تقارير وحوارات

قصص مؤلمة لمعتقلين بتهم "العملة" وظروف احتجاز غير إنسانية وسط تجاهل رسمي يثير الغضب

يمنيون خلف القضبان في مصر: انتهاكات مروعة وصمت سفارة مُتهم بالتواطؤ

وكالة أنباء حضرموت

"طفلة يمنية تُزجّ في زنزانة مع تجار مخدرات، رجلٌ يدخل دورة المياه مع ابنته مكبّلي الأيدي، وأم تُرحّل قبل استكمال علاجها.. هذه ليست مشاهد من فيلم درامي، بل قصص حقيقية تروي وجع يمنيين سُجنوا في مصر لمجرد حملهم عملات أجنبية!"


في مشهد يتكرر بصمت، يُحتجز مئات اليمنيين في مصر، بعضهم مرضى، وبعضهم مسنون، وآخرون نساء وأطفال، في ظروف توصف بأنها "لاإنسانية"، دون محاكمات عادلة، أو دعم قانوني فعّال، بل وسط صمت مطبق من السفارة اليمنية التي يبدو أنها فضّلت أن تكتفي بدور المتفرج. تتزايد الشهادات الموثقة، وتتكشف معها فصول موجعة من المعاناة، إذ لا يكاد يمر يوم دون ورود قصة جديدة تُظهر حجم المأساة. وتدل المعطيات على أن ما يحدث ليس عشوائيًا، بل يتبع نمطًا ممنهجًا في التنفيذ، حيث تتم المداهمات بتنسيق بين جهات أمنية مختلفة، وتُسحب الأموال والهواتف فورًا من المعتقلين، ثم يُسجنون دون اطلاع على حقوقهم. ما يزيد من الألم أن اليمنيين المقيمين في مصر، والذين لجؤوا إليها هربًا من الحرب، باتوا يجدون أنفسهم فريسة للقيود والإهانات، بينما الجهات اليمنية الرسمية لا تحرك ساكنًا، في موقف يرى كثيرون أنه تجاوز حد الإهمال ليبلغ مستوى الشبهة في التواطؤ.

 

من ضحايا الحرب إلى متهمي العملة

مصادر موثوقة وشهادات متطابقة – حصل عليها الأحقاف نت على عدد منها – تؤكد اعتقال المئات من اليمنيين خلال الأشهر الأخيرة في مداهمات مفاجئة طالت شقق سكنية واستراحات خاصة باللاجئين اليمنيين في مصر، بتهم تتعلق بـ"تجارة العملة"، رغم أن توحيد سعر الصرف في مصر قد ألغى عمليًا وجود السوق السوداء، بحسب مختصين. الوضع المالي الحالي في مصر لا يسمح بتحقيق أرباح فعلية من تداول العملة، مما يجعل التهمة الموجهة أشبه بغلاف قانوني يُستخدم لممارسة الاعتقال الجماعي، وفقًا لما تقوله شهادات قانونيين وناشطين. ولعل الأخطر من ذلك، أن وزارة الداخلية المصرية تنشر وبشكل يومي تقريبًا بيانات حول "ضبط أجانب بحوزتهم عملات أجنبية"، وتذكر أرقامًا ضخمة للمبالغ المصادرة، والتي تتراوح بين 10 و20 مليون جنيه، وتؤكد المصادر أن أغلبها يُصادر من يمنيين وسودانيين. هذا التكرار في البيانات الرسمية يشير إلى نمطية واضحة في استهداف هذه الجاليات. وإن كان القانون يسمح بمراقبة حركة الأموال، فإن الطريقة التي تتم بها المداهمات والاعتقالات لا تحترم الإجراءات القانونية أو الإنسانية، بل تعكس حالة أمنية جائرة تنفذ دون مساءلة أو متابعة من أي جهة تمثّل المتضررين.

 

ظروف اعتقال صادمة

وتكشف الشهادات – التي تم توثيقها من مصادر ميدانية مستقلة – أن المعتقلين يُحتجزون في غرف ضيقة، تضم أكثر من 70 شخصًا، مع تقييدهم بالأصفاد حتى أثناء دخول الحمام. هذه التفاصيل تكشف عن مستوى مهين من التعامل، لا يراعي كرامة الإنسان أو أبسط حقوقه. بل إن إحدى الحالات تحدثت عن رجل سُجن مع ابنته الصغيرة وتم تقييدهما معًا داخل الزنزانة، واضطرا لدخول الحمام سوية وهما مقيدان، في مشهد يُعبّر عن انهيار كافة الضوابط الأخلاقية والقانونية. وفي حالة أخرى، سُجنت طفلة يمنية في غرفة واحدة مع تجار مخدرات، وسط سجناء جنائيين بالغين، ما يشكل خطرًا نفسيًا وسلوكيًا كبيرًا عليها. فيما وُضعت نساء يمنيات خلف القضبان لأشهر ثم تم ترحيلهن دون محاكمة أو توجيه اتهام واضح، مما يثير تساؤلات عن مدى احترام مصر للاتفاقيات الدولية التي تحمي النساء والأطفال والمهاجرين. كما أن المعتقلين يتم تقييدهم جماعيًا، ويمضون ساعات طويلة واقفين أو جالسين في أماكن متسخة ومغلقة بلا تهوية، لا يدخلها ضوء ولا تصلها رعاية صحية. وأما الأكل، فهو سيئ في النوع والكمية، ويصف بعضهم الطعام بأنه "لا يصلح للحيوانات"، ما يعكس عمق المعاناة اليومية التي يعيشها المعتقلون.


