اخبار الإقليم والعالم

موجة غضب شعبي تجتاح طرابلس للمطالبة بإسقاط الدبيبة ووقف الاقتتال

وكالة أنباء حضرموت

شهدت العاصمة الليبية طرابلس في الساعات الأولى من صباح الخميس، موجة غضب شعبي عارم، حيث خرجت مظاهرات حاشدة في بلديات أبوسليم وسوق الجمعة وعين زارة، مطالبة بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة ووضع حد للصراعات المسلحة التي تمزق العاصمة.

وعبّر المتظاهرون عن سخطهم العميق إزاء استمرار الصراعات المسلحة التي تعصف بالعاصمة، محملين قرارات حكومة الدبيبة المسؤولية المباشرة عن تفاقم الأزمة الأمنية ودفع طرابلس نحو مزيد من الفوضى والانفلات.

لم تلبث الاحتجاجات السلمية أن تحولت إلى بؤر توتر عنيفة، ففي بلدية أبوسليم، تصاعدت المواجهات بعد إضرام النيران في آليات عسكرية، عقب إطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين سعوا لتفريق المحتجين.

كما شهد ميدان الشهداء وسط العاصمة عمليات تفريق مماثلة باستخدام الرصاص الحي، الأمر الذي أثار موجة واسعة من الاستنكار والغضب بين صفوف المشاركين.

ورفع المتظاهرون شعارات قوية تطالب بإنهاء فورى للنزاع المسلح داخل الأحياء السكنية، ووقف ما وصفوه بـ"القرارات الأحادية التي تعرض أرواح المدنيين للخطر"، مؤكدين على مسؤولية حكومة الوحدة الوطنية عن التدهور المريع في الأوضاع الأمنية.

وتزامنا، تجمع حشود من المحتجين الغاضبين أمام مقر رئاسة الوزراء بطريق السكة مساء الأربعاء، مطالبين بشكل قاطع باستقالة حكومة الدبيبة وتحميلها المسؤولية الكاملة عن عودة شبح الحرب والقتال إلى شوارع طرابلس، وما خلفته من خسائر بشرية ومادية فادحة.

ورغم الإجراءات الأمنية المشددة والانتشار الكثيف للقوات الموالية للحكومة، تمكن المحتجون من الوصول إلى محيط المبنى الحكومي، رافعين أصواتهم بشعارات مدوية تطالب برحيل الدبيبة، متهمينه بالتسبب المباشر في تجدد المواجهات المسلحة التي تهدد أمن وسلامة المدنيين. كما وجهوا نداءات عاجلة إلى أهالي طرابلس كافة للالتحاق بهذه المظاهرات الحاشدة والتعبير عن رفضهم للوضع الراهن.

وفي محاولة لاحتواء هذا التصعيد الشعبي والمسلح، تدخل آمر الكتيبة 166، محمد الحصان، المكلف من رئاسة الأركان كقوة محايدة لفض النزاع، وتحدث إلى المتظاهرين في محاولة لتهدئة الأوضاع المتوترة، مؤكداً على وقوف قوات الجيش الليبي صفاً واحداً إلى جانب الشعب الليبي.

وعلى صعيد موازٍ، أعلن "تيار بالتريس الشبابي"، مساء الأربعاء، عن بدء "العصيان في شوارع وأزقة طرابلس"، في خطوة تصعيدية للضغط من أجل إنهاء التوترات الأمنية والاشتباكات الدامية التي تشهدها العاصمة.

وحذر التيار بشدة، عبر منشور على صفحته في فيسبوك، من استغلال الاحتجاجات لتخريب الممتلكات العامة، مؤكداً أن "ممتلكات الدولة هي ملك للشعب والشباب"، وأن "أي عملية حرق أو تكسير لممتلكات الدولة هو اختراق من قبل أطراف تتبع الحكومات التنفيذية أو المجالس التشريعية التي تراهن على التمديد".

وفي مشهد يعكس الانقسام الحاد في المشهد الليبي، نظم العشرات من أهالي و"ثوار مصراتة"، وهي المدينة التي ينحدر منها الدبيبة، وقفة مؤيدة أمام قاعة الشعب، عبّروا خلالها عن دعمهم الكامل لقرارات حكومته، مؤكدين على أن أي تغيير في السلطة لا يكون إلا عبر انتخابات حرّة ونزيهة، تُحترم فيها إرادة الشعب.

