ثقافة وفنون
حملة دفاع فنية عن هند صبري بعد انتقادات مطالبة بترحيلها على مواقع التواصل
شن فنانون مصريون حملة للدفاع عن الممثلة التونسية هند صبري، ضد هجوم حسابات مصرية على وسائل التواصل الاجتماعي عليها بسبب دعمها الإنساني لقافلة الصمود التي انطلقت من تونس بهدف كسر الحصار على قطاع غزة، والتي رفضت السلطات في مصر دخولها أراضيها لعدم حصولها على تأشيرات وموافقات رسمية مطلوبة.
واشتعلت الحملة ضد هند صبري، الحاصلة على الجنسية المصرية لزواجها من مصري، خصوصًا بعد منشور على فيسبوك لأشرف صبري والد الممثلة المصرية ياسمين صبري طالب فيه بترحيلها من مصر وشطبها من نقابة المهن التمثيلية لدعمها القافلة “ضد رأي شعب مصر وحكومتها”، ثم ارتفعت بعدها وتيرة الهجوم ضدها.
وجاءت أبرزت التصريحات في الحملة المضادة دفاعًا عن هند على لسان الممثلة المصرية إلهام شاهين، المعروفة بآرائها المؤيدة دومًا للدولة، ما تسبب في حملات كثيرة ضدها هي الأخرى. وذكرت شاهين ردًا على سؤال عن الهجوم على هند صبري أنها “فنانة محترمة، وهي خلاص فنانة مصرية، وحتى لو كانت قالت رأيًا لم يعجب الناس لا بأس، نغفر،” رافضة ما يقال عن ترحيلها من مصر أو أن نتصيد الكلمات لبعضنا البعض، فهذا “عيب”، على حد تعبيرها.
وشملت قائمة الفنانين المصريين الذين دافعوا عن هند صبري كلًّا من الممثلة رانيا فريد شوقي، والمخرجين يسري نصرالله وأمير رمسيس ومجدي الهواري، والمنتج محمد العدل، وأكدوا أنها تونسية- مصرية وطنية، وأن إرهاب المخالفين في الرأي هو أكبر إساءة لمصر والمصريين، وحبها لمصر لا يمكن التشكيك فيه.
وأشار الناقد طارق الشناوي في منشور على فيسبوك إلى أن الحملة مقصودة للإساءة إلى هند صبري:
وأعاد الشناوي التذكير في مقال له بحملة سابقة للهجوم على هند صبري بعد توجيهها التهنئة لمنتخب تونس لكرة القدم بعد فوزه على المنتخب المصري في مباراة بين الفريقين. وكتب “كثيرًا ما لعبوا بتلك الورقة، هند تونسية أبًا عن جد، فخورة بانتمائها إلى هذا البلد العظيم، الذي لا يتوقف عن إنجاب الموهوبين، عشقها لمصر (كتير برشا) لا أحد يزايد عليها، تحمل الجنسية المصرية بحكم الزواج والإنجاب ورصيدها الفني المحسوب بقوة للفن المصري.”
وعلَّق الممثل التونسي المقيم في مصر تميم عبده وشارك في أعمال درامية مصرية عديدة قائلًا “بقدر حزني لأن شهادتي ستبدو مجروحة فأنا أشد حزنًا لأن الناس انبروا لتشويه صورة هذه السيدة التونسية الأصل المصرية الجنسية،” موضحًا أن كل ما يقال بعيد عن الحقيقة أو رد فعل وتفسير شخصي لما أملته الأحداث من حولنا والتي يجب ألا تنال من الروابط القوية بين الشعبين، وطالب بأن نتوقف لننظر ونعرف من يمكن أن يكون من مصلحته أن تصل الأمور إلى هذا الحد.
وأكد متابعون أن الحملة التي تتعرض لها هند صبري تستند إلى ادعاءات مضللة إذ لا وجود للفيديو الذي نُسب إليها أنها تقول فيه “ماحدش (لا أحد) يقول لي أنت مصرية، أنا تونسية وأفتخر، تحيا تونس،” وتم تداول صورة لها “سكرين شوت” (لقطة شاشة) من فيديو سابق يرجع إلى شهر رمضان قبل الماضي، باللغتين العربية والإنجليزية، لدعم حملة “تعاون” لكفالة الأطفال الفلسطينيين في غزة، في ظل سوء أوضاعهم المعيشية، مع وضع العبارة المنسوبة لها مكتوبة على الصورة.
