رياضة وشباب
مقال شارلي إيبدو الفرنسية حول ناشطي القبائل يثير الغضب الجزائري
أثار مقال نشرته مجلة شارلي إيبدو الفرنسية استياء في الجزائر، لتسلطيه الضوء على قضية المعارضين من القبائل الذين يعانون اضطهاد السلطات، خصوصا أن المقال جاء في ظل التوترات بين فرنسا والجزائر والحرب الإعلامية المحتدمة بينهما.
في حين لا تزال التوترات بين باريس والجزائر عالية، جلس صحافي من “شارلي” في فترة ما بعد الظهيرة على طاولة مقهى في بيلفيل، في الدائرة العشرين من العاصمة باريس، برفقة مجموعة من القبائليين. الذين تم نفيهم من الجزائر بعد الاستقلال وإجبارهم على الصمت، وهم يحاولون الآن معارضة القمع بكلماتهم وكتاباتهم.
ويصف مقال المجلة كواليس اللقاء شارحا “لقد فقدت هذه المجموعة لغة الحوار. الأصوات تنطلق. الجميع يريد التعبير عن نفسه.” ويقول “هل يمكنك أن تسمح لي أن أكمل؟.. هل يمكنك تجنب استخدام كلمة ‘بربر’ التي لا تعني شيئا؟ أو مرة أخرى.” بعد ساعة ونصف من المقابلة “ربما نسمح لرشيد بتقديم نفسه… نحن نجلس في مطعم وبار في بيلفيل، في باريس، في قلب المعقل التاريخي للجالية القبائلية في فرنسا، مع حوالي عشرة من ممثليها. وعند الاستماع إليهم لبضع لحظات، كان أول ما لفت انتباهنا هو هذه الحاجة الملحة إلى الكلام. إن هذه الحاجة، بطبيعة الحال، هي حاجة شعب مُنع منذ زمن طويل من القيام بذلك. لكن الأهم من ذلك كله أنهم يخبروننا عن ثقافة لم تعد موجودة اليوم إلا من خلال كلمات مهاجريها.”
وتعتبر السلطات الجزائرية الناشطين المعارضين من القبائل بأنهم إرهابيون لذلك تعتبر المقابلة التي أجرتها المجلة الفرنسية معهم تأتي في إطار الدعاية والحرب الإعلامية التي لا يمضي يوم واحد دون أن يتحدث عنها وزير الاتصال محمد مزيان ويندد بالمؤامرة الإعلامية الأجنبية التي تستهدف بلاده.
تعليقات الناشطين على مواقع التواصل تعكس استياء من تعامل السلطات مع القبائل ومنعهم من حرية التعبير
ووصفت تشارلي في مقالها الطريقة التي تنظر بها الجزائر إلى التقرير وقالت على لسان السلطات “أمضى صحافي تشارلي فترة ما بعد الظهر في التحدث مع كبار المجرمين والإرهابيين في البلاد. أولا، لأن معظم القبائل الذين التقيناهم هم أعضاء في حركة تقرير مصير القبائل ماك، التي صنفها النظام الجزائري على أنها منظمة إرهابية بسبب معارضتها السياسية. ثم لأن الأحكام الجنائية التي تصدرها السلطات الجزائرية حول الصحافيين المعارضين في المجلة تصل إلى مئات السنين من السجن. فهناك غيلاس عينوش، رسام الكاريكاتير الذي حكم عليه غيابيا بالسجن لمدة ثلاثين عاما، ‘بسبب رسوماته عن الرئيس الحالي’. وهناك أيضًا فرحات مهني، رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين والشاعر القبائلي الشهير، المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة. أما الآخرون، رافا كيتوش، فوزيه، شامي شيميني أو رشيد، جميعهم كتاب أو شعراء أو مغنين، يعيشون مع سيف ديموقليس معلقًا فوق رؤوسهم. وهم متهمون بارتكاب أعمال إرهابية، والآن عرضة لطلبات التسليم.”
وتعكس تعليقات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي استياء من تعامل السلطات مع القبائل ومنعهم من حرية التعبير ومحاولة طمس تاريخهم، وجاء في تدوينة على موقع فيسبوك:
شكراً يا تبّون… على تدمير بلاد القَبائل بكل براعةٍ وحِرَفية!
أيّها “الرئيس” عبد المجيد تبون، نعم، نُناديك بهذا اللقب الآن، فهو يليق بمسرحياتك الهزلية، شكراً لك!
شكراً من القلب، لأنك أبدعتَ في فنّ الهدم. أنت لست رئيساً، بل مهندس دمار، ساحر الخراب، حفّارٌ ماهرٌ لقبر شعبٍ عريق اسمه الشعب القَبائلي.
