اخبار الإقليم والعالم

هل صحة الأفراد النفسية مرتبطة بمكان إقامتهم

وكالة أنباء حضرموت

بينت دراسة جديدة أشرف عليها ماثيو هوبز أستاذ علوم البيانات المكانية وصحة الكواكب، في جامعة شيفيلد هالام، وكريس سيبلي أستاذ علم النفس، في جامعة أوكلاند، وإيلينا مولتشانوفا أستاذة الإحصاء، في جامعة كانتربري، أن مكان السكن يؤثر على صحة الأفراد النفسية.

وقال الباحثون “وجد تحليلنا الجديد لبيانات ثماني سنوات من دراسة المواقف والقيم النيوزيلندية أن تكرار تنقلاتنا ومكان سكننا مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بصحتنا النفسية.”

ورأوا أن هذه النتيجة “قد تبدو بديهية في بعض النواحي،” متسائلين “هل يشعر الشخص الذي يعيش في ضاحية خضراء يسهل المشي فيها، مع حدائق وجيران مستقرين، بنفس الشعور الذي يشعر به في حي أكثر تنقلًا، مع قلة الخدمات المحلية والطرق السريعة المزدحمة؟” ليجيبوا بقولهم “على الأرجح لا، فالبيئة العمرانية والطبيعية تُشكل مدى شعور الشخص بالأمان والدعم والاستقرار.”

وأراد الباحثون أن يعرفوا إلى أي مدى تتأثر صحة الشخص النفسية بمكان إقامته، وإلى أي مدى تُؤشر صحته النفسية على مكان إقامته.

الأشخاص الذين لم ينتقلوا كثيرا، وخاصة أولئك الذين يعيشون في مناطق أقل حرمانا، أكثر تمتعا بالصحة النفسية

وقدمت أغلب الأبحاث حول التأثيرات البيئية على الصحة النفسية لمحةً سريعةً عن حياة الناس في نقطة زمنية محددة، لكن وفق الباحثين هذا مفيد، غير أنه لا يُظهر كيف تتغير الأمور بمرور الوقت، أو كيف يُمكن أن يؤثر الماضي على المستقبل.

واتخذت الدراسة  نهجًا مختلفًا بعض الشيء،عن سابقاتها، حيث تم تتبع نفس الأشخاص عامًا بعد عام، والنظر في الأنماط عبر الزمن: كيف تغيرت صحة الأشخاص النفسية، وهل انتقلوا من منزل إلى آخر، وما مدى وصولهم إلى الميزات البيئية الإيجابية والسلبية، وكيف تغيرت المناطق التي يعيشون فيها من حيث عوامل مثل الفقر والبطالة والاكتظاظ السكاني. كما تم الأخذ في الاعتبار عوامل مثل العمر وحجم الجسم ومدى ممارسة الأشخاص للرياضة، والتي يمكن أن تؤثر جميعها على الصحة النفسية أيضًا.

ولفهم هذه البيانات المعقدة والمترابطة تم اللجوء إلى أدوات التعلم الآلي الحديثة -وخاصةً خوارزميات الغابة العشوائية. وقد أتاحت لهم هذه الأدوات بناء العديد من النماذج الفردية (الأشجار) التي تدرس كيفية تأثير العوامل المختلفة على الصحة النفسية. وتمكنوا بعد ذلك من تحديد العوامل الأكثر شيوعًا لتقييم أهميتها النسبية والمدى المحتمل لتأثيرها.

وأجروا أيضًا محاكاة مونت كارلو. وأنتجت هذه المحاكاة سيناريوهات مستقبلية متعددة بظروف أحياء أفضل، واستخدموا خوارزمية الغابة العشوائية للتنبؤ بنتائج الصحة النفسية في كل منها، ثم حسبوا متوسط النتائج.

وتوصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أو القلق كانوا أكثر عرضة للانتقال إلى منزل جديد، وكان أولئك الذين انتقلوا، في المتوسط، أكثر عرضة لتدهور صحتهم النفسية لاحقًا.

ولم يقتصر الأمر على أن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية مزمنة كانوا يتنقلون بوتيرة أكبر، بل كانوا أيضًا أكثر عرضة للانتقال إلى مناطق أكثر حرمانًا. بمعنى آخر، ارتبط تدهور الصحة النفسية بزيادة احتمالات البقاء في أماكن تندر فيها الموارد ويزداد فيها التوتر.

الصحة النفسية والمكان قد يكونان عالقين في حلقة مفرغة؛ يؤثر أحدهما على الآخر، ويمكن لهذه الحلقة إما أن تدعم الرفاهية أو تؤدي إلى تراجعها.