ووسط هذه التطورات المتسارعة، أصدر المجلس الرئاسي الليبي قرارا عاجلا بوقف شامل لإطلاق النار في العاصمة طرابلس، وذلك بعد الاشتباكات الدامية التي شهدتها المدينة منذ منتصف ليل الثلاثاء بين مجموعات مسلحة متناحرة.

وأعلن الرئاسي، عبر بيان صحفي، عن تجميد كافة قرارات حكومة الوحدة الوطنية ذات الطابع العسكري والأمني، بما في ذلك حل بعض الكتائب الأمنية وإقالة بعض أمراء الأجهزة الخدمية أو ضم البعض لوزارة الداخلية، وذلك وفق ما نشره مكتب إعلام الرئاسي.

وأكد المجلس الرئاسي على تشكيل لجنة عاجلة للتحقيق الشفاف والكامل في أحداث طرابلس بدءاً من يوم الإثنين وحتى الآن، وأصدر أوامر واضحة لجميع الوحدات العسكرية بالعودة الفورية إلى مقراتها دون قيد أو شرط.

كانت العاصمة طرابلس قد شهدت موجة من الاشتباكات العنيفة في عدة مناطق، وذلك عقب مقتل آمر قوة جهاز "دعم الاستقرار"، عبدالغني الككلي، المعروف باسم "غنيوة"، وسيطرة قوات تابعة لحكومة الدبيبة على مقرات ومناطق تابعة للجهاز الذي تم حله بقرار حكومي.

وقد تجددت الاشتباكات المسلحة صباح الأربعاء جنوب العاصمة بين قوات "اللواء 444 قتال" التابع لحكومة الدبيبة بقيادة محمود حمزة، وقوة الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بقيادة عبدالرؤوف كارة، مخلفة خسائر بشرية ومادية.

في رد فعل غاضب، توعد "جهاز دعم الاستقرار"، في بيان شديد اللهجة الأربعاء، بملاحقة قاتلي قائده عبدالغني الككلي ورفاقه، معتبرا أن ما حدث يمثل "انتهاكاً صارخاً لكل القيم الإنسانية والوطنية".

وأكد البيان أن الراحل "كان قائدا مخلصا ورجلا شجاعا، جسّد أروع صور التضحية والفداء"، مشدداً على أن استهدافه "يُعد محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار، والنيل من العلاقة بين الشعب وأجهزته الأمنية".

وأعلن الجهاز عن إصراره على "ملاحقة المتورطين فيه، أينما وجدوا، ودون هوادة"، مؤكداً أن الجريمة كشفت "المعدن الحقيقي لمن يقفون خلفها ونواياهم العدائية تجاه الوطن وأبنائه".

وطالب الجهاز صراحة بإسقاط ما وصفها بـ"حكومة التطبيع"، منتقداً "فشلها الذريع في إدارة شؤون الدولة، وعجزها التام عن التعامل مع التحديات الأمنية والميدانية"، ما أفقدها – حسب البيان – "الشرعية الفعلية للاستمرار في الحكم".

جاءت هذه التطورات الدراماتيكية في أعقاب قرارات مثيرة للجدل أصدرها الدبيبة، أعاد بمقتضاها ترتيب الأجهزة الأمنية، وذلك بعد الإطاحة بجهاز دعم الاستقرار وتصفية رئيسه عبدالغني الككلي، وإزاحة عدد من الشخصيات المرتبطة به من مناصب حساسة، وأيضا بعد تهديدات علنية وجهها إلى جهاز الردع ومكافحة الإرهاب الذي وصفه بـ"القوات غير النظامية".

ودعت بعثة الأمم المتحدة في بيان إلى "وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار وفتح ممرات آمنة لإجلاء المدنيين"، مؤكدة دعمها الكامل لجهود التهدئة والوساطة، معربة عن "الانزعاج إزاء التقارير التي تفيد بسقوط ضحايا من المدنيين".