نجحتَ في تحويل بلاد القَبائل، هذه الأرض المقاومة الشامخة، من منارةِ كرامةٍ إلى مقبرةِ أملٍ… وبكل انتظامٍ وهدوء قاتل.
شكراً على المجاعة المُمَنهَجة
آه، يا عبقري التنظيم العكسي! في زمن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، جعلتنا ننتظر ثلاث ساعات لأجل علبة حليب، هذا إن وُجِدت!
وأكد ناشطون أن هناك محاولات ممنهجة للتعتيم على تاريخ الشعب القبائلي في الجزائر:
Omar_Alsulami1@
جهاد قبائل بني هلال بن عامر والشعابنة من سليم ضد الاستعمار في الجزائر ‼
أخبار القبائل القيسية في الجزائر لم يكتب عنها ولم يبين جهادها بل ولا تاريخ القبائل وقد يكون مدون لها تاريخ في جامعات الجزائر لكن لم ينتشر كثيرا خاصة عندنا…
هكذا يعامل الأمازيغ القبايلين في بلاد الجزائر بالضرب والإهانه ومنعهم من ممارسة أبسط حقوقهم في العيش كإرتداء اللباس الذي يعبر عن هويتهم. والتكلم بلغتهم. منع النساء القبايليات من ارتداء ملابسهن التقليديه في مدن مثل وهران والجزائر والاعتداء عليهن أكبر عار يقوم به للنظام الجزائري ضد ذلك الشعب الامازيغي الأعزل نطالب بحق هذا الشعب في تقرير مصيره … منطقة القبايل تضم ثمانى ولايات اي ما يناهز 12 مليون نسمة. وأعتقد هذا العدد كافي بأن يكون دوله مستقله عن النظام للجزائري العسكري #عاشت_دوله_القبايل_حرة_مستقله
وازداد الجدل الإعلامي حول قضية القبائل في الجزائر مؤخرا بعد قرار محكمة الاستئناف في باريس الأربعاء عدم تسليم المعارض والعضو البارز في حركة تقرير مصير منطقة القبائل (ماك) أكسل بلعابسي بتهمة “أعمال إرهابية.”
وفي إعلانه قرار المحكمة، قال رئيس غرفة تسليم المجرمين إن الطلب المقدم من السلطات الجزائرية “لا ينطبق”، وصفق الحضور لمدة وجيزة في القاعة بعد صدور الحكم.
وقال محامي بلعابسي، جيل ويليام غولدنادل “إنه لأمرٌ يبعث على الارتياح الكبير، إنه يوم جيد للقضاء الفرنسي، أستطيع القول إنه يوم حزين للقضاء الجزائري، ولا مكان للعدالة في الجزائر طالما أن النظام الدكتاتوري الجزائري يواصل قمع مواطنيه، وبخاصة شعب القبائل.”
ويتهم القضاء الجزائري بلعابسي (42 سنة) بارتكاب 14 جريمة، تصل عقوبة بعضها إلى الإعدام، وإذ ينص قانون العقوبات الجزائري على عقوبة الإعدام، لكنها لم تعد تُطبق بموجب تعليق موقت يسري منذ 1993.
ومع التوتر الحاد الذي يطبع العلاقات الجزائرية- الفرنسية منذ العام الماضي، تتواصل الحرب الاعلامية بين البلدين، حيث دعا وزير الاتصال الجزائري مزيان إلى “التصدي لصحافة اليمين الفرنسي المتطرف.”
وترددت مثل هذه الأحاديث على ألسنة كبار المسؤولين بالجزائر، الذين أكدوا أن بلادهم “تواجه مؤامرة خارجية لضرب استقرارها الداخلي وأمنها القومي،” بسبب “انتصارها للقضايا العادلة في العالم.”
وأفاد مزيان بأنه لاحظ “تجاوباً كبيراً” من طرف الصحافيين والإعلاميين، للانخراط فيما سبق أن سمَّاه “جبهة إعلامية موحدة لمواجهة الهجمات ضد الجزائر،” وهي خطة حكومية لتعزيز قدرة الإعلام الوطني “على مواجهة الحملات الإعلامية المغرضة، والدفاع عن صورة الجزائر على الصعيدين الإقليمي والدولي.”
وكان الإعلام الفرنسي قد شن حملات مكثفة تدعم قراراً حكومياً بترحيل العشرات من المهاجرين الجزائريين الذين صدرت بحقهم قرارات بالإبعاد؛ كما دارت حملة إعلامية لإلغاء اتفاق الهجرة الموقع بين البلدين عام 1968، بدعوى أنه تفضيلي للجزائر مقارنة بدول أخرى، وبأنه قانون يعيق سياسة الحد من الهجرة.