تقارير وحوارات
حسين داعي الإسلام: نظام الملالي أصيب بأضرار كبيرة وسقوطه بات قريبًا
حسين داعي الإسلام: نظام الملالي أصيب بأضرار كبيرة وسقوطه بات قريبًا
حسين داعي الإسلام: نظام الملالي أصيب بأضرار كبيرة وسقوطه بات قريبًا
مأخوذة من نداء الوطن
أكد عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية حسين داعي الإسلام أن الضربات الأمنية والعسكرية التي تلقاها النظام في ايران أحدثت تاثيرات كبيرة على البنية العامّة للنظام، معتبرًا أن التغييرات الناجمة عن التطورات الأخيرة تجعل النظام يسير نحو السقوط ولكن من الداخل، على يد المقاومة الداخلية مدعومة من الشعب. وقال داعي الإسلام أن النظام الايراني نظام ديني عقائدي لا يمكن إصلاحه وقد أثبت ذلك خلال47 عامًا من استلامه السلطة.
حسين داعي الإسلام الذي أودع السجن في عهد الشاه بسبب معارضته لسياساته الاقتصادية والقمعية، وانتقل الى معارضة نظام الملالي، خصّ "نداء الوطن" بمقابلة استعرض فيها المراحل التي مرّت بها طهران وتوقّع سقوط النظام قريبًا.
في ما يلي نص المقابلة:
س: كيف تقيّمون التصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل؟ هل أضعف هذا التصعيد النظام الإيراني داخلياً أم عزز تماسكه عبر تعبئة الرأي العام ضد "العدو الخارجي"؟ وما حجم الخسائر التي خلفتها الحرب؟
ج : قبل اندلاع هذه الحرب، كان نظام الملالي في إيران يواجه أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة كان عاجزًا عن حلّها، نتيجة 46 عاماً من الفساد المنهجي والنهب الممنهج الذي مارسته سلطة الولي الفقيه. وقد اعترف مسؤولو النظام ووسائل إعلامه مرارًا بالطابع الانفجاري للوضع الداخلي، وقالوا بوضوح إنّ إيران أصبحت أشبه بـ"برميل بارود" قابل للانفجار في أي لحظة.
السبب في ذلك واضح: فقد النظام الإيراني كل شرعيته بسبب فساده البنيوي، وقمعه الوحشي، وعجزه الاقتصادي الواسع. موجات الانتفاضات الشعبية التي انطلقت في الأعوام 2009 و2017 و2018 و2019 وأخيراً في 2022، بشعارات مثل "الموت للديكتاتور، الموت لخامنئي" و"الموت للديكتاتور، سواء كان الشاه أو الولي الفقيه"، تُجسد إرادة الشعب الإيراني في إنهاء هذا النظام بشكل نهائي.
س: هناك جدل كبير حول حجم الاضرار الناجمة عن الضربات الاسرائيلية والأميركية . هل لديكم معلومات عن حجم هذه الاضرار؟
ج:الحرب الأخيرة وجهت ضربات قاصمة للنظام في مختلف المجالات، وأدّت إلى إضعافه بشكل غير مسبوق خلال العقود الأربعة الماضية. لقد فقد النظام تماسكه العسكري والسياسي إلى حدّ كبير، وبات ضعفه وفساده وتآكله وانكشاف كذب شعاراته أموراً واضحة للعالم أجمع كما أسفرت المواجهات الأخيرة عن خسائر كبيرة في صفوف القيادات العسكرية والعلماء النوويين الذين كانوا يشكلون أعمدة قوة النظام. وهذه الخسائر لم تكن مجرّد نكسة عسكرية أو أمنية، بل جسّدت واقع التآكل الداخلي وهشاشة النظام المتزايدة.
