اخبار الإقليم والعالم

أي جناح داخل السلطة الجزائرية يعرقل مساعي التهدئة مع فرنسا

وكالة أنباء حضرموت

طلبت الجزائر من 12 دبلوماسيا فرنسيا مغادرة ترابها في غضون 48 ساعة، كرد منها على توقيف أحد موظفي قنصليتها في باريس بتهمة الحجز والاختطاف والإرهاب، وتأتي هذه الخطوة المفاجئة لتنسف جهود تسوية الأزمة القائمة بين البلدين وتعيدها إلى مربع الصفر، ما يطرح التساؤل عن الجناح داخل السلطة الجزائرية الذي عمل على ذلك وما مصلحته.

وكلما لاحت بوادر التهدئة بين فرنسا والجزائر بدا الأمر كما لو أن جهة ما داخل السلطة تسعى لافتعال أزمة جديدة وتضخيم التوتر ومنع أي تحسن يطرأ على التقارب بين الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وإذا كان التصعيد جزءا من إرادة الرئيس تبون، ففي كل الأحوال هو المسؤول وهو صاحب القرار، وهو من يتحمل المسؤولية السياسية، لكن إذا كان ناتجا عن طرف من محيط الرئيس داخل مؤسسة الرئاسة أو المؤسسة العسكرية، فإنه بذلك يعمل ضد إرادة تبون ويدفع إلى زيادة العزلة التي يعيشها البلد، ويكون كمن يدق الإسفين لإفشال خطط الرئيس.

لا تقف المشكلة عند التوتر الدبلوماسي، فهناك مناخ من الشك سيحيط بالعلاقات الثنائية بجميع مستوياتها، ولن يثق أحد أو شركة أو رجل أعمال بتحسن في العلاقات

وتؤدي مثل هذه الانتكاسات إلى نتائج أخطر مما لو ترك الأمر كما كان قبل شهر، أي قبل طلب الرئيس تبون تدخل ماكرون لإنقاذ العلاقات وسحبها من يد اليمين المتطرف. وإذا كان ماكرون قد أنجز ما طلبه الجزائريون وأرسل وزير الخارجية جان نويل بارو إلى الجزائر منذ حوالي أسبوع، فإنه سيتعين على السلطة الجزائرية في هذه الحالة أن تلجم المعرقلين من داخلها.

ولا تقف المشكلة عند التوتر الدبلوماسي، فهناك مناخ من الشك سيحيط بالعلاقات الثنائية بجميع مستوياتها، ولن يثق أحد أو شركة أو رجل أعمال بتحسن في العلاقات. كما ستهتز الثقة بالجزائر كشريك إستراتيجي، بما في ذلك كمصدر موثوق به للطاقة، ولن تقف الشكوك عند الجانب الفرنسي وستمتد إلى كامل أوروبا.

وكشف وزير الخارجية الفرنسي لوسائل إعلام محلية أن الجزائر أمهلت 12 موظفا في السفارة الفرنسية 48 ساعة لمغادرة البلاد، وأن جميع الموظفين الذين طُلب منهم أن يغادروا البلاد يعملون تحت إشراف وزارة الخارجية الفرنسية، ويتمتعون بوضع إداري أو دبلوماسي.

وإذ روج الخطاب الجزائري طيلة الأشهر الماضية لدور اليمين الفرنسي المتطرف في تأجيج الأزمة بين الطرفين، واتُّهم وزير الداخلية برونو روتايو باستغلال الأزمة لحسابات انتخابية محضة، فإن رد الفعل السريع القاضي بطرد 12 دبلوماسيا فرنسا يوحي بوجود جناح غير معلن داخل السلطة الجزائرية، لا يروقه التقارب مع فرنسا، ويترصد فرص تأجيج الأزمة.

ويصعب ضبط أو تحديد الطرف المناهض للتقارب الجزائري – الفرنسي داخل دوائر القرار في الجزائر، حتى لو كان الخطاب السائد في بعض الدوائر يوحي بفرضية وقوفه وراء حملة متصاعدة تحمّل فرنسا مسؤولية مشاكل الجزائر، وتوظف ريع التاريخ والحقبة الاستعمارية، خاصة في ظل الغموض الذي يتسم به النظام السياسي الجزائري.

وسجل انتقال لافت في خطاب الرئيس تبون تجاه الأزمة الفرنسية، فمن قولته الشهيرة “لن أذهب إلى كانوسا” للدلالة السياسية والتاريخية التي تحملها الحادثة، على “عدم الاستعداد للتنازل أو التذلل،” وتصريحه المثير حول الكاتب الفرانكوجزائري المسجون بوعلام صنصال، حين قال “أرسلوا لصا، مجهول الهوية، مجهول الأب،” ويقصد بهم الفرنسيين، إلى الإعلان المشترك الذي تميز بالهدوء والاعتدال، ما يطرح فرضية تلقي الرجل تحاليله لتقييم الوضع مع فرنسا من جهتين متباينتي الرؤية والهدف.