ولم ترد الممثلة التونسية على حملة الهجوم الأخيرة ضدها، إلا أن قناة “المشهد” الفضائية أعادت عرض مقطع فيديو قصير على قناتها على يوتيوب من لقاء سابق معها قبل حوالي شهر في برنامج “عندي سؤال” للإعلامي اللبناني محمد قيس تحت عنوان “هند صبري ترد على منتقديها.” وذكرت صبري في الفيديو أنها متزوجة من مصري، وبناتها مصريات-تونسيات، ولديها الجنسية المصرية، وأنها من تونس "واللي مالوش (مَن ليس له) خير في بلده مالوش خير في حد."
وأضافت أنها لم تنكر يومًا أو تتنصل من تونسيتها، وتُكن في نفس الوقت كل الامتنان والحب لمصر، وصار جزء كبير منها مصريًا لأنها تعيش في مصر وتعيش بحب ناسها، فهي القبلة في الفنون خاصة في السينما، ولا يمكن لأي فنان أن يحقق نجاحًا على المستوى العربي لو لم توجد في حياته محطة القاهرة.
◙ لا وجود للفيديو الذي نُسب إلى هند صبري وتم تداول صور مزيفة عنه مع ادعاء أنها تتنكر لمصر وأنها تفتخر بتونس فقط
وعلقت على ما ينالها من اتهامات أحيانًا بسبب آرائها بأن ظهور مواقع التواصل الاجتماعي أتاح لبعض الأصوات أن تعلو لتقول “أنتِ مش تبعنا أو أنت مش (لستِ) من هنا”، وتوجد مثل هذه الأصوات العنصرية الراديكالية المتطرفة في الولايات المتحدة وأوروبا والعالم كله، ولا يمكن إسكات أصحابها، فهل سنظل نلتفت إليهم؟ ولماذا أعمم الخاص؟ إنهم لا يمثلون الأغلبية، ولن أعطيهم الفرصة لهذا، لاسيما أن من يرد عليهم مصريون يحبونني ويدافعون عني.
واللافت أن وزارة الخارجية المصرية أكدت في بيانها حول قافلة الصمود أن "مصر لا ترفض أي دعم إنساني لغزة، لكنها تشدد على ضرورة التنسيق مع الجهات المختصة لتفادي أي إشكاليات لوجستية أو أمنية، وأن عبور المساعدات يجب أن يتم من خلال القنوات الرسمية." كما عبر قطاع من المصريين عن دعمه القافلة، معتبرًا أنها فرصة لمصر لإظهار الدعم الشعبي العربي لغزة، بينما رأى آخرون ضرورة الالتزام بالإجراءات الرسمية للدولة المصرية، فمن يقف وراء الحملة ضد هند صبري بالتحديد ولأي هدف؟
تجدر الإشارة هنا إلى أن الممثلة التونسية تستعد لتصوير مسلسل جديد اسمه “عسل أحمر”، مأخوذ عن رواية “دم على نهد” للكاتب المصري إبراهيم عيسى، وتلعب فيه دور صحافية تسعى إلى تأليف كتاب عن قاتل متسلسل، فتكتشف خلال رحلتها أسرارًا عديدة حول فساد أمني خلال حقبتي الثمانينات والتسعينات في مصر.
يشارك في بطولة العمل المكون من عشر حلقات ويعرض عبر إحدى المنصات الرقمية الممثل المصري آسر ياسين، وكتب السيناريو والحوار محمد هشام عبية ووائل حمدي، من إخراج مريم أحمدي، وإنتاج المنتج اللبناني صادق الصباح. وعقب الإعلان عن المسلسل، كتب الناقد المصري أحمد السماحي مقالًا ذكر فيه أن أسئلة عديدة طرأت على ذهنه بمجرد علمه بتحويل رواية “دم على نهد” الصادرة عام 1996 إلى مسلسل درامي، بعد أن رفضتها شركات إنتاج مصرية عدة على مدى عشرين عامًا نظرًا لجرأتها الشديدة.
وأشار السماحي إلى أن الرواية تتناول فساد الحياة السياسية في مصر خلال عقد التسعينات، وأساليب الدولة الأمنية في استغلال بطلها وأمثاله من المجرمين في توجيه نتائج الانتخابات، وغيرها من الأسرار العاصفة، متسائلًا عما إذا كان المنتج اللبناني صادق الصباح سوف يكتوي بنار إبراهيم عيسى في مسلسل "عسل أحمر."
وبدأت هند صبري رحلتها الفنية من تونس عام 1994 بفيلم “صمت القصور”، وجاءت شهرتها في مصر من خلال فيلم “مذكرات مراهقة” عام 2001، بطولة أحمد عز وإخراج إيناس الدغيدي، لتشارك عبر حوالي ربع قرن في عديد من الأفلام المصرية الناجحة، منها “بنات وسط البلد” و”مواطن ومخبر وحرامي” و”الجزيرة” و”الكنز” و”كيرة والجن”، بالإضافة إلى فيلم “الممر.”