حامل شعار «الأحذية لا البدلات» يتعثر.. «ترامب» يقلب انتخابات كندا

من رجل اللحظة إلى مرشح مأزوم، هكذا بات موقف زعيم المحافظين بيير بواليفير الذي تحاصره هجمات دونالد ترامب من الخارج وانقسامات حزبه من الداخل.

وبينما يحاول أن يوازن بين لهجة غاضبة ومطالب سيادية، تتسرب من بين يديه أصوات الوسط المتأرجح.

وقبل أيام من الانتخابات المقررة في 28 أبريل/نيسان الجاري، تلاشى تقدم المحافظين ويبدو أن الفوز سيكون من نصيب الليبراليين، لكن انهيار حزب المحافظين قد يكون له عواقب وخيمة على كندا وعلى مستقبل الحزب الذي خرج من السلطة منذ 2015، وفقا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

إلا أنه خلال الفترة الماضية، كافح حزب المحافظين لتوسيع قاعدته الانتخابية وتوحيد فصائله من المحافظين الاجتماعيين والماليين، إلى الشعبويين والوسطيين، ومؤيدي ترامب ومعارضيه.

ومنذ تولي بيير بواليفير قيادة الحزب، تساءل المحللون عما إذا كان أسلوبه اللاذع وخطابه المناهض للمؤسسة، الذي يُثير حماس قاعدته، سيجذب بقية كندا.

وقال جوناثان مالوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كارلتون: "إذا خسر المحافظون، فسيكون هناك بعض البحث عن الذات".

من هو بواليفير؟
وُلد بواليفير (45 عامًا)، في كالجاري لأم مراهقة.
تبناه معلمان من ساسكاتشوان.
بدأ شغفه بالسياسة بعد حضوره تجمعات سياسية مع والدته في سن المراهقة.
وفي الجامعة وصل إلى المرحلة النهائية في مسابقة وطنية لكتابة مقال "كرئيس للوزراء".
وبعد تخرجه انتُخب عضوًا في البرلمان عام 2004 عن عمر يناهز (25 عامًا).
في عام 2008، أصبح سكرتيرًا برلمانيًا لرئيس الوزراء المحافظ آنذاك ستيفن هاربر، وكان ذلك يتضمن الإجابة على أسئلة البرلمان في غياب هاربر وقال زملاؤه إنه لم يكتفِ بتكرار نقاط الحوار، بل عمل على توضيح رسالة الحكومة.

مسيرة سياسية
وقال أندرو ماكدوغال، مدير الاتصالات السابق لهاربر: "ربما كان أفضل عضو برلمان وأكثرهم اجتهادًا في هذا الدور".

وفي 2022، فاز بقيادة حزب المحافظين بأغلبية ساحقة ودعم حصار "قافلة الحرية"، وتعهد بسحب التمويل من هيئة الإذاعة الكندية العامة، وبمنع حكومته من المنتدى الاقتصادي العالمي.

واكتسب بواليفير سمعة أنه مهاجم شرس، وغالبًا ما تنتشر استجواباته للمشرعين والصحفيين على نطاق واسع، فمثلا قال خلال إحدى جلسات البرلمان، إن ترودو "رجل لو كان مصنوعًا من الشوكولاتة، لأكل نفسه" كما أنه وبخ في مرة مراسلًا وهو يمضغ تفاحة.

واقترح بواليفر حكومة صغيرة، وتخفيضات ضريبية، وإلغاء القيود التنظيمية، وحمل شعار "الأحذية لا البدلات" لجذب الناخبين من الطبقة العاملة وهاجم الحكومة بشدة بسبب التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وارتفاع تكاليف السكن، مستغلًا في ذلك إرهاق ترودو.

عودة ترامب
ووفقا لمالوي، فإن بواليفر "قرأ الناخبين جيدا" لكن يبدو أن المزاج العام تغير مع تنحي ترودو وعودة ترامب الذي أثارت تهديداته بضم كندا، ورسومه الجمركية على سلعها، غضب المواطنين كما فجرت مظاهر نادرة من الوحدة والوطنية.

وبالنسبة لشريحة كبيرة من الناخبين، أصبح التصويت في الانتخابات الآن حول من يستطيع إدارة فوضى ترامب على أفضل وجه.

وقال ماكدوغال "يشبه الأمر قضاء ثلاث سنوات في دراسة مادة واحدة للاختبار، ثم غيّر أحدهم المادة والاختبار.. لكن هذه هي الحياة السياسية.. أحيانًا يتغير العالم، وعليك أن تتغير معه".

ومع هذه التغييرات، فقدت رسالة بواليفير "كندا مُعطّلة" بعضًا من صداها، وتكتّلت أصوات يسار الوسط حول كارني، محافظ البنك المركزي السابق الذي حل محل ترودو كزعيم للحزب الليبرالي.

ويرى بعض المحافظين البارزين أن بواليفير يجب أن يُركّز رسالته بشكل أكبر على معارضة ترامب لكن المحللين يقولون إنه يجب عليه أن يسير على خط رفيع حتى لا يفقد أجزاء من قاعدته الانتخابية.

ويراهن بواليفير على أن الرغبة في التغيير ستعيد تأكيد نفسها كقضية رئيسية للناخبين وذلك بعدما ألقى باللوم على الليبراليين في ترك كندا ضعيفة وسط تعريفات ترامب "غير المبررة" وتعهد بحماية سيادة كندا، وقال إنه سيقترح إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية.

وقال المحللون إن تكرار بواليفير لخطاب ترامب رفع معنوياته في السابق، لكنه أصبح الآن مثبطًا للهمة وتعرض زعيم المحافظين لمزيد من الانتقادات بعد تباهيه بأعداد تجمعاته الانتخابية، وهوسه بالرئيس الأمريكي.

وبحسب كوري تينيكي، مدير الاتصالات السابق في حكومة هاربر، فـ"إنّ النظر إليك على أنك ترامب... هو سبيل خسارة هذه الانتخابات".

وفي دعمها لبواليفير، قالت زوجته أنايدا المولودة في فنزويلا ووالدة طفليه إن "الشهادات المرموقة" لا تصنع قائدًا، مُنتقدةً كارني، الذي تلقى تعليمه في جامعتي هارفارد وأكسفورد.

وكثيرًا ما تتحدث أنايدا عن عائلتها التي جاءت إلى كندا بأموال قليلة، و"ساهمت، مثل العديد من العائلات المهاجرة، في بناء بلدنا".