اخبار الإقليم والعالم

عربات جدعون… خطة إسرائيلية جديدة لغزة بلا مخرج سياسي

وكالة أنباء حضرموت

ترى إسرائيل أن عمليتها المقبلة في غزة تمثّل أداة لتوجيه ضربة حاسمة لقدرات حماس العسكرية، وتقويض قدرتها على إدارة القطاع، إلى جانب السعي لتحرير من تبقّى من الرهائن، غير أن هذه العملية قد تفتح الباب أمام احتلال طويل الأمد وتصعيد في أعمال حرب العصابات.

ومع تبلور خطة “عربات جدعون” الإسرائيلية المرتقبة في غزة، تثير التطورات المرتبطة بزيارة الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع شكوكا حول مدى دعم الولايات المتحدة للخطة. فخلال الأيام القليلة الماضية، دخلت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حوار مع حركة حماس ما أسفر عن الإفراج عن الرهينة الأميركي – الإسرائيلي عيدان ألكسندر.

وخلال زيارته إلى السعودية، صرح ترامب قائلا “نواصل العمل لإنهاء الحرب في غزة في أسرع وقت ممكن”، واصفا الوضع بأنه “مروع”.

وبالفعل، قد تسعى الولايات المتحدة إلى استثمار الزخم الحالي للتفاوض على اتفاق وقف إطلاق نار نهائي في غزة، يشمل إطلاق سراح الرهائن والمعتقلين، وبدء عملية صياغة إطار لمرحلة “اليوم التالي” في غزة.

وتقول نعومي نيومان، وهي زميلة زائرة في معهد واشنطن وعملت سابقا كرئيسة لوحدة الأبحاث في وكالة الأمن الإسرائيلية، في تقرير نشره المعهد إن مفتاح تقييم مسار الأحداث يكمن في سؤالين جوهريين: إلى أي مدى تتمسك إسرائيل بتنفيذ عمليتها، حتى لو كلّفها ذلك فقدان الدعم الأميركي؟ وإلى أي حدّ تبدي الولايات المتحدة استعدادا للمضي قدما في إدماج حماس في مرحلة ما بعد الحرب في غزة؟

مكونات الخطة

تمت الموافقة رسميا على خطة “عربات جدعون” من قبل مجلس الأمن القومي الإسرائيلي في السادس من مايو الجاري، وتهدف الخطة إلى القضاء على حماس، وإرساء وضع جديد في غزة مع استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي، وضمان عودة الرهائن.

ورغم أن الخطة قد تدفع حماس فعليا إلى الإفراج عن بعض الرهائن مقابل هدنة مؤقتة، فإنها تنطوي أيضا على مخاطر عديدة، منها استمرار الاحتلال الإسرائيلي للقطاع، وتصاعد المقاومة المسلحة، وإعادة تسليح حماس، بالإضافة إلى التحديات المحتملة الناتجة عن رفض الأمم المتحدة والأطراف الأوروبية والعربية لهذه العملية.

وعلى الورق، تبدو الخطة شاملة، إذ تدمج حزمة من الضغوط العسكرية والدبلوماسية والإعلامية لضمان تحقيق أهداف إسرائيل. وعلى الرغم من أن إسرائيل لم تُحدد بالتفصيل ترتيباتها المفضلة لما بعد الحرب في غزة، ويرجع ذلك أساسا إلى الانقسامات الداخلية وضعف التنسيق مع واشنطن، فإن الخطة تُبرز شروطا مسبقة محددة لمرحلة “اليوم التالي”، وهي القضاء على حماس وفرض السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة.

وقد أوضح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن ذلك سيتطلب احتلالا مباشرا؛ نزع سلاح القطاع وتفكيك قدرات حماس على الحكم ونقل السكان إلى جنوب غزة لتوزيع المساعدات الإنسانية هناك، وأخيرا إطلاق سراح الرهائن، (الذي يبدو أنه يأتي في آخر قائمة الأولويات).

