اخبار الإقليم والعالم
عقدة حكم الملالي المستعصية: اعترافات داخلية بالفشل
عقدة حكم الملالي المستعصية: اعترافات داخلية بالفشل
عقدة حكم الملالي المستعصية: اعترافات داخلية بالفشل
يبدو أن التحديق في العقدة السياسية والاقتصادية المستعصية والشعور بالعجز المطلق أمام استحالة حلها، هو حال مراكز التفكير في نظام حكم الملالي وعلى رأسه الولي الفقيه. فإذا ما نحينا جانباً كل الرتوش الدعائية التي تهدف إلى “تلميع صورة النظام” البائسة، تتجلى حقيقة شاملة أوضح من أي وقت مضى: مواجهة النظام لعقدة سياسية واقتصادية كأداء في تعامله مع مطالب شرائح الشعب الإيراني المتنوعة.
وليست خطب المتحدث باسم وزارة خارجية النظام حول المفاوضات وتقلباتها، وما يحمله في جعبة خامنئي ورئيس الجمهورية ووزير الخارجية، سوى مواعظ فارغة أمام القضية الحقيقية لإيران التي يتزايد ظهورها وحجمها كل يوم: المواجهة الحاسمة بين الشعب والنظام الحاكم.
حتى وسائل الإعلام الحكومية، كلما كتبت أكثر عن المفاوضات وتطوراتها ونتائجها، تجد نفسها مرغمة على الإقرار بالواقع الصعب المتمثل في المواجهة المباشرة بين المجتمع ونظام الملالي. ذلك أن “العقدة المستعصية” بالنسبة للنظام، حتى من وجهة نظر إعلامه المحسوب عليه، تعني انعدام “أي حل”، كما جاء في صحيفة الحکومیة: “قضايا إيران اليوم ليس لها أي حل فني أو جزئي.” (صحيفة “هم ميهن” الحكومية، 26 مايو/أيار 2025).
وهذا يعني أن “قضايا إيران”، في هيئة أزمات متلاحقة، قد ترابطت وتوحدت لتشكل كلاً واحداً. ووضوح هذا الترابط والتوحد “للقضايا” (أو ما يمكن تسميته بـ العقدة المستعصية) بات جلياً لدرجة أن الصحيفة نفسها تعتبر أن لها “منبعاً مشتركاً”، وتكتب: “في الأيام الأخيرة، وقعت أحداث في إيران لها جميعاً، بطريقة ما، منبع مشترك؛ احتجاجات الخبازين، احتجاجات السائقين وأصحاب الشاحنات، اكتشاف ملايين اللترات من الوقود المهرب، الأمر بوقف تسليم سيارات سايبا للمشترين. هذه الحالات تنبع من أي سمة سياسية في إيران؟” (نفس المصدر).
أي أنهم هم أنفسهم يدركون أن كل شيء – مثل هذه الأمثلة المذكورة – تعود جذور تأزمه وتحوله إلى عقدة مستعصية إلى “سمة السياسة” في نظام الملالي. سياسة، وهي تسير في طريق التحول إلى عقدة مستعصية، فقدت موقعها وشرعيتها الاجتماعية بشكل متتالٍ، ووصلت إلى هذا الوضع المزري: “فقدان الثقة بين صانعي السياسات والشعب، الذي لم يعد يعتبر أياً من القرارات والوعود الرسمية جادة أو صادقة ولا يتعاون معها بشكل كافٍ.” (نفس المصدر).
نتيجة هذا الانقسام الحاد بين الشعب والحكم، حتى من منظور أصحاب المصالح والمتعاطفين مع النظام، ليست سوى عقدة مستعصية لا علاج لها: “الحكومة غير قادرة على إجراء إصلاحات اقتصادية، لأنه لا توجد ثقة كافية.” (صحيفة “هم ميهن” الحكومية، 26 مايو/أيار 2025).
خلال الشهرين الأولين فقط من عام جدید الفارسی، هذه هي المرة چندم التي تعترف فيها وسائل الإعلام الحكومية بانعدام “الثقة الكافية” بين المجتمع والحكم، وفي الوقت نفسه تتحدث عن “العودة إلى الشعب وكسب ثقته” (نفس المصدر) كـ”حل حقيقي”. في كلتا الحالتين، يقرون باستقطاب المجتمع والحكم، لكنهم يتعمدون عدم التطرق إلى كيفية حسم هذا الاستقطاب؛ لأن الرجوع إلى هذا الواقع ينشط الذاكرة بسجل النظام الحافل بالجرائم والنهب، وكذلك كابوس مقاطعة وعزل النظام من قبل غالبية المجتمع، والذي نتج عن هذا السجل بالذات.
هذا الكابوس الكبير حققه الشعب الذي قاطع ثلاث مسرحيات انتخابية متتالية للنظام، واستمرار هذا الكابوس يتجلى هذه الأيام في الاحتجاجات المتوسعة لمختلف الفئات وزئير السجناء السياسيين. كابوس أدى إلى عقدة سياسية واقتصادية شاملة ومستعصية. وهذا يعني أن العامل الحاسم النهائي لمصير هذا الوضع هو الشعب، الذي أصبح الآن الكابوس الفعلي لنظام الملالي.