منوعات
خطة مغربية لحماية الغابات ومواجهة لهب التغير المناخي
أعلنت السلطات المغربية في مايو الجاري عن خطة عمل مبكرة لمكافحة حرائق الغابات خلال فصل الصيف المقبل، بهدف الحيلولة دون اندلاع حرائق قد تأتي على الغطاء النباتي وتهدد الثروة الغابية.
وكشفت اللجنة المديرية للوقاية ومكافحة حرائق الغابات، التابعة للوكالة الوطنية للمياه والغابات (رسمية)، عن إجراءات جديدة لتعزيز جهود مكافحة حرائق الغابات خلال صيف 2025.
وتتضمن الخطة تعزيز وسائل الحد من اندلاع الحرائق، من خلال تكثيف دوريات المراقبة، وتفعيل منظومة الرصد والإنذار المبكر، إلى جانب إستراتيجية التدخل السريع وحملات التوعية وإصدار نشرات وبيانات تحذيرية بشأن مخاطر حرائق الغابات.
وبحسب بيان صادر عن الوكالة تشمل هذه الإجراءات فتح وصيانة المسالك ومصدّات النار داخل الغابات، وتوفير نقاط المياه وصيانة أبراج المراقبة، بالإضافة إلى اقتناء سيارات جديدة للتدخلات الأولية.
وقال المدير العام للوكالة عبدالرحيم هومي إن عدد حرائق الغابات المسجلة في المغرب خلال عام 2024 بلغ 382 حريقاً، مسجلاً تراجعا بنسبة 82 في المئة مقارنة بعام 2023.
وأوضح في بيان سابق للوكالة أن تلك الحرائق التهمت نحو 874 هكتارا، مشيرا إلى أن الأعشاب الثانوية والنباتات الموسمية شكّلت حوالي 45 في المئة من المساحات المتضررة.
وتغطي الغابات حوالي 12 في المئة من مساحة الأراضي المغربية، وتتعرض سنويا لحرائق تختلف شدتها حسب الظروف المناخية والسلوك البشري.
وأشاد خبير مغربي في البيئة بإطلاق هذه الخطة المبكرة، داعيا إلى “تعزيز جانب الوقاية والتوعية لضمان نجاحها.” وقال “رغم الإمكانيات المالية والتقنية المرصودة، يبقى المناخ من أبرز العوامل المتحكمة في اندلاع الحرائق.”
وأشار إلى أن “دولاً متقدمة واجهت صعوبات في السيطرة على الحرائق بسبب الظروف المناخية القاسية، مثل الرياح القوية، كما حدث في الولايات المتحدة وكندا.”
وأوضح أن “مكافحة الحرائق تصبح أكثر تعقيداً في ظل ظروف مناخية غير ملائمة، ما يعرقل جهود التدخل.” ولفت إلى أن “الجفاف يُعد من العوامل المساهمة في انتشار الحرائق،” مشددا على أن “الوقاية تظل مفتاح النجاح في السيطرة على هذه الكوارث، من خلال تنقية الغابات من الأشجار الميتة والقديمة، التي تُعد من أبرز أسباب اتساع رقعة الحرائق.”
وأضاف “رغم قيام السلطات بأعمال تنقية في جنبات الطرق وبعض المناطق، إلا أن العملية يجب أن تشمل مختلف المناطق المهددة، خاصة في الشمال والشمال الشرقي.”
وأشار إلى أن مناطق الشرق تضم غابات قديمة، مثل سيدي بوعافة وتافوغالت، والغابات القريبة من مدينة الناظور، محذرا من أن الأشجار الميتة والجافة تُشكّل خطرا كبيرا نظرا لقابليتها العالية للاشتعال.
ودعا إلى غرس أنواع جديدة من الأشجار في هذه المناطق، بما يحافظ على التنوع البيئي، شريطة أن تكون من الأصناف الأقل قابلية للاشتعال، والأكثر قدرة على مقاومة تقلبات المناخ.
وأكد أن “جهود الوقاية يجب أن تشمل أيضا حملات توعية مكثفة، سواء لسكان الغابات أو لزوارها،” موضحا أن “الكثير من الأفراد يفتقرون إلى ثقافة التعامل الآمن مع الطبيعة، وهو ما يستوجب توعية موسعة خاصة خلال الفترات التي تشهد إقبالاً كبيرا على الغابات.”