وتتضمن الخطة تدمير البنية التحتية العسكرية والإدارية لحماس، بالإضافة إلى تجهيز جنوب غزة لاستيعاب المدنيين النازحين وتقديم المساعدات الإنسانية بالتعاون مع شركات أميركية، تحت حماية أمنية إسرائيلية. وتتيح هذه المرحلة لحماس فرصة الإفراج التدريجي عن الرهائن بموجب إطار عمل اقترحه المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف كشرط مبدئي لوقف التصعيد.

وتهدف الخطة أيضا إلى إعادة تموضع المدنيين في غزة داخل مناطق محددة في الجنوب الغربي، تم “تطهيرها”، مع فرز وعزل عناصر حماس.

وفي المرحلة النهائية، تدخل قوات الدفاع الإسرائيلية المناطق التي تم تطهيرها، لتقضي على العناصر المتبقية من حماس، وتؤسس وجودا عسكريا طويل الأمد.

إضعاف قدرات حماس على الحكم

منذ بداية الحرب، فقدت حركة حماس جزءا كبيرا من قدراتها العسكرية وتراجع نفوذها الذي كان في السابق مطلقا في قطاع غزة. وقد بدأت تظهر جيوب متزايدة من الاحتجاجات الشعبية ضدها، إلى جانب مظاهر الفوضى والانفلات الأمني، بما في ذلك نهب مستودعات المساعدات الإنسانية. وفي محاولة لإعادة فرض سلطتها، أنشأت حماس أجهزة جديدة للشرطة والأمن الداخلي، ولجأت إلى القمع الشديد، بما في ذلك تنفيذ عمليات عنف مفرطة وإعدامات علنية.

ومع ذلك، وفي ظل غياب بديل حُكومي فعّال، سواء كان قائما أو متوقّعا، يبقى هذا التآكل في سلطة حماس جزئيا فقط. فما تزال الوزارات والبلديات الخاضعة لسيطرة الحركة تقدم بعض الخدمات الأساسية، وغالبا بالتنسيق مع وكالات الإغاثة الدولية. كما تواصل حماس توفير الموارد الأساسية لعناصرها، في الكثير من الأحيان من خلال إعادة توجيه المساعدات الإنسانية، وهي ممارسة أدت إلى تصاعد استياء السكان المحليين.

وعلاوة على ذلك، ورغم الخسائر الجسيمة التي لحقت بقدراتها العسكرية، لا تزال حركة حماس تحتفظ بقدرة على التعافي في هذا الجانب. ففي يناير، قدّرت أجهزة الاستخبارات الأميركية أن الحركة جنّدت نحو 15.000 عنصر جديد خلال الحرب، في حين قُدرت خسائرها البشرية بحوالي 20.000 قتيل.

وكانت الضربة الأكبر التي تعرضت لها الحركة هي فقدانها القدرة على العمل ضمن تشكيلات شبه عسكرية كبيرة، كتلك التي استخدمتها خلال هجوم السابع من أكتوبر.

لمنع حماس من بسط هيمنتها يتعين التوصل إلى صيغة لإدارة بديلة تتولى مسؤوليات الإدارة المدنية وحفظ النظام العام

ومع ذلك، لا تزال الحركة تمتلك القدرة على تنفيذ عمليات حرب عصابات وهجمات إرهابية متفرقة، مثل عمليات القنص، واستهداف الدبابات بالنيران، وزرع العبوات الناسفة المرتجلة. وقد تُصبح هذه التكتيكات أكثر فاعلية في مواجهة الوجود العسكري الإسرائيلي المستمر. كما أن تصاعد الأنشطة الجوية والبرية الإسرائيلية في قطاع غزة قد يسهم في تيسيرعملية إعادة تسليح حماس، إذ تشير بيانات الجيش الإسرائيلي إلى أن الحركة بدأت فعليا إعادة استخدام بقايا الذخائر الجوية غير المنفجرة في تصنيع عبوات ناسفة شديدة القوة.

