اخبار الإقليم والعالم

رفع العقوبات يشيع التفاؤل لإيقاظ مكامن الزراعة في سوريا

وكالة أنباء حضرموت

حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) من احتمال أن يؤدي الجفاف الشديد في سوريا هذا العام إلى خسارة ما يقدر بنحو 75 في المئة من محصول القمح المحلي، مما يهدد الأمن الغذائي للملايين من المواطنين.

وقال مدير منظمة فاو في سوريا توني العتل لرويترز إن المنظمة تتوقع “نقصا في الغذاء يبلغ 2.7 مليون طن من القمح هذا العام، وهو ما يكفي لإطعام 16.3 مليون شخص على مدار العام.”

وفي عهد الرئيس السابق بشار الأسد، اعتمدت دمشق على واردات القمح من روسيا لدعم برنامج دعم الخبز خلال فترات الجفاف.

ويعيش البلد على وقع أزمة اقتصادية ومالية خانقة بفعل الحرب والصدمات الخارجية، فيما فُقدت بعض المواد الأساسية من الأسواق مع انهيار العملة وارتفاع الأسعار، لتزيد أزمة توفير الحبوب من الواقع الصعب.

وأُعيد تصنيف سوريا دولة منخفضة الدخل في عام 2018، إذ يعيش أكثر من 90 في المئة من سكانها البالغ عددهم حوالي 25 مليون نسمة تحت خط الفقر، وفقا لوكالات الأمم المتحدة.

وعانى مزارعو القمح على مدار سنوات من قلة المحصول ونقص الوقود والأسمدة وارتفاع أسعار البذور، الأمر الذي يبدد فرص حصولهم على بعض الأموال لإدارة شؤونهم في ظل وضع ضاغط لم يسبق لهم أن مروا به سابقا.


وتحدث مزارعو قمح، مثل أسعد عزالدين (45 عاما) عن خسارة محاصيلهم بسبب الجفاف. وقد أثر ذلك سلبا على الزراعة المتضررة بالفعل جراء القتال والقصف العنيف خلال الحرب الأهلية التي استمرت 13 عاما.

وقال في تصريح لتلفزيون رويترز إن “الزراعة في ريف حلب الشمالي تضررت من قلة الري. لا توجد أمطار.”

ويؤكد الخبراء أن ما بدأته الحرب في سوريا، أكمله الجفاف، إذ يؤكد مزارعون أن تغير المناخ أثر بشدة على الإنتاج الزراعي وأن البلد الذي كان الوحيد في المنطقة يحقق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، أصبح سكانه مهددين بالجوع والعطش.

ولا يعاني المزارعون من موجة حر لم يسبق لها مثيل خاصة في فصل الصيف فقط، وإنما أيضا من انقطاع المياه وإمدادات الكهرباء، وكلاهما ضروري للحفاظ على مزارعهم.

وأشارت دراسة لشبكة وورلد ويذر أتريبيوشن، التي تعنى بتحليل الرابط بين العوامل الجوية والمناخ، صدرت في نوفمبر 2023 إلى أن درجات الحرارة المرتفعة الناجمة عن التغير المناخي قد “زادت من احتمالية حدوث الجفاف، أكثر بـ25 مرّة في سوريا.”

وكانت سوريا قبل الحرب من أكثر اقتصاديات الدول النامية تنوعا، وكانت تنتج بين 75 و85 في المئة من أغذيتها وأدويتها وألبستها وأحذيتها ويصدر الفائض منها إلى أكثر من 60 دولة، حسب الصندوق العربي للإنماء ومكتب الإحصاء السوري.

وعلقت روسيا، الحليف القوي للأسد، إمدادات القمح إلى سوريا، والتي تصل سنويا إلى مليون طن، بعد وقت قصير من إطاحة المعارضين الإسلاميين به، وعزت ذلك إلى حالة الغموض التي تحيط بالسلطات الجديدة في البلاد.

واعتادت دمشق على استيراد الغذاء من موسكو في ظل إدارة الأسد، ولم يتضح بعد شكل العلاقات بصورة واضحة بين البلدين في حكم الإدارة السورية الجديدة.

