اخبار الإقليم والعالم

عروض الدرونز تبدع لوحات فنية في سماء الإمارات

وكالة أنباء حضرموت

في مشاهد بصرية مبهرة، تحلق الآلاف من الطائرات بدون طيار (الدرونز) في سماء الإمارات لترسم لوحات فنية متحركة تدهش الناظرين.
هذه اللوحات الطائرة باتت سمة أساسية في الاحتفالات والمهرجانات الكبرى في الإمارات، وتعكس تميزا تقنيا، وتجسد فنا يدمج الابتكار والترفيه، يحول الفضاء إلى مسارح مفتوحة.

وما يميز عروض الدرونز في الإمارات هو أنها لا تقتصر على الإبهار التقني، بل ترتقي إلى مصاف الفنون التشكيلية، عبر تحويل السماء إلى لوحة عرض، والطائرات فرشاة، والضوء ألوان.

وفي كل لوحة ترسم، هناك رسالة عن الطموح، والابتكار، والانفتاح على المستقبل، والاعتزاز بالهوية والتراث.

وتقول الجهات المنظمة إن هذه العروض تأتي في إطار تعزيز مكانة الإمارات عاصمة للإبداع، ووجهة مفضلة للزوار الباحثين عن تجارب غير تقليدية، معتبرة أن الاستثمار في هذا النوع من العروض يعكس التزام الدولة بتحقيق التوازن بين الترفيه والتكنولوجيا والاستدامة، إذ تعد الدرونز وسيلة صديقة للبيئة مقارنة بعروض الألعاب النارية والاحتفالات التقليدية.

◄ يتم تحديد مسار كل درون بدقة متناهية في الفضاء، باستخدام برمجيات متخصصة

وفي ظل هذا الزخم من العروض، أصبحت سماء الإمارات بمثابة شاشة عرض عملاقة، تعكس أنواعا من الإبداع الحديث، وباتت التكنولوجيا أداة للتواصل والتعبير الفني ووسيلة للإبهار.

ومن أبرز الفعاليات السنوية التي تستعرض فيها الإمارات إبداعاتها التقنية، عروض الدرونز بمهرجان دبي للتسوق، الذي يقام سنويا.

خلال دورات المهرجان يتم تنظيم عروض فنية تستخدم فيها ما يقرب من ألف طائرة درون لتحلق فوق معالم بارزة في دبي مثل بحر الخليج وجزر وشواطئ الإمارة، مشكلة لوحات متحركة ثلاثية الأبعاد.

وتقدم هذه العروض مرتين يوميا طوال فترة المهرجان، ولا تقتصر على تقديم رسوم ضوئية فحسب، بل تصاحبها أيضا موسيقى تصويرية مخصصة وتجارب تفاعلية مع الجمهور، ما يجعلها حدثا ينتظره الزوار بشغف كل عام.

ولا تستخدم الدرونز لعرض أنماط عشوائية من الأضواء، بل تروي قصصا بصرية مدروسة.

في هذه العروض يبدأ المشهد بتشكيل مجسمات تشكل شخصيات المهرجان، تتحرك وتبتسم للمشاهدين، لتتحول بعدها بسلاسة إلى شعار مهرجان دبي للتسوق، ثم إلى سلسلة من أيقونات التسوق والترفيه التي تميز دبي.

وفي عرض آخر، تحلق الدرونز لتشكل رسما لـ”عين دبي” العملاقة، ثم تنتقل إلى رسم “برج خليفة” أطول ناطحة سحاب في العالم، وكأنها ترسم خارطة دبي المضيئة في السماء.

كل لوحة من هذه اللوحات يتم تشكيلها بأكثر من 1000 طائرة، تتحرك بتنسيق لافت، مع الحفاظ على مسافات ثابتة وسرعة متجانسة، ويتم التحكم فيها ببرمجيات عالية الدقة، وأنظمة مراقبة ثلاثية الأبعاد، وفرق تشغيل على مستوى عال من الكفاءة.

وفي إحدى التجارب اللافتة التي أدخلتها دبي في عروض الدرونز تم إدماج عناصر تفاعلية مع الجمهور، مثل عرض رموز (كود) في السماء، يستطيع الحضور مسحها عبر كاميرات هواتفهم للوصول إلى عروض تسويقية أو المشاركة في مسابقات فورية.

وفي عروض الدرونز بالإمارات، جرى تسيير الطائرات بدون طيار مع عروض الألعاب النارية والليزر، لتخلق مشاهد ثلاثية الأبعاد، ترمز إلى التقاء الماضي بالمستقبل، وتظهر القدرة على تقديم تجارب استثنائية تحتضنها السماء.

آلاف درون لتشكيل لوحات أكثر تفصيلا وتعقيدا، باستخدام تقنيات ثلاثية الأبعاد

ولم تقتصر عروض الدرونز على المناسبات الترفيهية، بل شملت كذلك الاحتفالات الوطنية، مثل اليوم الوطني للإمارات، حيث يتم رسم علم الدولة، وصور القادة، ومعالم الإمارات باستخدام الآلاف من الطائرات الصغيرة.

وفي إمارة أبوظبي تم تنظيم عدة عروض مميزة، منها عرض شارك فيه أكثر من 6 آلاف طائرة درون، شكلت أطول عرض متواصل في المنطقة، دام لأكثر من 50 دقيقة، وتضمن رسائل ترحيب لزوار الإمارة بعدة لغات، ورسومات فنية تمثل عناصر الهوية الإماراتية، ما حاز على إعجاب الآلاف من الحضور، وحقق انتشارا واسعا على مواقع التواصل.

