن “المخاوف تكمن في أن انخفاض معروض القمح الحالي من منطقة البحر الأسود يعني تراجع المنافسة في الأسواق التصديرية.”
وأوضح أن ذلك يمنح الأسعار دعماً إضافياً كان من الممكن ألا يتحقق في ظروف مختلفة. وأضاف “عادةً ما تلعب روسيا دور الطرف المُحدد للأسعار في مثل هذا التوقيت من العام على وجه الخصوص”.
ومطلع يوليو الماضي خفضت روسيا رسوم تصدير القمح الأسبوعية إلى الصفر لأول مرة منذ تطبيقها في يونيو 2021، في محاولة لإنعاش المبيعات المتباطئة.
وحددت وزارة الزراعة الرسوم عند الصفر من 9 إلى 15 يوليو، بانخفاض عن 56.3 روبل (0.70 دولار) للطن، سارية المفعول من 2 إلى 8 يوليو.
وتستخدم روسيا نظام الرسوم العائمة على صادرات القمح والذرة والشعير، والتي تُحسب أسبوعياً على أساس الفرق بين مستوى الأساس للأسعار وأسعار التصدير.
وخلال الأشهر الستة الماضية، خفضت الرسوم على القمح بشكل كبير، من 4769 روبلاً (60 دولارا) للطن في أواخر ديسمبر. وتأتي هذه الخطوة في ظل تراجع صادرات روسيا، أكبر مُصدر للقمح في العالم.
وتتوقع منظمة الأغذية والزراعة (فاو) إنتاجا عالميا من القمح هذا العام عند نحو 795 مليون طن، وهو ما يتماشى مع مستويات عام 2024.
روسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي تُشكّل نحو نصف حجم التجارة العالمية للقمح، ما يجعل صادراتها عاملاً أساسياً في توجيه الأسواق
وتسببت الأمطار في تأخير الحصاد في كل من منطقة روستوف الروسية وشمال غرب كراسنودار، مما حد من كميات المحاصيل المتوفرة في الموانئ.
وتشير تقديرات المحللين إلى أن صادرات روسيا من القمح تراجعت حتى الآن هذا العام إلى نحو مليوني طن، بعد أعوام من الشحنات السريعة في بداية الموسم التي انتهت بفرض حصص للتصدير.
كما تأثرت أيضا مناطق الزراعة في أوكرانيا، مما تسبب في نقص كميات الحبوب المتاحة للتصدير لدى المزارعين.
وقال أليكس ليسيتسا، رئيس مجلس إدارة شركة الأعمال الزراعية آي.أم.سي: “لقد استنفدوا مخزوناتهم القديمة بعد موسم تصديري قوي العام الماضي، وهم الآن يواجهون تراجعاً في إنتاج القمح.”
وفي رومانيا، التي تُعد من أكبر منتجي القمح في الاتحاد الأوروبي، لم يكن الارتفاع الأخير في الأسعار كافياً لتحفيز المزارعين على البيع، خصوصاً مع استمرار تراجع العقود الآجلة للقمح في بورصة باريس بنسبة 17 في المئة هذا العام.
وأفرز هذا الواقع حالة من الجمود في السوق، حيث يترقّب التجار عودة الإمدادات الروسية بقوة، على أمل أن تسهم في خفض الأسعار، بحسب غابرييل رازي، المحلل في شركة أغرو بران للاستشارات في سوق الحبوب الرومانية.
ويبدو أن عودة التدفقات الروسية القوية ليست سوى مسألة وقت. فقد قال أندريه سيزوف، رئيس شركة الاستشارات سوف إيكون إن “الموسم بدأ بوتيرة أضعف من المعتاد.”
لكن يتوقع أن تتسارع صادرات القمح الروسي خلال الأشهر المقبلة، ما قد يزيد الضغوط على الأسعار العالمية.
وتظهر التقديرات أن حجم المخزونات العالمية بلغ 261.4 مليون طن، بحسب متوسط توقعات المحللين في مسح أجرته بلومبيرغ في مايو الماضي، ليتجاوز بذلك مستوى 261 مليون طن المتوقع في نهاية الموسم الجاري.
ومع ذلك، ستظل المخزونات قرب أدنى مستوى منذ قرابة عشر سنوات، وهو ما يترك السوق عرضة للخطر في حالة حدوث أيّ اضطرابات في الأحوال الجوية قبل إتمام جني المحصول.