ونظرا لكون خطة “عربات جدعون” لا تحدد بوضوح الوضع النهائي المنشود لقطاع غزة، فإن تقييم مدى قدرتها على تعزيز إمكانية التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس أو أي أطراف أخرى يبقى أمرا معقدا. ومع ذلك، فإن الخطط المعلنة للعملية التي تهدف إلى “إزالة حماس من غزة، والتي تحظى بإجماع واسع داخل المجتمع الإسرائيلي، تستبعد عمليا أي إمكانية لإبرام اتفاق طويل الأمد مع الحركة.

ومن جهتها، فإن هوية حركة حماس كحركة “مقاومة” إسلامية تجعل من المستبعد أن تقبل بالاستسلام لـ”العدو الصهيوني”، سواء على المستوى السياسي أو الأيديولوجي.
ومن ثم، فإن استمرار الاحتلال الإسرائيلي والإدارة العسكرية، سواء كانت ذلك مُعلنا أو بحكم الأمر الواقع، من شأنه أن يُوفر لحماس فرصة جديدة لإعادة تعبئة الدعم الشعبي الفلسطيني، سواء في الضفة الغربية أو غزة، حول خيار المقاومة المسلحة بوصفه الإستراتيجية الأكثر ملاءمة للنضال الوطني.

ومن المؤكد أن حركة حماس قد تبدي قدرا من المرونة التكتيكية مع بدء إسرائيل تنفيذ خطتها الجديدة، لاسيما في ما يتعلق بالموافقة على صفقات جزئية لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بشكل مؤقت وتبادل الأسرى. كما أن تصاعد الضغط العسكري الإسرائيلي وتآكل “ورقة الرهائن” قد يسهمان في تليين موقف الحركة على المدى القريب، غير أن من غير المرجح أن توافق حماس في نهاية المطاف على الإفراج الكامل عن الرهائن دون الحصول على ضمانات دولية ملزمة تتعلق بوقف إطلاق النار لفترة تمتد لعدة سنوات، وانسحاب تدريجي لإسرائيل من قطاع غزة، إلى جانب إنشاء سلطة مدنية فلسطينية لإدارة القطاع. والأهم من ذلك، ستسعى الحركة إلى الحفاظ على نفوذها داخل هذه السلطة، حتى لو تم استبعادها رسميا منها.

المخاطر والاحتمالات العملياتية

بصرف النظر عن الآفاق بعيدة المدى لخطة “عربات جدعون”، فإن التنفيذ الكامل لهذه الخطة قد يؤدي إلى إضعاف ما تبقى من القدرات العسكرية لحركة حماس، وتقليص سيطرتها على الحكم على المدى القصير أو المتوسط. كما قد يُسفر عن تفكيك بنية القيادة داخل الحركة، وتقويض سيطرتها الميدانية على الأرض، وإن كان ذلك لا يعني بالضرورة تآكل أيديولوجيتها أو تماسكها التنظيمي.

وقد تدفع العمليات الإسرائيلية حركة حماس إلى إظهار قدر من المرونة التكتيكية (ولكن ليس المرونة الإستراتيجية) حتى قبل اكتمال تنفيذ الخطة. وقد يشمل ذلك القبول بشروط سبق أن رفضتها الحركة، مثل الإفراج عن عدد محدود من الرهائن مقابل وقف إطلاق نار مؤقت. ومع ذلك، لا تبدو الخطة الإسرائيلية كأنها تُعطي أولوية لإعادة جميع الرهائن، رغم أن ذلك يُعدّ الالتزام الأخلاقي الأكبر للحكومة تجاه مواطنيها.

وستتوقف القدرة على استثمار المخرجات غير المعلنة للخطة إلى حدّ كبير على مدى استعداد الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الإقليمية لممارسة ضغوط أكبر على كل من إسرائيل وحماس.

وفي غياب تدخل كهذا، قد تؤدي العملية الجارية إلى ترسيخ المواقف المتطرفة لدى الطرفين. ومن المرجح أن يُفضي التنفيذ الكامل لخطة “عربات جدعون” إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة لفترة مطوّلة، يقابله تمرد مستمر تقوده حماس.

