اخبار الإقليم والعالم

روسيا تزيد من حضورها العسكري في الصحراء الليبية بتطوير قاعدة معطن السارة

وكالة أنباء حضرموت

تستخدم روسيا اليوم قاعدة جوية نائية في جنوب شرق ليبيا كان قد استخدمها العقيد الليبي الراحل معمر القذافي لشن هجومه على تشاد. وقد أصبحت هذه القاعدة، وتحمل اسم معطن السارة، أحدث جزء من شبكة قواعد عسكرية ليبية تستضيف الأنشطة الروسية وعمليات نقل الأسلحة. وتشمل القواعد الرئيسية الأخرى في هذه الشبكة قواعد الخادم، والجفرة، وبراك الشاطئ، والويغ، وتمنهنت، والقرضابية.

وتقع معطن السارة بالقرب من منطقة الكفرة ذات الأهمية التاريخية، وهي مجموعة من الواحات الصغيرة. وتُعتبر اليوم نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين الأفارقة المتجهين نحو البحر الأبيض المتوسط، ومن ثمة إلى أوروبا.

وتخضع الكفرة والمنطقة الجنوبية الشرقية الأوسع من ليبيا لسيطرة المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي.

لا يزال التناقض الدبلوماسي يطغى على سياسة روسيا في أفريقيا، ويرجع ذلك على الأرجح إلى قلة خبرتها وفهمها المحدود لنوايا شركائها المحليين وأساليبهم.

وفشلت محاولة حفتر المدعومة من روسيا خلال 2020 في السيطرة على طرابلس وتوحيد ليبيا تحت قيادته، ويعود جزء من ذلك إلى نشر حكومة الوفاق الوطني حينذاك للطائرات التركية المسيّرة. واختار حفتر تعميق علاقاته مع موسكو بدلا من النأي بنفسه عنها بعد هذا الفشل، سعيا لضمان أسلحة وإمدادات عسكرية متطورة. ويُعدّ السماح لروسيا باستخدام قاعدة برقة الجوية في جنوب شرق ليبيا جزءا من هذا الجهد.

وستكون قاعدة معطن السارة الجديدة، بمساحة ستّة كيلومترات مربعة، محطة لتزويد الطائرات الروسية العاملة في غرب أفريقيا بالوقود، حيث ينشط فيلق أفريقيا الروسي. وتقع القاعدة على مقربة من حدود مصر والسودان، وتتميز بموقع إستراتيجي على حدود ليبيا مع تشاد التي أصبحت تشكل الهدف التالي للنفوذ الروسي بعد رحيل القوات الفرنسية والأميركية مؤخرا.

ويؤجج إحباط تشاد المتزايد من الغرب حملات النفوذ الروسية التي تستفيد من فشل الأنظمة الحليفة للغرب في الحصول على الدعم الكافي ضد تمرد الجماعات المتشددة. وتُدعم طموحات روسيا في أفريقيا بحملات الدعاية والتأثير التي توظّف شخصيات إقليمية ووسائل التواصل الاجتماعي للترويج لموسكو بصفتها بديلا جديرا بالثقة عن الغرب في الشؤون الأمنية والاقتصادية.

وانطلقت روسيا في نقل قوات ومتعاقدين سوريين إلى معطن السارة خلال ديسمبر. وعملت هذه القوات مع أفراد روس على إصلاح القاعدة المهجورة منذ فترة طويلة وترميمها.

وكانت هذه القاعدة في السابق منصة انطلاق لتوسيع النفوذ الليبي نحو تشاد والسودان، إلا أنها هُجرت خلال 2011 بعد أن أنهى مقتل القذافي تلك الطموحات. واليوم، تُؤمّن كتيبة طارق بن زياد التابعة للجيش الوطني الليبي، بقيادة صدام حفتر (ابن خليفة حفتر)، المنطقة المحيطة بالقاعدة، وطريق الإمداد من طبرق، والممر المؤدي إلى السودان.

ويشير أندرو ماكغريغور، مدير وكالة أبيرفويل للأمن الدولي المتخصصة في القضايا الأمنية المتعلقة بالعالم الإسلامي، إلى أنه من المرجّح أن تكون الخدمة في القاعدة شاقّة على القوات الروسية نظرا إلى قسوة مناخ المنطقة، حيث تتجاوز درجات الحرارة غالبا 32 درجة مئوية لنصف العام، وينعدم هطول الأمطار تقريبا.

