اخبار الإقليم والعالم
جبهة بوليساريو الانفصالية تعيش على وقع الانشقاقات
كشف منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف “فورساتين”، عن تفاصيل عملية نوعية، شهدت هروب ثلاثة عناصر من ميليشيات جبهة بوليساريو ودخولهم إلى التراب المغربي عبر منطقة أم دريكة القريبة من المنطقة العازلة، وهم يرتدون الزي العسكري للجبهة ويرفعون شارة السلام البيضاء.
واعتبر المنتدى أن هذه العملية تمثل رسالة قوية تكشف عمق أزمة الثقة داخل الجبهة، وتؤكد أن عددا كبيرا من شباب المخيمات لا يجمعهم بمشروع الانفصال سوى الخوف والقهر، بينما تطمح قلوبهم إلى الحرية والعودة إلى الوطن في أمان.
وبحسب معطيات أوردها المنتدى، فإن العناصر الثلاثة خططوا للعملية منذ مدة طويلة، واختاروا بعناية توقيت التنفيذ، حيث أبلغ أحدهم فقط أحد أقاربه بقرار الفرار، في سرية تامة، كما يأتي هذا الانشقاق، وفق المنتدى، ليعكس حالة التذمر والرفض المتزايدة في صفوف مقاتلي الجبهة، في ظل ما وصفه المصدر بـ”الادعاءات الكاذبة” حول الحرب التي تروّج لها بوليساريو من خلال بلاغات يومية لا تعكس الواقع الميداني.
وأكد محمد سالم عبدالفتاح رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أن “هذا الفرار والانشقاق يؤشران على تفكك وانهيار واضح للجبهة الداخلية لبوليساريو نتيجة مجموعة من العوامل في مقدمتها الهزائم السياسية والدبلوماسية التي مُني بها المشروع الانفصالي، إلى جانب تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني بمخيمات تندوف، بسبب تصاعد النهب الممنهج للمساعدات الإنسانية، فضلا عن غياب أفق الحل السياسي للنزاع المفتعل.”
وأوضح لـ”العرب” أن “هذه العوامل كرّست ضعفا كبيرا في العقيدة القتالية، وفشلا للمشروع السياسي للجبهة الانفصالية وغياب فرص التجديد في ظل هيمنة مجموعة قيادية ضيقة، فبعضهم يمارس مهامه منذ تأسيس الجبهة منذ نصف قرن، إلى جانب الجمود على مستوى الخطاب السياسي الذي تكرره والبعيد عن الواقع وطموحات شباب المخيمات.”
واعتبر محمد سالم عبدالفتاح أن “الحصار المطبق الذي تفرضه الجزائر نجمت عنه حالات اغتيال في صفوف المتسللين من المخيمات خاصة من يمارسون التنقيب عن الذهب والتهريب المعيشي للمحروقات، وهو ما قوض فرص تحصيل المعيشة وبالتالي بات يكرس ظروفا متأزمة للسكان تدفعهم إلى التمرد ومحاولتا الانشقاق والفرار نحو المغرب.”
الحصار المطبق الذي تفرضه الجزائر نجمت عنه حالات اغتيال في صفوف المتسللين من المخيمات خاصة من يمارسون التنقيب عن الذهب والتهريب المعيشي للمحروقات
وفي مارس 2019، كان قد استسلم بالفعل مجموعة من 12 مقاتلاً من بوليساريو للقوات المسلحة الملكية، تبعها في يوليو 2020 انشقاق مسؤول رفيع المستوى من الجبهة، وفي سنة 2021، تم تسليم عنصر من الجبهة للسلطات المغربية على مستوى الجدار الأمني، وبعدها بفترة وجيزة، شهدت انشقاق ثلاثة عناصر آخرين، تمكنوا من عبور المنطقة العازلة ودخول التراب المغربي، وهم كذلك يرتدون الزي العسكري، وقد تم استقبالهم والتحقيق معهم وفق الإجراءات المعمول بها.
وأكد المنشقون، وفقا لمنتدى “فورساتين”، أن هناك المئات من المجندين في صفوف بوليساريو يبدون استعدادهم للهروب الجماعي من المخيمات فور توفر الظروف المناسبة، في مؤشر خطير على هشاشة البنية العسكرية للجبهة وتراجع ولاء أفرادها الذين يعيشون ظروفا قاهرة في ظل سيطرة أمنية جزائرية مشددة.
وأوضحوا أنهم على تواصل مع المئات من المجندين داخل المخيمات الذين أعربوا عن استعدادهم للفرار الجماعي، في حال توفر الظروف المناسبة لذلك، ما يشكل تهديداً مباشراً لهيكل الجبهة العسكري.
وتعيش جبهة بوليساريو على وقع تصدعات متزايدة منذ إعلانها، في نوفمبر 2020، انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع المغرب سنة 1991، ما كشف عن هشاشة بنيتها الداخلية وتصاعد وتيرة الانشقاقات في صفوفها، حيث أكد منتدى “فورساتين” أن البلاغات “العسكرية” اليومية التي تصدرها الجبهة لا علاقة لها بالواقع الميداني، بل تسعى إلى إيهام سكان المخيمات والمجتمع الدولي بأنها تخوض حرباً “مفتوحة”، في حين أن الوقائع على الأرض تشي بانهيار داخلي ورفض متزايد في صفوف المقاتلين.