وبالإضافة إلى ما قد ينجم عن ذلك من خسائر إنسانية وأمنية، فإن مثل هذا السيناريو من شأنه أن يجعل قضية غزة عقبة سياسية كبرى أمام العديد من الأهداف الإقليمية الأوسع نطاقا التي تسعى واشنطن إلى تحقيقها، بما في ذلك تلك التي تهدف زيارة ترامب إلى تعزيزها. كما لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت أحكام الخطة المتعلقة بتوزيع المساعدات الإنسانية كافية.

منذ بداية الحرب، فقدت حركة حماس جزءا كبيرا من قدراتها العسكرية وتراجع نفوذها الذي كان في السابق مطلقا في قطاع غزة وقد بدأت تظهر جيوب متزايدة من الاحتجاجات الشعبية ضدها

ويتخيّل المسؤولون الإسرائيليون حاليا إنشاء أربعة مراكز لوجستية: ثلاثة في رفح وواحد في ممر نتساريم، تديرها شركات أميركية وتحرسها قوات الدفاع الإسرائيلية. لكن هل ستكون هذه المراكز قادرة على العمل بفعالية في ظل العمليات العسكرية الإسرائيلية المنتشرة في مختلف أنحاء غزة؟ وكيف ستُوزّع المساعدات على الفلسطينيين في المناطق البعيدة عن هذه المراكز؟ علاوة على ذلك، من المرجّح أن تحاول حماس تعطيل عمليات التوزيع عبر استهداف الجنود والعاملين في مجال الإغاثة، ما قد يضطر الجيش الإسرائيلي في نهاية المطاف إلى تولي هذه المهمة بنفسه، رغم اعتراضات رئيس أركانه إيال زامير.

ووجّه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) انتقادات حادة للخطة من عدة جوانب، ورفض المشاركة في تنفيذها، مشيرا إلى أن النهج الإسرائيلي ينتهك التزامات الدولة بموجب القانون الدولي، ويشكّل مخاطر أمنية جسيمة، ولا يلبّي احتياجات العديد من الفئات السكانية الأكثر ضعفا. كما رفضت دولة الإمارات العربية المتحدة طلبات إسرائيل والولايات المتحدة بالمشاركة في توزيع المساعدات خلال العملية، ما قد يُقوّض من فرص انخراط كيانات أجنبية في تنفيذ الخطة، ويُعزز في المقابل شرعية حماس في معارضتها لها.

ويبدو أن إعلان إسرائيل عن خطة “عربات جدعون” دفع هولندا إلى دعوة الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة اتفاقية الشراكة التجارية المبرمة مع إسرائيل، استنادا إلى ما اعتبرته انتهاكا للقانون الإنساني الدولي في غزة. وتشير هذه الأمثلة إلى أن العملية ستواجه موجة انتقادات دولية واسعة، لا يمكن لأي جهد إغاثي أميركي – إسرائيلي مشترك أن يخفف منها بشكل كامل.

وفي نهاية المطاف، قد تخلص إدارة ترامب إلى أن المكاسب العسكرية التي قد تحققها إسرائيل من خلال عملية “عربات جدعون” لا تُبرر بالضرورة الثمن الذي قد تدفعه المصالح الأميركية الأخرى في المنطقة.

وسواء قررت إسرائيل المضي في تنفيذ جميع مراحل العملية، أو قبلت بقدر مشاركة حماس في غزة بعد انتهاء الحرب، فمن المرجح أن تظل الحركة حاضرة بقوة في المشهد الغزي.

ولمنع حماس من بسط هيمنتها وتقليص نفوذها على سكان القطاع، يتعين على الأطراف المعنية التوصل إلى صيغة لإدارة بديلة تتولى مسؤوليات الإدارة المدنية وحفظ النظام العام.

الأمم المتحدة تحذر من تراجع الأمطار وتفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن


العقيد الباخشي: صرفنا أكثر من "30" ألف بطاقة ذكية بإيراد تقدر "418" مليون ريال


قائدا للواء 135 مشاة يعزي قائد المنطقة العسكرية الاولى اللواء صالح الجعيملاني بوفاة والدته


مسعفون ومصادر طبية لوكالة أنباء حضرموت: استشهاد مدني وإصابة ثلاثة بانفجار عبوة ناسفة زرعها إرهابيون بلودر