اخبار الإقليم والعالم
اغتيال الككلي يضعف سيطرة ميليشيات طرابلس ويفسح المجال لتمكين الدبيبة
يفسح اغتيال عبدالغني الككلي أحد أبرز أمراء الحرب النافذين في طرابلس منذ 2011، المجال لرئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة والمجموعات المسلحة الموالية له من مختلف مدن غرب ليبيا وخاصة من مصراتة مسقط رأسه، للسيطرة على العاصمة وسط توقعات بأن تكون قوة الردع الهدف القادم.
ودخلت العاصمة الليبية مرحلة من الغموض بعد تصفية الككلي وحلّ جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي والذي كان قد تم تأسيسه في يناير 2021 من قبل رئيس الحكومة السابق فائز السراج وتكليف الككلي برئاسة جهاز الأمن القومي.
وقالت أوساط محلية إن الككلي تم اغتياله داخل معسكر التكبالي بضاحية صلاح الدين في العاصمة طرابلس، كما تعرض عدد من مرافقيه إلى التصفية في بوابة المعسكر.
◄ الككلي تم استدراجه إلى كمين للتخلص منه نهائيا
وأضافت أن الككلي تمت دعوته لاجتماع طارئ مع عدد من قادة الميليشيات بهدف تقييم الوضع العام وإعادة توزيع مناطق النفوذ في غرب البلاد، وأنه ذهب إلى الموعد دون دراية منه بأنه قد تم استدراجه إلى كمين للتخلص منه نهائيا.
ورأى الدبيبة أن ما حدث يعد "خطوة حاسمة نحو إنهاء المجموعات غير النظامية،" ووجه التحية لوزارتي الداخلية والدفاع لبسطهما الأمن وفرض سلطة الدولة داخل العاصمة طرابلس، معتبرا أن ما تحقق "يؤكد أن المؤسسات النظامية قادرة على حماية الوطن وحفظ كرامة المواطنين، ويشكل خطوة حاسمة نحو إنهاء المجموعات غير النظامية، وترسيخ مبدأ ألّا مكان في ليبيا إلا لمؤسسات الدولة ولا سلطة إلا للقانون."
وأكدت وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية أن العملية العسكرية انتهت بنجاح، وأنها أصدرت تعليمات باستكمال خطتها الأمنية في المنطقة، بما يضمن ترسيخ الاستقرار واستدامة الأمن.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن التحالف الداعم للدبيبة والمكون من مسلحين من مصراتة والزاوية والزنتان بصدد بسط نفوذه على العاصمة طرابلس والسيطرة على المؤسسات المالية والاقتصادية المهمة.
وقالت المصادر إن التحالف يضم اللواء 444 قتال بقيادة محمود حمزة الذي يتولى كذلك رئاسة المخابرات العسكرية، واللواء 111 مجحفل بقيادة عبدالسلام زوبي وكيل وزارة الدفاع، والقوة المشتركة في مصراتة بقيادة عمر بغدادة، وقوة الإسناد الأولي بمدينة الزاوية تحت إمرة محمد بحرون المعروف بـ"الفار"، وميليشيا من الزنتان يتزعمها عبدالله الطرابلسي شقيق وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي، والذي يتولى مهمة رئيس جهاز الأمن العام بالوزارة.
وتابعت المصادر أن التحالف يضم عددا آخر من الميليشيات الموالية للدبيبة، وهو يعمل على ضمان ديمومة الأوضاع على ما هي عليه، ويخطط للقضاء على الجماعات المسلحة من أبناء العاصمة للسيطرة عليها بصورة نهائية وتحييد فعالياتها السياسية والحزبية والاجتماعية، لاسيما أنه تم سابقا استبعاد هيثم التاجوري قائد كتيبة ثوار طرابلس وصولا إلى القضاء على الككلي.
وتشير توقعات أن تستهدف الخطوة القادمة قوة الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بقيادة الشيخ عبدالرؤوف كارة الذي يتعرض بشكل متكرر للتحريض من قبل المفتي المعزول الصادق الغرياني بدعوى أن الجهاز يمتنع عن إطلاق سراح العناصر المتشددة المنتمية للجماعات الجهادية سواء من غرب البلاد أو شرقها، فيما ترى بعض الأطراف ضرورة الإفراج عنها وتهيئتها للمشاركة في أي حرب قادمة ضد قوات المشير خليفة حفتر.