وفي إمارة رأس الخيمة، حققت عروض الدرونز رقمين قياسيين في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لتشكيل أكبر مجسم لمحارة وشجرة في السماء، باستخدام أكثر من 3 آلاف درونز، في عرض استمر 12 دقيقة، مصحوبا بموسيقى حية وألعاب نارية أطلقت من مواقع متعددة.

أما في إمارة عجمان، فتم إطلاق المئات من الطائرات ضمن عروض فنية تجسد اهتمام الإمارة بعروض جمال الخيول العربية الأصيلة، حيث تم تشكيل لوحات لخيول تجري في السماء، وعروض أخرى لصيادين يغوصون في البحر ويستخرجون اللؤلؤ، وهي المهنة التراثية لأبناء الإمارات على مدار عقود.

يقول خبير تحريك الطائرات الدرونز عمرو مكي “نستخدم في العادة مجوعة مكونة من 500 إلى 2000 طائرة، بحسب حجم العرض وتعقيد التشكيلات المطلوبة.”

ويضيف “وراء كل ثانية من هذا الإبهار السماوي، تقف ساعات من التخطيط الدقيق وعمليات حسابية معقدة وتقنيات متطورة.”

ويوضح “تبدأ رحلتنا مع كل عرض بفكرة فنية، قد تكون شعارا، أو صورة رمزية، أو قصة مصورة، ثم يعمل فريق من المصممين والمبرمجين على تحويل هذه الفكرة إلى لوحات جوية.

◄ عروض الدرونز تروي قصصا بصرية مدروسة

ويتم تحديد مسار كل درون بدقة متناهية في الفضاء، باستخدام برمجيات متخصصة، وكل حركة، كل تغيير في اللون، كل انتقال بين مشهد وآخر، يتم حسابه مسبقا لضمان الانسيابية والتناغم التام.”

ويتابع مكي “يتم تجهيز الدرونز، وتكون عادة خفيفة الوزن، مزودة بمصابيح ضوئية قوية وقابلة للتحكم في لونها وكثافتها بدقة فائقة، ويتم شحنها بالكامل واختبارها قبل العرض، ثم يتم حملها في صناديق إطلاق خاصة مرتبة بدقة.

عقب ذلك تتم عملية التحكم من خلال محطة أرضية تستخدم تقنيات متطورة مثل نظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.أس) لتحديد موقع كل درون بدقة سنتيمترية، ويتم الاتصال مع سرب الطائرات عبر قنوات اتصال لاسلكية، تضمن استقبال كل درون للتعليمات في الوقت المحدد.”

ويضيف “عند الإشارة، تنطلق الدرونز من صناديق الإطلاق بشكل متسلسل وسريع، متجهة إلى نقاطها المحددة في السماء، وتتحرك ككيان واحد ضخم وهي مطفأة الإضاءة، وفجأة تتم إضاءة أنوار كل طائرة ليشكل السرب لوحات في السماء تمتد على مساحة عشرات الأمتار المربعة، ويمكن لهذه الطائرات أن تصنع تأثيرات ثلاثية الأبعاد تدهش الحضور، وكأن عناصر اللوحات تطفو في الهواء أو تتحرك باتجاه المشاهدين.

وتتزامن حركة الطائرات مع موسيقى مصاحبة تكون مخصصة للعرض، ما يضفي تأثيرا قويا يجذب انتباه المشاهدين.”

ويضيف “بانتهاء العرض، تعود الدرونز بشكل منظم إلى مناطق هبوط محددة، غالبا ما تكون نفس صناديق الإطلاق، ليعاد شحنها واستخدامها في عروض لاحقة.”

ويشير مكي إلى أن مستقبل عروض الدرونز قد يحمل الكثير من التطور والمفاجآت، حيث يتم التخطيط حاليا لإطلاق أسراب من الطائرات تضم 10 ألاف درون أو أكثر لتشكيل لوحات أكثر تفصيلا وتعقيدا، باستخدام تقنيات ثلاثية الأبعاد متقدمة لتشكل رسوما تفاعلية مع المشاهدين.

إلى جانب ذلك، سيتم دمج التقنيات الحالية مع الذكاء الاصطناعي لتحسين الأداء وخلق عروض تفاعلية، أو دمجها مع الواقع المعزز لخلق تجارب هجينة.

وتابع “يتم الإعداد حاليا لتنظيم عروض درونز كوسيلة رئيسية لسرد حكايات طويلة ومتسلسلة خلال المهرجانات، وحملات التوعية.”

ويضيف مكي “عروض الدرونز في سماء الإمارات لم تعد مجرد تسلية، بل أصبحت ظاهرة ثقافية وتقنية وفنية، وكل عرض هو تحد تقني جديد، وقصة تروى، وذكرى تختزن في قلوب وعقول الآلاف من المشاهدين.”

ويتابع “هذه العروض هي إعادة تعريف للاحتفال، حيث يتحد الفن والتكنولوجيا لخلق لوحات فنية تزين السماء، ويمكن القول إن الإمارات، بما تقدمه من عروض درونز، لا تضيء سماءها فقط، بل تضيء مستقبل صناعة الترفيه العالمي.”

زلزال بقوة 4 درجات يضرب ولاية بينغول شرقي تركيا


مأساة عائلية تهز ألمانيا: يمني يطعن زوجته حتى الموت أمام أطفاله في كرايلينغ


ارتفاع أسعار العملات الأجنبية والعربية في أسواق الصرافة اليمنية اليوم الأحد


تدشين مشروع مياه حيوي في سقطرى بتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة