اخبار الإقليم والعالم
صيانة خط الغاز الإسرائيلي ينذر بعرقلة صناعة الأسمدة في مصر
يواجه قطاع الصناعة المصري، وعلى رأسها مصانع الأسمدة، تحديا جديدا إثر قرار الحكومة المصرية تعليق إمدادات الغاز الطبيعي بشكل كامل لمدة أسبوعين، في خطوة من المتوقع أن تعرقل الإنتاج وتزيد من نقص الأسمدة في السوق المحلية.
وهذا القرار، الذي يُعزى إلى أعمال صيانة ضرورية في خطوط تصدير الغاز من إسرائيل، يسلط الضوء مجددا على الاعتماد المتزايد لمصر على الغاز الإسرائيلي ويُبرز الحاجة الملحة لتنويع مصادر الطاقة مع تزايد النقاشات حول بدائل استراتيجية مثل استيراد الغاز من قطر.
وأعلنت الحكومة المصرية الثلاثاء عن تعليق إمدادات الغاز الطبيعي بنسبة 100 بالمئة لمصانع الأسمدة لمدة أسبوعين، اعتبارا من 18 مايو الجاري، ما يهدد بتعطيل إنتاج الأسمدة وإمداداتها للسوق المحلية، خاصة وأن الغاز الطبيعي يشكل أكثر من 85 بالمئة من المكونات الأساسية لإنتاج الأسمدة.
وكشف مصدر مسؤول في قطاع الأسمدة المصري لصحيفة "الشروق" المحلية أن هذا القرار جاء نتيجة لأعمال صيانة دورية تجريها إسرائيل على أحد خطوط تصدير الغاز إلى مصر.
وأوضح المصدر –طلب عدم الكشف عن هويته- أن هذا التوقف سيؤدي إلى توقف جميع المصانع، لا سيما الحكومية منها، عن الإنتاج خلال هذه الفترة، ورغم أن المصانع ستستغل هذه الفترة لإجراء أعمال صيانة سنوية، إلا أن التأثير السلبي على توافر الأسمدة في السوق المحلية سيكون واضحًا.
وأبدى المصدر قلقه من أن يؤدي هذا التوقف إلى نقص حاد في الأسمدة بالسوق المحلية، مما قد يشعل السوق السوداء ويساهم في ارتفاع الأسعار.
ويأتي هذا القلق في ظل التزام منتجي الأسمدة بتوريد 55 بالمئة من إنتاجهم إلى الجمعيات التعاونية التابعة لوزارة الزراعة بسعر 4500 جنيه للطن، و10 بالمئة للسوق الحرة، وتصدير 35 بالمئة المتبقية.
ويُعد الغاز الطبيعي المكون الأساسي لإنتاج الأسمدة بنسبة تزيد عن 85 بالمئة، حيث تتحصل المصانع المصرية على الغاز بسعر مدعوم يبلغ 5.75 دولار للمليون وحدة حرارية لتلبية احتياجات السوق المحلية، بينما يُورد الغاز للأسمدة المُصدرة وفق معادلة سعرية تحددها الحكومة.
ومن جانبه، أكد طارق زغلول، عضو مجلس إدارة المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، لـ"الشروق" وجود تراجع ملحوظ في حجم صادرات الأسمدة منذ بداية عام 2025، رغم الأسعار العالمية الجيدة.
وعزا ذلك إلى نقص الإنتاج الناتج عن تراجع إمدادات الغاز، مقدرًا حجم تراجع إنتاج الأسمدة بنحو 20 بالمئة على أساس سنوي منذ بداية العام الجاري، مع توقعات بأن الوضع يتجه نحو الأسوأ.
وأضاف زغلول أن الشركات تتكبد خسائر مالية كبيرة بسبب نقص الإنتاج، مشيرا إلى أن المصانع كانت تُعوّل على الكميات المُصدرة لتعويض الخسائر المحققة من المنتج المُدعم، ولكن نقص إمدادات الغاز أثر سلبًا على حجم الصادرات.
وأوضح أن تكلفة إنتاج السماد المُدعم تتجاوز 6 آلاف جنيه للطن، بينما يُباع لوزارة الزراعة بـ4500 جنيه، فيما يبلغ سعر التصدير حاليًا 400 دولار للطن (حوالي 20400 جنيه).
وبدأت مصر استيراد الغاز من إسرائيل عام 2020 بموجب صفقة قيمتها 15 مليار دولار بين شركة "نوبل إينرجي" (التي استحوذت عليها "شيفرون") و"ديليك دريلينغ"، بهدف تشغيل مصانع الإسالة في إدكو ودمياط لتصدير الغاز المسال إلى الأسواق الخارجية.
وتتفاقم هذه التحديات مع تقارير إعلامية عربية تفيد بأن الجانب الإسرائيلي أبلغ السلطات المصرية بخفض صادرات الغاز الطبيعي بنسبة 20 بالمئة من يونيو إلى سبتمبر المقبل.
ويعزى هذا التخفيض إلى ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الاستهلاك المحلي في إسرائيل، في وقت تعاني فيه مصر بالفعل من تحديات في إمدادات الطاقة، حيث شهدت البلاد انقطاعات متكررة للكهرباء خلال الصيف الماضي بسبب نقص الغاز وارتفاع الطلب.
وفي سياق متصل، كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية أن مصر تبحث عن بدائل محتملة للغاز الإسرائيلي، مع تطلعها نحو استيراد الغاز من قطر، وذلك في إطار زيارة وزير البترول المصري كريم بدوي إلى الدوحة بدعوة من نظيره القطري.
وبحسب بيان صادر عن وزارة البترول المصرية، تُجري القاهرة مناقشات لتوقيع عقود طويلة الأجل لاستيراد الغاز الطبيعي من قطر، بهدف تنويع مصادر الطاقة وتأمين احتياجات قطاعي الكهرباء والصناعة، في خطوة ينظر إليها كمحاولة لتقليل الاعتماد على إسرائيل، خاصة في ظل التقلبات المرتبطة بالصيانة الدورية وتخفيضات التصدير.