ورغم محاولات النظام تصوير الصراع مع "العدو الخارجي" كوسيلة لتوحيد الجبهة الداخلية، فإنّ هذا الأسلوب بات يفقد فعاليته. الشعب الإيراني يدرك تماماً أن هذه الحروب ليست سوى ذرائع لتغطية الفشل الذاتي والأزمات المتفاقمة التي يواجهها البلد، وأن المواطن العادي هو من يتحمّل كلفة هذه السياسات التدميرية.
في النهاية، لم يعد بيد النظام سوى اللجوء إلى الدجل السياسي للحفاظ على بقائه، لكن هذه الوسائل تفقد فعاليتها تدريجياً، لا سيما مع تنامي المقاومة الشعبية المنظمة.
من هنا، فإنّ الادعاء بأنّ الحرب الأخيرة عززت دعم الشعب للنظام ليس سوى جزء من الدعاية السخيفة التي يروّج لها النظام نفسه. على العكس، لقد تعزّز أمل الإيرانيين في إسقاط هذا النظام أكثر من أي وقت مضى، وأكدت المقاومة الإيرانية مجددًا أن الحلّ لا يكمن لا في الحرب ولا في سياسة الاسترضاء، بل في إسقاط النظام على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة.
س: إلى أي مدى أثرت الضربات الإسرائيلية والأميركية على البنية العسكرية والأمنية للنظام؟ وهل خلقت هذه الضربات فرصة سياسية حقيقية للتغيير؟
ج: الضربات العسكرية والاستخباراتية التي تکبّدها النظام الإيراني أحدثت تأثيرات عميقة على البنية العسكرية والأمنية للنظام بخطى متسارعة نحو السقوط. وسيُسقط النظام على يد الشعب والمقاومة الإيرانية. هذا هو الحل الصحيح والواقعي لإيران، أما الحرب أو المسايرة والتنازلات مع النظام فلا تؤدي إلى نتيجة.
س: لماذا لا نشهد تحركات واسعة أو منظمة من المعارضة داخل إيران رغم انشغال النظام بالصراعات الخارجية؟ هل السبب هو ضعف التنسيق، القمع الأمني الشديد، أم غياب الدعم الدولي؟
ج: في الواقع، فإن أنشطة المقاومة والمعارضة داخل إيران ليست فقط قائمة، بل آخذة في التوسع يومًا بعد يوم. حجم الاعتقالات الواسع الذي يطال وحدات المقاومة، إلى جانب التقارير المتزايدة عن العمليات الاحتجاجية في مختلف المدن الإيرانية، يدلّ على وجود حراك نشط وقوي. إلا أنّ عدم وصول أخبار هذه الأنشطة إلى الخارج بشكل كافٍ يحجب عن العالم حقيقة النضال الجاري داخل إيران.
النظام الإيراني يستخدم أساليب القمع العنيفة، وعلى رأسها موجات الإعدام الجماعي، لبث الرعب وكسر إرادة الشعب. لكن التجربة أثبتت أنّ هذه السياسات القمعية لم تؤدِّ إلى إخماد جذوة المقاومة، بل على العكس، زادت من إصرارها وتنظيمها وتصميمها على التغيير.
وفي هذا المناخ القمعي، تواصل المقاومة الإيرانية نشاطها الميداني بشكل منظم، وتزداد تأثيرًا وفعالية. والجدير بالذكر أن خامنئي ونظامه لا يخشون الحرب أو الهجمات الخارجية بقدر ما يخشون أنشطة "وحدات المقاومة" المؤيدة لمنظمة مجاهدي خلق داخل إيران، وانتفاضات الشعب الإيراني. ولهذا السبب، ظلت الأجهزة الأمنية في حالة استنفار قصوى طوال فترة الحرب وحتى بعدها، تحسّبًا لأي انتفاضة شعبية قد تندلع في أي لحظة.
لقد اعترف علي خامنئي، الوليّ الفقيه للنظام، مرارًا بأنّ القوى المرتبطة بمجاهدي خلق داخل إيران هي العامل الرئيسي وراء الانتفاضات، والتهديد الأساسي لسقوط نظامه.
