اخبار الإقليم والعالم
واشنطن تدمج الاقتصاد والدبلوماسية بتعيين توماس باراك مبعوثا خاصا لسوريا
ذكر مصدر مطلع ودبلوماسي في تركيا أن الولايات المتحدة ستعين توماس باراك، السفير الأميركي الحالي لدى أنقرة وصديق الرئيس دونالد ترامب، مبعوثا خاصا إلى سوريا، وذلك في خطوة دبلوماسية تشير إلى أن استعداد واشنطن لتغيير جوهري في مقاربتها للملف السوري.
ويأتي هذا القرار في أعقاب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير برفع العقوبات الأميركية عن سوريا، ما يشير إلى مقاربة أميركية قد تكون أكثر شمولية تجاه الملف السوري، تسعى من خلالها إلى دمج الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية في استراتيجية واحدة لتعزيز المصالح الأميركية في المنطقة المعقدة.
يشغل توماس باراك منصب سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، وهو أحد أهم مستشاري ترامب أثناء حملة الانتخابات الرئاسية في عام 2016.
وهو ملياردير ورجل أعمال أميركي، ومستثمر عقاري خاص في الولايات المتحدة الأمريكية ومؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "كولوني نورث ستار".
ويُشكل اختيار باراك لهذه المهمة إقرارا من واشنطن بصعود تركيا كقوة إقليمية مهمة لها نفوذ في دمشق، خاصة بعد الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد على أيدي قوات المعارضة نهاية العام الماضي، وهو ما أنهى حرباً أهلية استمرت 14 عاماً.
وتُبرز خبرة السفير العميقة بالعقلية التركية وحساسياتها الأمنية، لاسيما فيما يتعلق بالمناطق الحدودية ومستقبل الجماعات الكردية، قدرته الفريدة على بناء جسور التواصل وتوحيد الرسالة الدبلوماسية الأميركية.
ويهدف هذا التعيين إلى تجاوز التوترات السابقة بين واشنطن وأنقرة حول سوريا، وتسهيل التنسيق حول ملفات حاسمة مثل مكافحة الإرهاب وإدارة مناطق التماس، ودفع أي عملية سياسية مستقبلية تستلزم مشاركة تركية فعالة.
ويرتبط هذا التعيين بشكل وثيق بقرار رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، حيث يخلق هذا القرار آفاقا اقتصادية محتملة جديدة يمكن أن تُسهم في إعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية، فرفع العقوبات يزيل حاجزا رئيسيا أمام مشاريع استراتيجية مثل نقل الطاقة عبر سوريا إلى لبنان والأردن، ويعيد تنشيط خطوط التجارة والترانزيت البرية.
وقد يتضمن دور المبعوث الخاص استكشاف كيفية الاستفادة من هذه الفرص الاقتصادية لخدمة الأهداف الأميركية الأوسع في سوريا، سواء كان ذلك لتعزيز الاستقرار الإنساني أو لتوفير روافع جديدة في المسار السياسي، مع إدارة توقعات الأطراف الإقليمية.
ويُعد هذا التعيين اعترافا ضمنيا من واشنطن بالدور المحوري الذي تلعبه تركيا في أي حل مستقبلي بشأن شمال شرق سوريا، في مناطق مثل إدلب وعفرين، أو على الصعيد السياسي كونها تستضيف ملايين اللاجئين السوريين وتدعم فصائل المعارضة.
كما تؤكد الولايات المتحدة بهذا التعيين اعترافها بالسلطة السورية بقيادة أحمد الشرع، خاصة بعد الاجتماع الذي عقده ترامب مع الشرع في السعودية في 14 مايو، حيث حثه على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وفي رد على طلب للتعليق، صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بأنه "لا يوجد إعلان في الوقت الحالي"، بينما أكد وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو، في حديثه أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أنه سمح لموظفي السفارة التركية، بمن فيهم باراك، بالعمل مع المسؤولين المحليين في سوريا لفهم نوع المساعدات التي يحتاجونها.
وأضاف روبيو "نريد أن نساعد هذه الحكومة على النجاح لأن البديل هو حرب أهلية واسعة النطاق وفوضى، وهو ما من شأنه بطبيعة الحال زعزعة استقرار المنطقة بأكملها".
وعُقد اجتماع أميركي تركي في واشنطن بحضور باراك، حيث تمت مناقشة تخفيف العقوبات وجهود مكافحة الإرهاب، بحسب وزارة الخارجية التركية.
ويأمل هذا التعيين أن يدعم مقاربة أميركية أكثر فاعلية في المشهد السوري المعقد، مستفيدا من العلاقات الاستراتيجية مع تركيا ومن الديناميكيات الاقتصادية الجديدة التي يتيحها رفع العقوبات.