تقارير وحوارات
لماذا يمارس النظام الملالي القمع المنهجي؟
لماذا يمارس النظام الملالي القمع المنهجي؟
لماذا يمارس النظام الملالي القمع المنهجي؟
سعاد عزيز
کاتبة مختصة بالشأن الايراني
تعول معظم الانظمة الدکتاتورية وبصورة عامة على الممارسات القمعية التعسفية من أجل المحافظة على نفسها من السقوط والصمود بوجه محاولات شعوبها من أجل التغيير، وبطبيعة الحال فإنه هناك تفاوت وإختلاف بين هذه الانظمة من حيث درجة ونسبة التعويل على الممارسات القمعية بين هذه الانظمة ولکن ليس هناك من أي إختلاف من حيث کون نظام الملالي يأتي في المرتبة الاولى وليس هناك من نظام دکتاتوري يمکن أن يجاريه في درجة ومستوى تعويله على الممارسات القمعية التعسفية.
ومن المفيد هنا التنويه بالاشارة الى مجزرة السجناء السياسيين للعام 1988، والتي تم فيها إبادة 30 ألف سجين سياسي أکثر من 95% منهم أعضاء في منظمة مجاهدي خلق بناءا على فتوى حمقاء للملا خميني ولاسيما وإن هذه الفتوى کانت بأثر رجعي بخلاف کل القوانين والانظمة وحتى المباني الشرعية، ومع إنه قد صدرت نداءات ومطالب من جانب أوساط حقوقية وسياسية دولية من أجل محاسبة ومعاقبة النظام على هذه الجريمة لکن وللأسف البالغ لم يتم ذلك وهذا ما حفزه وشجعه على الاستمرار في نهجه القمعي.
وفي سياق متصل لإستمرار نظام الملالي في ممارساته القمعية وإصراره على التمسك بها فإنه و في اعتراف غير مسبوق، أقر رئيس السلطة القضائية في النظام الإيراني، غلام حسين محسني إجه إي، في 5 مايو 2025، بفتح ما يقرب من 90 ألف قضية جنائية خلال الانتفاضة الشاملة التي شهدتها البلاد في عام 2022. هذا الإقرار لا يؤكد فقط حملة القمع الوحشية التي شنها النظام، بل يقدم أيضا دليلا لا يمكن دحضه على حجم وشدة جرائم النظام ضد شعب يطالب بالحرية. وبينما كان الهدف من هذا التصريح تبرير القمع، فإنه يكشف عن آلة العنف المنظم للدولة.
و يستند هذا التقرير، الذي يستند إلى هذا الاعتراف وتدعمه أدلة أخرى موثقة، إلى توثيق النطاق الكامل لقمع النظام خلال انتفاضة 2022 – من الاعتقالات الجماعية والتعذيب، إلى الإعدامات السياسية، والوفيات المشبوهة في الحجز، والمضايقات المنهجية لعائلات الضحايا.
ولابد هنا من لفت الانظار الى إنه و بعد اندلاع الاحتجاجات في سبتمبر 2022، تشير التقارير الرسمية والمستقلة إلى اعتقال ما لا يقل عن 30 ألف شخص. لم تقتصر حملة القمع على المدن الكبرى؛ بل اندلعت الاحتجاجات في أكثر من 282 مدينة وبلدة عبر جميع المحافظات الإحدى والثلاثين. ومن بين المعتقلين، كان أكثر من 40% من الأطفال والمراهقين دون سن 20 عاما، وقد تم اختطاف العديد منهم من قبل قوات الأمن من المدارس أو في طريق عودتهم إلى المنازل. وفقا لبعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن إيران (مارس 2025)، كانت معظم هذه الاعتقالات تعسفية وشملت العنف، حيث غالبا ما كان المحتجزون يوضعون في الحبس الانفرادي لفترات طويلة، ويحرمون من الوصول إلى محام أو الاتصال بعائلاتهم. امتدت الاعتقالات إلى ما هو أبعد من المتظاهرين لتشمل أولئك الذين عبروا عن تضامنهم فقط – عن طريق النشر عبر الإنترنت، أو حضور التذكارات، أو دعم عائلات الضحايا. تم اعتقال المعلمين والفنانين والرياضيين وحتى الأطباء الذين يعالجون الجرحى، وكثير من هذه الاعتقالات كانت تفتقر إلى أوامر قضائية وصاحبها إساءة جسدية شديدة.
تعويل نظام الملالي على الممارسات القمعية التعسفية وإصراره على عدم التخلي عنها يأتي لأنه يعلم جيدا بأن الشعب الايراني وقوته الوطنية النبيلة المقاومة الايرانية تقف بوجه النظام وترفضه جملة وتفصيلا وإن هذا النظام من دون ممارساته القمعية الاجرامية لا يمکن له أن يقف على قدميه ليوم واحد ولکن مع التذکير بأن هذه الممارسات القمعية لا يمکن لها من أن تحافظ عليه الى النهاية وسوف تثبت الايام القادمة ذلك بوضوح.