اخبار الإقليم والعالم
«المركبة عدت».. مصر تسابق الزمن لاستعادة 7 مليارات دولار مفقودة
ما أشبه اليوم بالبارحة، فالأجواء التي تعيشها قناة السويس اليوم تشبه إلى حد قريب أجواء ما بعد انتصار أكتوبر 1973، عندما حررت القوات المسلحة المصرية سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، وبدأت البلاد رحلة التنمية وإعادة الحياة للمجرى الملاحي لقناة السويس.
اليوم تسعى هيئة قناة السويس، إلى استعادة خسائرها بعد تعطل جزئي للملاحة، بعد استهداف مليشيات الحوثي للسفن في البحر الأحمر وهو ما أثر على حركة مرور السفن وإيرادات المجري الملاحي العالمي.
ويتبادر إلى الذاكرة الأغنية الشهير التي قدمها المطرب المصري عبد الحليم حافظ "المركبة عدت" بمناسبة إعادة فتح القنال عام 1975، وتقول كلماتها "المركبة عدت وهى ماشية والكل شايفها بتتعاجب والضحكة أهى زادت وبتغنى كان الأمل مغلوب صبح غالب رجعنا اللى راح يا بلدنا وفردنا الشراع يا بلدنا وبعزم الرجال يا بلدنا خطينا المحال يا بلدنا".
تسعى هيئة قناة السويس لاستعادة 7 مليارات دولار فقدتهما جراء التواترات الجيوسياسية في البحر الأحمر وباب المندب، عبر اجتماعات مكثفة مع ممثلي الخطوط الملاحية لإزالة العقبات، وتأتي هذه المساعي عقب إعلان أن مليشيات الحوثي وافقت على وقف هجماتها ضد السفن في المنطقة
وتترقب السفن والخطوط الملاحية مدى التزام الحوثي بالاتفاق مع الولايات المتحدة بشأن عدم استهداف السفن، ما دفع رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع للاجتماع صباح اليوم مع 25 جهة من الخطوط الملاحية في إطار سعيه لإستعادة مرور الخطوط الملاحية من قناة السويس وتقديم التسهيلات الفنية التي تساعد على عودة القناة إلى مجدها اقتصاديًا، خاصة أنها تمثل 20% من حركة التجارة العالمية وفق البيانات السابقة.
وعلق الدكتور محمد عبد الرحيم الخبير المالي على التطورات قائلاً:"الهدوء في البحر الأحمر لا ينعكس فقط اقتصادياً، بل يملك أبعاداً استراتيجية أيضاً، فاستقرار الملاحة سيعزز من مكانة مصر كممر رئيسي للتجارة العالمية، ويعزز دورها كشريك موثوق في الأمن الإقليمي، في ظل سباق دولي محتدم للسيطرة على ممرات الشحن".
أوضح عبد الرحيم أن القناة، التي حققت إيرادات قياسية بلغت 10 مليارات دولار في العام المالي 2022–2023، انخفض دخلها إلى 1.8 مليار فقط خلال الربع الأول من 2025، مؤكدًا أن استعادة حركة الملاحة ستفتح الباب ليس فقط لتعويض الخسائر، بل لتحقيق أرقام قياسية جديدة.
وقال الدكتور محمد البهواشي الخبير الاقتصادي في تعليق لـ "العين الإخبارية" أن العالم استشعر أهمية قناة السويس كخط ملاحي دولي يستحوذ على 27% من حركة التجارة العالمية، بما له من تأثيرات واسعة على اقتصاديات العالم من حيث أسعار السلع والتضخم .
وتابع أن عودة الهدوء للبحر الأحمر من شأنه زيادة حركة التبادل التجاري بين الدول وخفض تكلفة الإبحار خاصة ان تكلفة الإبحار بعيدا عن قناة السويس تؤدي إلى زيادة التكلفة بنحو 100% بسبب مسافة الإبحار والخدمات المقدمة .
عودة الأمل إلى البحر الأحمر.. قناة السويس تتحرك لتعزيز الملاحة الدولية
وأكد أن قناة السويس كهيئة تعمل منذ فترة على إزالة بعض العقبات أمام الخطوط الملاحية أو بمعني أوضح تقديم تسهيلات من شأنها زيادة عدد السفن المارة من قناة السويس على سبيل المثال عمليات تطوير الغاطس وتقليل مدة الإبحار في القناة ، مشيرا إلى أن عملية التطوير بدأت مع أزمة إيفر غرين في عام 2021.
وتابع أن عمليات التطوير تؤدي إلى جاهزية القناة لاستعادة ثقة الخطوط الملاحية وعودة المليارات المفقودة بشكل أسرع، لكن الأمر يتوقف على مدى جدية الإدارة الأمريكية وكذلك جماعة الحوثي في الالتزام بالاتفاق.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاستراتيجي المصري، سمير فرج، أن الاتفاق "لم يتطرق صراحة إلى وقف استهداف السفن الإسرائيلية"، وهو ما يعني أن الأزمة قد تعود في أي لحظة طالما لم تُحسم الحرب في غزة.
ووفق بيانات شركة "كبلر" للتحليلات، تضاعفت شحنات الوقود- لاسيما الديزل ووقود الطائرات- التي عبرت القناة خلال مارس/آذار 2025، حيث سلك نحو نصف السفن الطريق عبر البحر الأحمر، مقارنةً بنسبة لم تتجاوز 20% في يناير/كانون الثاني.