اخبار الإقليم والعالم

الحكومة السورية أمام اختبار التعامل مع المعارضة السياسية

وكالة أنباء حضرموت

بعد أشهر من اجتياح هيئة تحرير الشام والجماعات المتحالفة معها للأراضي التي يسيطر عليها بشار الأسد في سوريا، يلوح في الأفق سؤال كبير حول مصير سوريا ما بعد الأسد بالنسبة إلى الكثير من السوريين، لاسيما في ضوء مجازر الساحل السوري ضد العلويين الشهر الماضي.

ولا تزال الخطوات التي اتُخذت حتى الآن – بما في ذلك مؤتمر حوار وطني عُقد على عجل ودستور مؤقت يُرسي مرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات – تفتقر إلى تفاصيل حول ما ستشمله سوريا الجديدة.

وتقول الكاتبة والناشطة السورية عشتار الشامي في تقرير نشره معهد واشنطن إن هناك إدراكا بأن إعادة إعمار سوريا ستستغرق وقتًا وموارد، وتتطلب إزالة الألغام، وإصلاح البنية التحتية الأساسية، واستعادة الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء.

وفي حين أن العديد من السوريين مستعدون لقبول الوضع الراهن المدمر أو المتدهور للبلاد في الوقت الراهن من أجل العودة إلى ديارهم، يتعين على السوريين أيضًا تجاوز الفجوة بين البراغماتية وانعدام الثقة المتجذر في السلطة المركزية، لاسيما بالنظر إلى تاريخ هيئة تحرير الشام المتقلب مع الأقليات ونهجها تجاه نشطاء المعارضة السورية خلال سيطرتها على إدلب.

كيفية تعامل حكومة الشرع مع المعارضة لا تزال سؤالا مفتوحا بالنظر إلى أفعاله السابقة خلال فترة سيطرته على إدلب

وجاءت إشارات الاعتدال من الحكومة الانتقالية على مدى سنوات، وهي مصممة للجمهور المحلي والدولي على حد سواء؛ فقد حولت هيئة تحرير الشام علنًا مصادر فقهها من الوهابية والتطرف الحنبلي إلى المذهب الشافعي الأكثر اعتدالًا.

وقد تتخذ أيضًا خطوات مستقبلية، مثل تطبيق “القانون العربي الموحد” للمسائل القانونية والقضائية، وهو إطار أصدرته جامعة الدول العربية من خلال وزراء عدلها ولجانها المتخصصة، كما اعتمدته حركة أحرار الشام عام 2017 كوسيلة مماثلة للإشارة إلى الاعتدال.

ومع ذلك، فقد خضعت جهود القيادة الجديدة لتشكيل حكومة انتقالية للتدقيق من حيث تضمينها – أو عدم تضمينها – لأصوات الأقليات.

وبالمثل، قوبلت الرسائل الموجهة إلى أقليات سوريا بتشكك عام وسخرية – فقد سُخر من الرئيس السوري أحمد الشرع باعتباره “الحامي الجديد للأقليات” – في إشارة إلى اللقب الذي أطلقه بشار الأسد على نفسه.

وفي غضون ذلك، بدت حملات الحكومة الجديدة وتغطيتها الإعلامية التي حاولت طمأنة الأقليات في سوريا، بما في ذلك جمهور حلب المسيحي – والتي تضمنت مقابلات مع نساء وغيرهن يؤكدن على الحياة الطبيعية في الاحتفالات الدينية وأنشطة الكنيسة – في بعض الحالات مصطنعة.

ومن المرجح أيضًا أن يكون هناك توقع بأن هذه الجهود تمثل الحد الأدنى من المسؤولية لحماية كرامة السكان واحتياجاتهم الأساسية، بدلاً من أن تكون نجاحًا للقيادة الجديدة.

ومع ذلك، ثمة تحدٍّ مماثل، وإن كان أقل وضوحًا حاليًا، يتمثل في شكوك وتردد المعارضة السورية التي استهدفتها هيئة تحرير الشام بسبب أسلوبها في المعارضة في السنوات التي سبقت انتصاراتها العسكرية.

وخلال فترة سيطرة الهيئة على إدلب، اعتُقل أو اغتيل المئات من النشطاء السوريين، مثل الناشط المعروف رائد فارس من كفرنبل، الذي قُتل عام 2018 ونُسبت وفاته إلى الهيئة، رغم عدم إعلان أيّ جهة مسؤوليتها عن اغتياله.

وتعرضت المنظمات الإنسانية لضغوط حتى طُردت، وتعرض السكان لتضييق الخناق بأحكام شرعية قاسية، وغالبًا ما سُجنوا بتهم ملفقة في سجن العقاب سيء السمعة، الذي يُذكّر بمراكز اعتقال الأسد.