خلال الاثني عشر شهراً الماضية فقط، نفّذت وحدات المقاومة أكثر من 3000 عملية في أنحاء إيران، رغم القمع الشديد.
ومع تراجع قوة النظام، يبقى البديل الديمقراطي الحقيقي حاضراً، مدعوماً بشبكة داخلية فاعلة وبدعم دولي واسع يشمل آلاف البرلمانيين والشخصيات السياسية حول العالم.
س: هل تلقيتم عروض دعم من أطراف دولية أو إقليمية لاستثمار هذه الفرصة السياسية، أم أن المجتمع الدولي لا يزال يفضل التعامل مع النظام؟
ج: على مدار 46 عامًا، انتهج المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة وأوروبا، سياسة المسايرة الكارثية مع النظام وتقديم التنازلات للنظام الإيراني. لم يكتفِ هؤلاء بغضّ الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان، والإعدامات، ومجازر السجناء السياسيين، والمشاريع النووية والصاروخية، والحروب التي أشعلها النظام في المنطقة، بل ساهموا أيضًا في تمكينه من السيطرة على العراق وسوريا ولبنان واليمن.
وبدلًا من انتهاج سياسة حازمة ضد هذا النظام، مارس الغرب ضغوطًا هائلة على المعارضة الرئيسية، أي منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية للحصول على رضا النظام الإيراني.
حتى بلغ الأمر بوضعهما على قوائم الإرهاب لإرضاء النظام. لكن بفضل نضال مجاهدي خلق والمجلس على المستويين القانوني والسياسي، اضطرت هذه الدول لاحقًا إلى إزالة هذه التسميات من قوائمها.
اليوم، يحظى المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وبرنامجه المتمثل في "خطة النقاط العشر" التي طرحتها السيدة مريم رجوي، بدعم واحترام واسعين على الصعيد الدولي. فقد نالت هذه الخطة في عام 2024 دعم أكثر من 4000 نائب من 84 برلمانًا في 50 دولة، كما أعربت أغلبيات برلمانية في عشرات الدول في أوروبا ودول المنطقة عن تأييدها لها، باعتبارها تجسيدًا لتطلعات الشعب الإيراني نحو جمهورية ديمقراطية تقوم على مبادئ فصل الدين عن الدولة، والمساواة بين الجنسين، ورفض امتلاك السلاح النووي، والتعايش السلمي.
إضافة إلى ذلك، أعلن عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات السابقين تأييدهم لهذه الخطة، إلى جانب أكثر من 130 شخصية حائزة على جائزة نوبل في مجالات السلام والأدب والعلوم، الذين وصفوها بأنّها "بديل حقيقي للديكتاتورية الدينية".
هذا الإجماع الدولي يعزز من مكانة المقاومة الإيرانية كممثّل شرعي لطموحات الشعب الإيراني، ويؤكد أنها البديل الواقعي القادر على قيادة إيران نحو مرحلة جديدة بعد إسقاط النظام.
كما أكدت السيدة مريم رجوي مرارًا، تدعو المقاومة الإيرانية المجتمع الدولي إلى تبنّي"الخيار الثالث" أي بمعنى إسقاط النظام بيد الشعب والمقاومة الإيرانية والاعتراف بالمقاومة كبديل ديمقراطي شرعي، مع وقف كافة أشكال الدعم المالي والسياسي للنظام.