وفي أعقاب الإطاحة بنظام الأسد مطلع ديسمبر الماضي، أبدت أوكرانيا وهي منتج ومصدر عالمي للحبوب والبذور الزيتية على لسان وزير الزراعة فيتالي كوفال أنها مستعدة لإمداد سوريا بالغذاء.

وتختلف الواردات السورية من عام إلى آخر حسب محصولها. وقبل الحرب كان البلد ينتج ما يصل إلى 4 ملايين طن من القمح في المواسم الجيدة، وهو ما يكفي للاحتياجات المحلية ويسمح ببعض الصادرات.

ومع ذلك أدت الحرب والجفاف المتكرر إلى تراجع حجم محصول البلاد، مما دفعها إلى الاعتماد على الواردات من البحر الأسود للحفاظ على دعم الخبز الضروري لسكانها.


في المئة نسبة مساهمة الزراعة في الناتج الإجمالي، لكن خبراء يشككون في هذا الرقم

وانخفض الإنتاج الزراعي إلى أدنى مستوياته القياسية في عامي 2021 و2022، حيث انخفض إنتاج القمح وحده إلى ربع ما كان عليه قبل الحرب.

وتشير التقديرات إلى أن مساهمة القطاع تبلغ 28 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي ظل غياب أرقام دقيقة يشكك الخبراء في هذه المؤشرات.

وجاءت الحرب الروسية في أوكرانيا لتزيد الصورة قتامة، حيث ارتفعت الأسعار في الأسواق العالمية بشكل غير مسبوق، وأثار ذلك مخاوف بشأن الأمن الغذائي في بلد تقول الأمم المتحدة إن الاحتياجات فيه وصلت إلى مستويات غير مسبوقة.

وفي إعلان مفاجئ الأسبوع الماضي، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه “سيأمر برفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا.” ومن المرجح أن تبدأ واشنطن بتخفيف بعض العقوبات خلال الأسابيع المقبلة.

وقال العتل إن “تدفق الأموال قد يؤدي إلى إنعاش القطاع الزراعي من خلال توفير التكنولوجيات المطلوبة بشدة للري وتجديد البنية الأساسية.”

وتعمل المنظمة الأممية منذ سنوات على برامج تستهدف تحسين واقع الأمن الغذائي على مستوى الأسر السورية من خلال دعم صغار الحائزين المحليين لإنتاج المحاصيل وتربية الثروة الحيوانية بمختلف أنواع الحزم الإنتاجية والدورات التدريبية.

وبسبب عدم قدرتها على شراء القمح والوقود، سعت الحكومة السورية الجديدة جاهدة لرفع العقوبات التي عزلت الاقتصاد السوري لسنوات وجعلته معتمدا على روسيا وإيران.

وعبّرت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء عن أملها في أن يتوصل الوزراء إلى اتفاق بشأن رفع العقوبات الاقتصادية الأوروبية عن سوريا.

وسبق أن خفف الاتحاد الأوروبي بالفعل العقوبات المتعلقة بالطاقة والنقل وإعادة الإعمار، والمعاملات المالية المرتبطة بها، إلا أن البعض قال إن هذا لا يكفي لدعم الانتقال السياسي والتعافي الاقتصادي.

وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن قيمة الاقتصاد السوري تبلغ حوالي 21 مليار دولار، وهو ما يعادل تقريبا ما لدى ألبانيا وأرمينيا، اللتين يقل عدد سكانهما عن سوريا بأكثر من 20 مليون نسمة.

وتُظهر البيانات السورية الرسمية أن حجم الاقتصاد انخفض إلى أكثر من النصف بين عامي 2010 و2022. ويرجح البنك الدولي أن حتى ذلك المعدل أقل من الأرقام الحقيقية وسط تقديرات تشير إلى انكماش أكثر حدة بنسبة 83 في المئة بين عامي 2010 و2024.

جدل حول نزاع حزب العمال الكردستاني في ظل غياب الضمانات التركية


جدل يرافق التصويت على مشروع قانون لتنظيم عقود الشغل في تونس


الغرافيت لاعب آخر يقوي هيمنة الصين على المعادن النادرة


مسار العدالة الانتقالية في سوريا ما زال طويلا