اخبار الإقليم والعالم
الرئيس اللبناني يستكشف في القاهرة فرص الدعم العسكري
يتوجه الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى القاهرة الاثنين، في زيارة رسمية تحمل في طياتها ملفات حساسة ومعقدة، بدعوة من نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، لبحث قضايا محورية تتعلق بالاقتصاد، والجيش، وإعادة إعمار لبنان بعد الحرب المدمرة بين إسرائيل وحزب الله.
وتأتي هذه الزيارة في ظل سعي عون، الذي انتخب في يناير بعد أكثر من عامين على تولي حكومة تصريف أعمال زمام الأمور، إلى رسم مسار للخروج من أسوأ أزمة اقتصادية شهدتها البلاد وإعادة الإعمار بعد الحرب الواسعة بين الدولة العبرية والحزب المدعوم من إيران.
يُضاف إلى هذا السياق الداخلي المتردي، وضع إقليمي ودولي بالغ التشابك، حيث يواجه لبنان أزمة اقتصادية خانقة منذ عام 2019، تفاقمت بفعل الحرب مع إسرائيل، التي ألحقت دمارا واسعا بالبنية التحتية، خصوصا في جنوب البلاد والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، وهي مناطق تعتبر معاقل لحزب الله، كما يواجه تحديات أمنية وسياسية، أبرزها ملف سلاح حزب الله، والوضع المتوتر على الحدود مع إسرائيل، والوجود الفلسطيني في المخيمات.
وفي هذا الإطار المضطرب، تمثل زيارة الرئيس جوزيف عون إلى القاهرة محطة مفصلية في مسيرة لبنان المضنية نحو التحرر من براثن أزماته المتفاقمة، فلبنان يواجه تحديات غير مسبوقة تهدد وجوده، يتطلع إلى محيطه الإقليمي والدولي، باحثًا عن يد العون التي تنتشله من هذه المرحلة العصيبة.
ويبقى نجاح هذه المحطة الدبلوماسية الدقيقة رهنا بقدرة الجانبين، اللبناني والمصري، على صياغة تفاهمات راسخة حول الملفات المعلقة، وتحويل الوعود إلى خطوات عملية ملموسة على أرض الواقع، فالوقت يضيق والأزمات تتفاقم، ولبنان في أمس الحاجة إلى طوق نجاة عاجل يمنحه فرصة جديدة للحياة.
وأكدت الرئاسة اللبنانية أن عون يتوجه الاثنين الى القاهرة "في زيارة رسمية" تلبية لدعوة من السيسي.
وقال عون في مقابلة مع قناة "أون تي في" المصرية بثت ليل الأحد إنه سيبحث مع السيسي "العلاقات الثنائية بين البلدين"، إضافة الى "زيارة الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب الى المنطقة والقمة التي حصلت في الخليج ورفع العقوبات (الأميركية) عن سوريا".
لكن التركيز الأكبر سينصب على الملفات الاقتصادية والأمنية، حيث يأمل عون في الحصول على دعم مصري حاسم لإعادة إعمار لبنان المنهك، وتعزيز قدرات جيشه الوطني، وتأمين احتياجاته من الطاقة.
وكما أشار في المقابلة، فإن لبنان يتطلع إلى الاستفادة من "ملفات كثيرة... من الغاز والكهرباء وإعادة الإعمار ودعم الجيش وإعادة إحياء اللجنة المشتركة العليا"، فضلاً عن "دعم الجيش خاصة بالعتاد الهندسي بالتعامل مع المتفجرات والأنفاق".
وتأتي زيارة عون للقاهرة في إطار سعي لبنان إلى إعادة ترميم علاقاته مع الدول العربية، خصوصا الخليجية، والحصول على دعم لإعادة الإعمار. ومصر، بحكم دورها الإقليمي وثقلها السياسي، يُنظر إليها كشريك استراتيجي يمكنه تقديم الدعم للبنان في مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية.
وانتخب عون رئيسا بعد أسابيع من اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضع حدا لنزاع استمر أكثر من عاما، والذي نصّ على تفكيك البنى العسكرية لحزب الله وسحب عناصره من مناطق جنوب لبنان المحاذية لإسرائيل، مقابل تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة (يونيفيل).
لكن إسرائيل تواصل شنّ غارات تقول إنها تستهدف عناصر من الحزب أو "بنى تحتية" عائدة له، وأبقت على تواجد قواتها في خمس نقاط بجنوب لبنان على رغم أن الاتفاق نصّ على انسحابها.
وفي هذا المناخ المعقد، يبرز ملف سلاح حزب الله كأحد أكثر القضايا حساسية، حيث يسعى عون إلى تحقيق توازن بين الاعتراف بواقعية الوجود السياسي للحزب، وبين ضرورة الحفاظ على سيادة الدولة اللبنانية.
فبينما يؤكد عون على "حق حزب الله في المشاركة في الحياة السياسية"، يشدد على أن "السلاح يجب أن يكون حصرا في يد الدولة اللبنانية"، مضيفًا أنه "لا خيار أمام حزب الله سوى القبول بمفهوم الدولة ومؤسساتها".
وفي المقابلةٍ تلفزيونيّة، أكد عون أنه "لا أحدَ يَقدر على ممارسة الضغط على إسرائيل سوى الولايات المتّحدة"، معربا عن تفاؤله بأن "نوايا واشنطن في هذه المرحلة إيجابيّة تجاه لبنان والمنطقة".
كما أعلن عون أن "لبنان طلب من الولايات المتّحدة رعاية مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل لترسيم الحدود البريّة"، مؤكدا أن "هذا الملفّ سيُدار وفقا للمصلحة الوطنيّة اللبنانيّة".
فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني في لبنان، كشف عون عن انتظاره لزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس "لبحث مسألة سلاح المخيّمات الفلسطينيّة وكيفيّة تنظيمه بما يحفظ الأمن والاستقرار". هذه التصريحات تعكس قلقا لبنانيا من تدهور الأوضاع الأمنية في المخيمات، وتسعى إلى إيجاد حلول تضمن الأمن والاستقرار.
وأجرى عون خلال الأشهر الماضية، سلسلة زيارات الى دول في المنطقة، مع سعي السلطات اللبنانية الى إعادة ترميم العلاقات مع بلدان عربية عدة خصوصا خليجية، والحصول على دعم لإعادة الاعمار في ظل الازمة الاقتصادية الحادة التي يمرّ بها لبنان منذ العام 2019.
وسبق لعون أن زار القاهرة في مارس للمشاركة في القمة العربية الطارئة لبحث القضية الفلسطينية.