وتعمل الوكالة الوطنية للمياه والغابات أيضا على النشر المنتظم لنشرات وبيانات تحذيرية بشأن مخاطر حرائق الغابات، وتعميمها عبر مختلف وسائل الإعلام الوطنية، لاسيما خلال الفترات الحرجة من فصل الصيف.
وأوضحت الوكالة أن هذه النشرات تُعد “آلية أساسية لتوعية السكان المحليين، وتعزيز مستوى اليقظة والاستعداد لدى جميع المتدخلين.”
وترى الوكالة أن “الغالبية العظمى من حرائق الغابات ناتجة عن ممارسات بشرية غير مسؤولة،” ودعت في بيانات سابقة جميع مرتادي الغابات -من مخيمين ورعاة ومنتجي العسل وممارسي رياضة المشي في الطبيعة- إلى التحلي بأقصى درجات الحيطة، وتفادي استخدام النار داخل الغابات، خصوصاً في فصل الصيف.
كما دعت السكان إلى “الإبلاغ الفوري عن أي مؤشر على حريق، سواء كان دخانا أو نيرانا أو سلوكا مشبوها.”
وبيّنت الوكالة أن مناطق الغابات في المغرب، على غرار نظيراتها في منطقة البحر الأبيض المتوسط، تُعد من بين المناطق الأكثر عرضة لمخاطر الحرائق، نتيجة عوامل مناخية أبرزها ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض رطوبة الهواء وشدة الرياح الجافة خلال فصل الصيف.
وللرصد المبكر للحرائق تستخدم المملكة طائرات مسيّرة، وأجهزة استشعار أرضية، وكاميرات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تُنصب في المناطق المعرضة للخطر لرصد الدخان أو ارتفاع درجات الحرارة.
وتُعرف أجهزة الاستشعار الأرضية بأنها شبكات مدعومة بتقنيات “إنترنت الأشياء”، وتعمل على مراقبة البيئات الطبيعية بشكل متواصل.
ويتعرض المغرب سنويا لحرائق تطال غاباته التي تشكّل 12 في المئة من مساحة البلاد. وفي هذا السياق أبرز الخبير المغربي في البيئة مصطفى بنرامل أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة في مكافحة الحرائق، داعيا إلى دعم الاتجاه نحو استعمال الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة والذكاء الاصطناعي في الرصد والتتبع.
وقال إن “الرصد عبر هذه الآليات يُعد من نقاط القوة في التدخل لمواجهة الحرائق،” مشيرا إلى أن “الذكاء الاصطناعي يُستخدم في تحليل البيانات المستقاة من الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة وأجهزة الاستشعار الأرضية، بهدف التنبؤ بمخاطر الحرائق واكتشافها مبكرا.”
وشدد على أن “التكنولوجيا الحديثة تلعب دورا محوريا وفعّالا في مختلف مراحل التعامل مع الحرائق، سواء عبر الكشف المبكر أو أثناء اندلاع الحريق أو بعد إخماده.”
وأوضح أن “الأقمار الصناعية توفّر صورا جوية واسعة النطاق، تساهم في رصد التغيرات في الغطاء النباتي ودرجات الحرارة.”
وأضاف أن “بعض الأقمار الصناعية مجهزة بتقنيات التصوير الحراري لرصد النقاط الساخنة، ما يساعد في الوقاية والكشف المبكر عن الحرائق.”
وأشار إلى أهمية الطائرات المسيّرة التي يمكن تزويدها بكاميرات حرارية وأنظمة تصوير متعددة الأطياف، لرصد مناطق شاسعة بكفاءة عالية.
وتابع أن “هذه الطائرات توفّر صورا في الوقت الحقيقي، وتُسهم في تحديد النقاط الساخنة وتوقّع سلوك الحريق ومساره.” وخلص إلى أن “الذكاء الاصطناعي يمتلك القدرة على تحليل أنماط انتشار الحرائق، ما يساهم بشكل كبير في جهود المكافحة.”