سفارة صامتة.. أو متواطئة؟

وفي ظل هذه الانتهاكات المتكررة، يتهم نشطاء السفارة اليمنية في القاهرة بالتقاعس المتعمد عن أداء دورها في حماية مواطنيها. بل إن البعض يذهب إلى القول إنها تتواطأ بصمت، حيث يُقال إن المحامي التابع لها – وهو مصري الجنسية – يطلب مبالغ باهظة (5000 جنيه مقدمًا و2000 لكل جلسة)، دون تحقيق أي نتائج ملموسة لصالح المعتقلين. وهذا الأمر زاد من غضب الجالية اليمنية التي شعرت أن وجود السفارة لا يضيف أي حماية أو دعم قانوني حقيقي، بل قد يُستغل ليزيد من العبء على الضحايا. والسؤال المطروح الآن: كيف يمكن لسفارة أن تقف مكتوفة الأيدي بينما يُسجن العشرات من رعاياها يوميًا؟ لماذا لا تصدر بيانًا واحدًا توضح فيه موقفها؟ ولماذا لا تطالب بتحقيقات شفافة حول ظروف الاعتقال والمعاملة؟ إن صمت السفارة لا يمكن تفسيره فقط على أنه فشل إداري، بل يبدو للكثيرين أنه مشاركة غير مباشرة في القمع، خاصة مع تكرار القصص وتوثيقها من أطراف متعددة. ويحمّل اليمنيون السفارة مسؤولية أخلاقية كاملة، لأن تجاهلها يعني بالضرورة تفاقم الانتهاكات، واستمرار المعاناة، وتحول القضية إلى أزمة دبلوماسية وإنسانية يصعب تبريرها لاحقًا.

 

الأرقام تتحدث.. والعجز الرسمي مستمر

هناك كبار سن ذهبوا للعلاج، فسُجنوا، وأُخذت أموالهم، وتم ترحيلهم دون أن يتعالجوا. المأساة لا تقتصر على شباب أو مهاجرين غير نظاميين، بل طالت حتى مرضى وأسر كاملة. ووفقًا للبيانات غير الرسمية التي يجمعها نشطاء يوميًا، فإن عدد اليمنيين الذين تعرضوا للاعتقال أو الترحيل خلال الأشهر الماضية تجاوز عدة مئات، وقد يصل إلى الآلاف، بحسب تقديرات منظمات حقوقية. والسؤال هنا: أين دور الدولة اليمنية وسفارتها في مواجهة هذا الوضع؟ لماذا يُترك المواطنون يواجهون مصيرهم وحدهم؟ وما مصير من تم ترحيلهم؟ وهل حصلوا على حقوقهم؟ إن حجم الانتهاك لا يترك مجالًا للسكوت، ولا يقبل التبرير. فحين يُزج بالأبرياء في السجون، ويُعاملون بأساليب مهينة، وتصادر أموالهم دون محاكمة عادلة، ويُرحّلون قسرًا دون فرصة للجوء أو الاستئناف، فإن الأمر يتحول إلى فضيحة حقوقية يجب أن يُحاسب عليها الجميع، بدءًا من منفذي الاعتقال، وانتهاءً بمن يصمت وهو يملك سلطة التدخل.


صرخة استغاثة من الزنازين

"إن لم تتدخل الدولة اليمنية رسميًا لوقف هذه الانتهاكات، فإننا أمام كارثة إنسانية حقيقية تُرتكب بصمت"، هكذا يقول أحد الناشطين اليمنيين في القاهرة، مضيفًا: "كل يوم تصلني رسائل جديدة عن معتقلين جدد، ولا نملك سوى التوثيق والبكاء". في ظل غياب صوت رسمي أو موقف دبلوماسي قوي، بات المعتقلون اليمنيون في مصر يعيشون معاناة مركبة: اعتقال تعسفي، ظروف غير آدمية، تجاهل سفاري، وخوف من الترحيل. هذه الصرخة لا تستجدي العطف، بل تطالب بالعدالة. ومن هنا، نوجه في هذا التقرير من منبر موقع الأحقاف نت  نداءً عاجلًا إلى كافة الجهات المعنية – داخل اليمن وخارجه – للتدخل فورًا، ومطالبة الحكومة المصرية بفتح تحقيق نزيه وشامل. كما ندعو المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لرصد هذه الانتهاكات والضغط على السلطات المصرية والسفارة اليمنية لوضع حد لما يجري. فكل يوم يمضي، هناك طفلة تُهان، وامرأة تُسجن، ورجل يُرحّل، وقضية تُنسى.. ونحن أمام اختبار إنساني حقيقي: هل سنصمت مثلهم، أم سنصرخ في وجه الظلم حتى يسمعنا العالم؟

"سناب شات" مصيدة الضحايا: ضبط خلية ابتزاز تستغل صور الشباب في حضرموت


بلاغ مهم من لجنة المحروقات لمرافق الخدمات لحلف قبائل حضرموت


الانتقالي الجنوبي يُعزز حضوره في واشنطن باتفاق استراتيجي مع شركة علاقات عامة أمريكية


متعاقدو "ابن سيناء" ينتفضون: بيان حقوقي يكشف تجاهل السلطات في حضرموت