ولم تتمكن الدراسة من تحديد سبب حدوث هذه التنقلات، ولكن قد تكون تحديات الصحة النفسية مرتبطة بعدم استقرار السكن، أو الضائقة المالية، أو الحاجة إلى بداية جديدة. وستحاول الأبحاث المستقبلية تحليل بعض هذه الجوانب. من ناحية أخرى يبدو الأشخاص الذين لم يتنقلوا كثيرًا، وخاصةً أولئك الذين يعيشون في مناطق أقل حرمانًا، أكثر تمتعا بالصحة النفسية على المدى الطويل. لذلك فإن الاستقرار مهم. وكذلك الحي الذي يسكنون فيه.

وتتحدى هذه النتائج فكرة أن الصحة النفسية تتعلق فقط بما في داخل الأفراد. وقال الباحثون “يلعب مكان عيشنا دورًا رئيسيًا في تشكيل مشاعرنا. ولكن الأمر لا يقتصر على أن بيئتنا تؤثر على عقولنا فحسب، بل يمكن لعقولنا أيضًا أن تقودنا إلى بيئات مختلفة.”

وتُظهر الدراسة أن الصحة النفسية والمكان قد يكونان عالقين في حلقة مفرغة؛ يؤثر أحدهما على الآخر، ويمكن لهذه الحلقة إما أن تدعم الرفاهية أو تؤدي إلى تراجعها. ولهذا تداعيات حقيقية على كيفية دعم الأشخاص الذين يعانون من تحديات الصحة النفسية. وأكدت الدراسة أنه إذا كان الشخص يعاني بالفعل، فمن المرجح أن ينتقل وينتهي به المطاف في مكان يجعل الحياة أكثر صعوبة.

ولا يقتصر الأمر على الخيارات الفردية فحسب، بل يتعلق أيضًا بالأنظمة التي أنشأناها، وأسواق الإسكان، وعدم المساواة في الدخل، وإمكانية الحصول على الرعاية الصحية، وغيرها. إذا أردنا صحة نفسية أفضل على مستوى السكان، فعلينا أن نفكر في ما يتجاوز المستوى الفردي؛ علينا أن نفكر في المكان. لأن الصحة النفسية، في النهاية، لا تعيش في العقل فحسب؛ بل هي متجذرة أيضًا في الأماكن التي نعيش فيها.

ويمكن أن يؤثر تصميم البيئة بشكل كبير على صحة الأفراد النفسية، فعلى سبيل المثال يمكن أن يؤثر تصميم الإضاءة على المزاج والشعور العام للفرد، فالإضاءة المناسبة تسهّل العمل وتزيد الإنتاجية. كما أن الألوان لها دور كبير في تحسين الراحة النفسية وتعزيز الطاقة الإيجابية لدى الأفراد.

وللعوامل البيئية تأثير كبير على الصحة العقلية. على سبيل المثال يمكن أن يؤدي تلوث الهواء والماء إلى مشاكل في الجهاز التنفسي والجلد، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى تزايد القلق والاكتئاب. بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يسهم التلوث الضوضائي في تعطيل النوم، ما يؤدي إلى اضطرابات المزاج. وأيضا يمكن للبيئة المبنية، مثل التصميم الحضري والوصول إلى المساحات الخضراء، أن تؤثر على الصحة العقلية من خلال تعزيز العزلة الاجتماعية أو تعزيز الروابط المجتمعية.

وعلميا ثبت أن صحة المواطنين النفسية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتوافر المساحات الخضراء العامة في المدن. وتؤثر الاضطرابات العقلية على الغالبية العظمى من المواطنين في العالم. ويشكل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و24 عامًا نسبة كبيرة من هؤلاء. والأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة هي عدم المساواة الحضرية والاجتماعية، والعنف، ونقص السكن، وقبل كل شيء عدم وجود مساحات خضراء. ومن بين المجموعات الأكثر تضررا بشكل واضح أولئك الذين يعيشون في الضواحي والأقل ثراء.

وتؤكد الكثير من الدراسات العلمية أن وجود الحدائق والمتنزهات والأشجار في المدن يساعد على تقليل التوتر والقلق والاكتئاب. إن البيئة الطبيعية المتكاملة بشكل جيد في المناطق الحضرية تسمح للمواطنين باستعادة طاقتهم النفسية والجسدية، وتعزيز الهدوء العقلي وخفض هرمون الكورتيزول، المعروف باسم هرمون التوتر.

اعتقال ليلى صارمي، ابنة المجاهد الشهيد علي صارمي ووالدة السجين السياسي فرزاد معظمي


أصدقاء إيران الحرة في هولندا يطلقون نداءً عاجلاً لوقف الجرائم ضد السجناء السياسيين


الأورام السرطانية تنمو في مسارات متشابهة لدى البشر والكلاب


تقنية جديدة لتشخيص التوحد عبر تتبع حركة العين