كما أن استهداف قوة الردع سينتهي بالإطاحة بجهاز المخابرات العامة بقيادة حسين العائب الذي يحظى بدعم وحماية القوة، وتم اتهامه خلال الفترة الماضية بالتورط في عمليات ضد أطراف تابعة لحكومة الدبيبة من بينها المستشار الأمني لرئيس مجلس الوزراء عبدالمجيد المليطقة الذي تعرض لمحاولة اغتيال في يونيو الماضي.
◄ الخطوة القادمة ستستهدف قوة الردع بقيادة كارة الذي يتعرض بشكل متكرر للتحريض من قبل المفتي المعزول
كما ينتظر أن يتجه التحالف الميليشياوي الموالي للدبيبة لخوض معركة حاسمة مع قوات وزير الدفاع الأسبق أسامة الجويلي في الجبل الغربي ومنطقة الحمادة الحمراء بهدف السيطرة على حقول النفط والغاز في حوض غدامس.
ويرى مراقبون أن التخطيط للقضاء على الككلي تم منذ مدة، غير أن التسريع بتنفيذه جاء بعد تورط مسلحين محسوبين عليه في عملية اقتحام ورماية داخل مبنى القابضة للاتصالات في منطقة النوفليين واختطاف رئيس مجلس الإدارة صلاح الدين الناجح ونائبه رئيس مجلس إدارة شركة هاتف ليبيا يوسف أبوزويدة واقتيادهما إلى وجهة مجهولة قبل أن يتم الإفراج عنهما لاحقا بعد وصول تحذيرات جدية من هجوم كاسح قد تشنه ميليشيات مدينة مصراتة على العاصمة طرابلس، وهو ما تم اعتباره جزءا من صراع النفوذ على مؤسسات الدولة بين الميليشيات المتنافسة على نهب إيراداتها.
وتم اعتبار الهجوم على القابضة للاتصالات استهدافا شخصيا للدبيبة بصفته رئيس الجمعية العمومية للقابضة للاتصالات ولموظفيها من أبناء مدينة مصراتة. وكان عدد من أعيانها قد توجهوا إلى طرابلس للإعراب عن رفضهم الشديد للهجوم وأكدوا أنهم سيتخذون الموقف المناسب من المجلس الرئاسي ورئيسه محمد المنفي ومن ميليشيا الككلي، فيما أصدر قادة كتائب ثوار مصراتة بيانا ضمنوه إدانة شديدة لما وصفوها بالاعتداء الجبان والمهين لكرامة أبناء المدينة كافة.
وأصدر الدبيبة عدة قرارات أمنية وتنظيمية الثلاثاء، بهدف الإطاحة بعدد من أمراء الحرب المقربين من الككلي، ومن بينها إلغاء إدارة العمليات والأمن القضائي ضمن الهيكل التنظيمي لجهاز الشرطة القضائية، والذي يخضع لإمرة أسامة نجيم، ونقل تبعية هيئة أمن المرافق والمنشآت، التي كانت تحت رئاسة أسامة طليش، إلى وزارة الداخلية، وتشكيل لجنة لمتابعة أوضاع السجون ومراكز الاحتجاز، برئاسة وزير الداخلية، وعضوية وكيل عام وزارة العدل، وممثل عن المجلس الأعلى للقضاء.
وأعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية أن الوضع الأمني بالعاصمة طرابلس مستقر وآمن، وقالت إن الأجهزة الأمنية تؤدي مهامها بكفاءة في حفظ النظام العام، وذلك بعد يوم من اشتباكات مسلحة عنيفة شهدتها المدينة.
كما دعت السكان المحليين وخاصة موظفي مؤسسات الدولة للعودة إلى أعمالهم والمساهمة في استعادة الحياة الطبيعية، مشددة على أهمية التزام منتسبي الوزارة بالدوام الرسمي لضمان استمرار الخدمات وتعزيز الاستقرار.