وتواصلت القوات الروسية مع القبائل المحلية لعقد تحالفات. والمنطقة المحيطة بمعطن السارة هي موطن قبيلة التبو، المعروفين باسم “بدو الصحراء السود” (حسب ما وصفهم الكولونيل الفرنسي وعالم الأعراق جان شابيل في كتابه “البدو السود في الصحراء” الصادر في 1958)، الذين دفع بهم منافسوهم العرب إلى النزوح من الكفرة في أربعينات القرن التاسع عشر.

ويتوقع ماكغريغور في تقرير لمؤسسة جايمس تاون أن يسعى العملاء الروس إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع كلا المجموعتين، إذ إن تفضيل إحداهما على الأخرى قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار.

ومن شأن وجود روسي في معطن السارة أن يُمكّن من نقل الأسلحة سرا إلى الأراضي السودانية أو التشادية. ورغم أن روسيا قد حوّلت جل دعمها السوداني بشكل كبير من قوات الدعم السريع إلى الجيش السوداني، إلا أن قواتها في ليبيا لم تتدخل في تسليم حفتر للأسلحة والمركبات إلى قوات الدعم السريع. ويشير هذا إلى أن موسكو تهدف إلى الحفاظ على علاقاتها مع قوات الدعم السريع لضمان نفوذها في أيّ ولاية تهيمن عليها مستقبلا في دارفور، موطن جل مقاتلي هذا الطرف.

موسكو تحاول الحفاظ على موقعها في السودان، وتواصل العمل على تعزيز علاقاتها مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، مما يحفز حفتر على البقاء منفتحا على التعاون الأميركي

ويُعقّد تواصل روسيا مع النظام العسكري في تشاد ازدواجيتها في الصراع السوداني. ففي أواخر مارس، أعلنت قيادة الجيش السوداني أن مطاري نجامينا وأم جرس التشاديين أصبحا “أهدافا مشروعة للقوات المسلحة السودانية.”

وانخرط المتعاقدون الروس بشكل كبير في عمليات التنقيب عن الذهب عبر الحدود في منطقة دارفور السودانية للمساعدة في تمويل الحرب في أوكرانيا. وقد تتوسع هذه العمليات لتشمل منطقة كالانغا التي تسيطر عليها قبيلة التبو، على بُعد حوالي 450 كيلومترا جنوب غرب الكفرة، في جبال تيبستي على طول الحدود التشادية.

وقصفت القوات التشادية في الصيف الماضي كالانغا لاستهداف المتمردين التشاديين الذين كانوا يعملون مرتزقة في ليبيا. وتزامنت هذه الغارات مع جهود اللواء حسن معتوق الزماة، آمر اللواء 128 المعزز التابع للجيش الوطني الليبي، لتأمين حدود ليبيا مع النيجر وتشاد وطرد جماعات التهريب وتعدين الذهب الناشطة في كالانغا.

وعلى مدار العام الماضي، حاولت القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) بناء علاقات مع حفتر وتشجيع توحيد القوات العسكرية الليبية للحد من الشراكات مع الجانب الروسي. وأجرت، في أواخر فبراير، تدريبات مشتركة شاركت فيها قاذفات بي-52 إتش ستراتوفورتريس الأميركية وعسكريون من الحكومتين الليبيتين المتنافستين. وهدفت هذه التدريبات إلى تعزيز الوحدة العسكرية وكبح نفوذ موسكو المتزايد.

وتأتي هذه الجهود في ظل تواصل التفاعلات بين حفتر ونائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف، المشرف على عمليات فيلق أفريقيا الروسي. وفي غضون ذلك، تتزايد أعداد القوات الروسية في قاعدة براك الشاطئ الجوية التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي. ولا يزال التناقض الدبلوماسي يطغى على سياسة روسيا في أفريقيا، ويرجع ذلك على الأرجح إلى قلة خبرتها وفهمها المحدود لنوايا شركائها المحليين وأساليبهم.

وتحاول موسكو الحفاظ على موقعها في السودان، وتواصل العمل على تعزيز علاقاتها مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، مما يحفز حفتر على البقاء منفتحا على التعاون الأميركي. ويُبقي هذا النقص في الالتزام الحاسم والواضح، إستراتيجية روسيا في المنطقة غير مكتملة وعرضة لتلاعب الجهات الفاعلة المحلية وتحرّكات المنافسين العالميين المضادّة.

الخارجية اليمنية تعلن استئناف عمل سفارتها في دمشق


مسؤول فلسطيني : عباس اختار حسين الشيخ نائبا له


هل قطعت تونس أشواطا مهمة في معالجة أزمة المهاجرين الأفارقة


مسيرة حافلة وأرقام مذهلة تزين سجل دي بروين مع مانشستر سيتي