واستهدفت حملات هيئة تحرير الشام القمعية أيضًا المنطقة المعروفة باسم “ساحة الثورة”، وهي منطقة تمتد بين الطريق السريع أم-4، وريف إدلب الجنوبي، وريف حماة الشمالي، وتمتد من مورك إلى سراقب، ومن سهل الغاب إلى قلعة المضيق.

وقد استُهدفت هذه المنطقة من قِبل القوات المدعومة من تركيا وهيئة تحرير الشام على حد سواء، لرفض أهلها الانصياع لأجندات تتعارض مع معتقداتهم.

ونتيجةً لذلك، عملت الهيئة على إخضاع المنطقة وترهيبها للسيطرة عليها من خلال تفكيك الجيش السوري الحر والفصائل المحلية، وقمع الاحتجاجات والناشطين، ومنع رفع علم الثورة الخضراء. وفي النهاية، أُفرغت المنطقة من سكانها، ونزح سكانها قسرًا.

وأدت عمليات التطهير الداخلية داخل هيئة تحرير الشام، تحت ما يُسمى “ملف العملاء”، إلى تصفية 300 شخص، بينهم عسكريون وإداريون وأمنيون، اشتبه الشرع ( أبومحمد الجولاني آنذاك) في تدبيرهم لانقلاب بقيادة أبوماريا القحطاني.

و في “ملف العملاء” نفسه، عثر عناصر أمن هيئة تحرير الشام على مقبرة تضم جثة قتيل في سجن الجولاني، ما أثار موجة احتجاجات بدأت في سرمدا وامتدت إلى إدلب ومناطق أخرى، وبلغت ذروتها باحتجاج حاشد في حزان و طالب بإسقاط الجولاني وهيئة تحرير الشام. كل هذا زعزع مكانة الهيئة في نظر العديد من الأهالي.

تطوير نموذج حوكمة شامل لا يقتصر على ضمان حقوق الأقليات بل يتطلب أيضا القدرة على قبول المعارضة

وهدأت الاحتجاجات ضد هيئة تحرير الشام قبل نحو شهرين من قرارها شنّ هجوم على نظام الأسد، بعد بدء اتصالات بين بعض شخصيات الهيئة وقادة وشخصيات محلية بارزة كانت تُواصل الاحتجاجات.

وعُقدت هذه المفاوضات بذريعة التحضير لمعركة استعادة البلدات والقرى المجاورة، واتضح أن الهيئة قد غيّرت سلوكها وتعاملاتها مع المجتمع المحلي وقادته بشكل ملحوظ، وبذلت جهودًا متضافرة لتسوية الخلافات والسعي للتعاون في الشؤون المدنية والعسكرية.

وبدا هذا وكأنه محاولة لكسب التأييد الشعبي لمعركتها القادمة ضد النظام، لكن كيفية تعاملها مع المعارضة في سوريا الجديدة لا تزال سؤالًا مفتوحًا بالنظر إلى أفعالها السابقة خلال فترة سيطرتها على إدلب.

ولا يقتصر تطوير نموذج حوكمة شامل على ضمان حقوق الأقليات الدينية والعرقية فحسب، بل يتطلب أيضًا القدرة على قبول المعارضة والنقد ودمجهما في دولة جديدة.

وعلى الرغم من أهوال الحرب الأهلية السورية، فقد طورت سوريا مجتمعًا مدنيًا نابضًا بالحياة، وعززت شعورًا قويًا بالملكية لدى الكثيرين تجاه دولة سورية جديدة أفضل.

ومع ذلك، تُعدّ الطريقة التي تعاملت بها هيئة تحرير الشام مع المعارضة قبل قرارها شنّ حملة ضد الأسد سابقةً مقلقةً للسوريين الذين تابعوا هذه التطورات.

وكما هو الحال مع المخاوف الأكثر تداولاً بشأن حقوق الأقليات، فإنّ طريقة تعامل الحكومة الجديدة مع الأصوات التي لا تتوافق تماماً مع أصواتها ستُشكّل اختباراً رئيسياً لمستقبل البلاد.

العقوبات الأمريكية على بنك اليمن الدولي: تصعيد مالي وسط أزمة يمنية معقدة


الأرصاد تتوقع أمطارًا رعدية غزيرة على 9 محافظات يمنية خلال الساعات القادمة


شبوة تحت وطأة انقطاع الكهرباء: 21 ساعة يوميًا في عتق ومديريات بلا كهرباء لأسابيع


فجوة واسعة في أسعار العملات بين صنعاء وعدن.. إليك التفاصيل