وبشكل مماثل، دعت سفارات خمس دول غربية هي ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا، مساء الأربعاء، في بيان مشترك "السلطات إلى حماية المدنيين" و"استعادة الهدوء على الفور بما يخدم مصلحة جميع الليبيين".من جهتها، دعت تركيا الأربعاء إلى هدنة "دون تأخير" في ليبيا.

وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان "نراقب عن كثب تفاقم الوضع في طرابلس ومحيطها"، مضيفة "ندعو جميع الأطراف إلى تطبيق وقف شامل ودائم لإطلاق النار دون تأخير والانخراط في حوار لتسوية النزاعات".

وعلى الرغم من الاتفاق المعلن على وقف إطلاق النار بين المجموعات المسلحة المتناحرة والمتنافسة، وانتشار قوات محايدة في نقاط التماس لضمان التهدئة وحماية المدنيين، لا تزال الأوضاع في طرابلس تتسم بعدم الاستقرار والهشاشة. ويستمر تواجد المقاتلين في أماكنهم، ولا تزال الشوارع الرئيسية ممتلئة بالدبابات العسكرية، مما يشير إلى أن جذور الأزمة لم تُعالج بعد وأن شبح العنف لا يزال يلوح في الأفق.

ولا تزال أصوات إطلاق الرصاص تسمع بين الحين والآخر خصوصا في ضواحي العاصمة.

سُمع دوي انفجارات قوية طوال الليل، خاصة في منطقة الميناء البحري وغرب وجنوب طرابلس، حيث وصلت مجموعات "مساندة لقوة الردع لتعزيز قوات اللواء 444"، بحسب مصدر أمني.

وبحسب معلومات لوكالة فرانس برس من مصدر مطلع آخر، فإن مجموعة مسلحة من مدينة الزاوية (45 كيلومترا غرب طرابلس) وصلت إلى منطقة السراج في غرب طرابلس دعما لقوات الردع.

وأفاد الخبير جلال حرشاوي بأن الوضع الحالي "أكثر خطورة من أعوام 2011 و2014 و2019" بسبب تسلل "عدد متزايد من الفصائل المسلحة" إلى وسط طرابلس.

وأشار إلى أن فشل الدبيبة وحلفائه في تحقيق "نصر سريع" ضد الردع قد يؤدي إلى "معركة طويلة ومدمرة".

وتدير ليبيا، التي تعاني من الانقسامات منذ سقوط معمر القذافي ومقتله في عام 2011، حكومتان متنافستان الأولى هي حكومة الدبيبة، والأخرى في الشرق يسيطر عليها قائد الجيش المشير خليفة حفتر.

ويتمركز جهاز الردع المصنف من أقوى التشكيلات المسلحة في قاعدة طرابلس الجوية، والتي تضم مطار معيتيقة الدولي وسجن طرابلس الذي يعد الأكبر في العاصمة.

ويسيطر جهاز الردع على الجزء الشرقي للعاصمة كما يفرض سيطرته على عدد من المقرات الحيوية في طرابلس.

وقبيل تجدد الاشتباكات، أصدرت مجموعات مسلحة تابعة لبلدية سوق الجمعة بطرابلس التي ينتمي معظم عناصر جهاز الردع إليها، بيانا دانت فيه حل الأجهزة الأمنية الخاصة بها.

وعلى الرغم من أن طرابلس تنعم بهدوء نسبي منذ الهجوم العسكري الواسع النطاق الذي شنّته قوات حفتر في 2019 وانتهى في يونيو 2020 بوقف دائم لإطلاق النار، إلا أن العاصمة تشهد من حين لآخر اشتباكات بين مجموعات مسلّحة متنافسة لأسباب تتعلّق بالصراع على مناطق النفوذ والمواقع الحيوية.

تونس أمام حتمية تطوير الموانئ التجارية لتحفيز النمو الاقتصادي


للمرة الثانية خلال جولة ترامب.. إسرائيل تعترض صاروخا أطلق من اليمن


لا تنتظر الأعراض.. ابدأ تمارين العضلات بعد سن الثلاثين لحماية قلبك


مخك تحت الضغط.. العمل المفرط يعيد تشكيل دماغك