س: في حال التوصل إلى اتفاق بين النظام والولايات المتحدة، ما هي سيناريوهات المعارضة للمستقبل؟ وهل أنتم مستعدون لتقديم بديل سياسي حقيقي رغم تشتت المعارضة؟
ج: المقاومة الإيرانية، بقيادة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والسيدة مريم رجوي، لم تراهن يومًا على علاقة الغرب بالنظام، بل وضعت رهانها على قوة الشعب والمقاومة المنظمة. النظام الحاكم في إيران يعيش مأزقًا وجوديًا، فهو غير قادر على التراجع عن سياساته المعتادة، ما يؤدي إلى تفاقم أزماته الداخلية والخارجية، ويقوده نحو حتمية السقوط. هذا النظام دخل فعليًا مرحلة "ما قبل السقوط"، والتطورات القادمة ستُسرّع هذا المسار.
المقاومة الإيرانية تمتلك خطة واضحة لتأسيس حكومة مؤقتة تدير شؤون البلاد لمدة ستة أشهر بعد سقوط النظام. خلال هذه الفترة، سيتم ضمان الحريات السياسية، والعدالة الاجتماعية، وفصل الدين عن الدولة، وإلغاء عقوبة الإعدام، وحماية حقوق الأقليات، وتحقيق المساواة بين الجنسين، ووقف البرنامج النووي العسكري. وستقوم هذه الحكومة بتنظيم انتخابات حرة من أجل صياغة دستور جديد.
إن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هو الجهة المنظمة والجاهزة لقيادة المرحلة الانتقالية وتحقيق التغيير الحقيقي. هذا البرنامج ليس مجرد نظري، بل يمثل خطة عمل عملية تستند إلى تجارب ملموسة راكمتها المقاومة على مدى العقود الماضية.
س: هل النظام الإيراني قابل للإصلاح؟ وما هو الحل الحقيقي للتخلص من تهديداته؟
ج: النظام الإيراني هو نظام ديني استبدادي أثبتت تجربة 46 عامًا أنه غير قابل للإصلاح. جميع محاولات "الإصلاح" باءت بالفشل، لأن طبيعة النظام قائمة على القمع الداخلي والتوسع الخارجي ودعم الإرهاب والسعي لامتلاك السلاح النووي.
منذ عقود، أكدت المقاومة الإيرانية أن "الأفعى لا تلد حمامة"، وأن هذا النظام لا يمكن إصلاحه. اليوم، حتى أوروبا والولايات المتحدة اللتان راهنتا طويلاً على تغيير سلوك النظام، أدركتا خطأ سياساتهما.
الحل الوحيد هو إسقاط هذا النظام عبر إرادة الشعب والمقاومة المنظمة، وتأسيس دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتضمن السلام والاستقرار في إيران والمنطقة. استمرار هذا النظام يعني استمرار القمع والمعاناة والحروب. ولا يمكن تحقيق مستقبل حر وسلمي إلا بإسقاطه الكامل والشامل.
النتيجة التي أودّ التوصّل إليها من هذا النقاش هي أنّ سياسة المسايرة مع نظام الملالي قد فشلت فشلًا ذريعًا، وقد شاهد العالم بأسره نتائجها الكارثية التي لم تكن سوى المزيد من الحروب والدمار، بينما يواصل هذا النظام تمسكه بسياساته القمعية والتوسعية دون أي تراجع. وهكذا تبيّن أن لا الحرب ولا المسايرة تُشكّلان حلًا لمواجهة هذا النظام، بل إنّ السبيل الوحيد يكمن في إسقاطه على يد الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية المنظمة. وقد حان الوقت للمجتمع الدولي أن يعترف بحق الشعب الإيراني في إسقاط هذا النظام، وأن يعترف رسميًا بالمقاومة الإيرانية كبديل شرعي وديمقراطي.
بالنظر إلى ضعف النظام الإيراني وسيره الحتمي نحو السقوط، لا بدّ من قطع يد هذا النظام وميليشياته التابعة له من لبنان في أسرع وقت ممكن. ونأمل أن يتمكّن الشعب اللبناني المثقّف من الوصول سريعًا إلى السلام والأمن والتقدّم والازدهار، وأن يستعيد هذا البلد الجميل والعريق مكانته الحقيقية في الشرق الأوسط والعالم.