وجاء قرار الجزائر طرْد الدبلوماسيين الفرنسيين على خلفية حبس القضاء الفرنسي ثلاثة جزائريين، من بينهم موظف دبلوماسي في قنصلية باريس، بعدما وجهت لهم تهم الاختطاف والحجز والإرهاب، في الملف المتعلق بالناشط السياسي والمدون المعارض أمير بوخرص (أمير دي زاد)، الحاصل على اللجوء السياسي في فرنسا منذ عام 2023.

ودعا وزير الخارجية الفرنسي إلى “التراجع عن طرد الموظفين الـ12 في السفارة،” متوعدا بأنه “إذا لم يحدث ذلك فإن باريس مستعدة للرد بالمثل،” وهو ما يوحي بأن السلطات الفرنسية ستطبق مبدأ التعامل بالمثل، ما سيجهض كل المساعي التي بذلت من أجل تسوية الأزمة التي تقترب مدتها من بلوغ عام.

وكان الإعلان المشترك، المعلن عنه مطلع الشهر الجاري بين تبون وماكرون، قد أبان عن نية البلدين طي صفحة الأزمة وتغليب المصالح المشتركة، وهو ما عبر عنه جان نويل بارو خلال زيارته إلى الجزائر بالقول “سنرفع الستار كما قال الرئيس تبون،” لكن الحاصل أن الستار سينزل مرة أخرى إلى إشعار غير مسمى.

وذكر وزير الخارجية الفرنسي، في بيان وزع على الصحافيين، الاثنين أن “السلطات الجزائرية طلبت من 12 من موظفينا مغادرة الأراضي الجزائرية خلال 48 ساعة، وأن فرنسا ستضطر إلى تطبيق القرار نفسه في إطار المعاملة بالمثل، إذا لم تتراجع الجزائر عن قرارها.”

موظفا في السفارة الفرنسية أمهلتهم السلطات الجزائرية 48 ساعة لمغادرة البلاد

وكانت الجزائر قد استدعت السفير الفرنسي لديها ستيفان روماتيي، لإبلاغه احتجاجها الشديد على قرار السلطات القضائية الفرنسية وضْع أحد أعوانها القنصليين العاملين على التراب الفرنسي رهن الحبس المؤقت.

وقال بيان الخارجية الجزائرية إن “الغرض من هذا اللقاء كان التعبير عن احتجاج الجزائر الشديد على قرار السلطات القضائية الفرنسية بتوجيه الاتهام لأحد أعوانها القنصليين العاملين على التراب الفرنسي ووضعه رهن الحبس المؤقت، في إطار فتح تحقيق قضائي على خلفية قضية الاختطاف المزعوم للمارق ‘أمير بوخرص’ المعروف باسم ‘أمير دي زاد’ خلال عام 2024.”

وطالبت بـ”الإفراج الفوري عن الموظف القنصلي الموجود في الحبس المؤقت، وبالاحترام التام للحقوق المرتبطة بوظيفته، المنصوص عليها سواء في إطار الاتفاقيات الدولية أو الثنائية، بما يتيح له الدفاع عن نفسه بشكل لائق وفي ظل أبسط الشروط الأساسية.”

واعتبرت ما وصفته بـ”المنعطف القضائي غير المسبوق في تاريخ العلاقات الجزائرية – الفرنسية، ليس صدفة، وإنما بغرض تعطيل عملية إعادة بعث العلاقات الثنائية التي اتفق عليها رئيسا الدولتين خلال محادثتهما الهاتفية الأخيرة.”

وكان القضاء الفرنسي قد وجه الاتهام إلى ثلاثة رجال يعمل أحدهم في قنصلية جزائرية في فرنسا، للاشتباه في ضلوعهم في اختطاف المؤثر والمعارض الجزائري أمير بوخرص في أبريل 2024 على الأراضي الفرنسية.

ويلاحق الثلاثة بتهم “التوقيف والخطف والاحتجاز التعسفي على ارتباط بمخطط إرهابي على ما أفادت السبت النيابة العامة الوطنية لقضايا مكافحة الإرهاب، والمشاركة في مخطط إرهابي إجرامي.”

تظاهرة لعائلات السجناء السياسيين أمام سجن إيفين


شخصيات فرنسية بارزة: نحن مع إيران حرة ومع مريم رجوي


العثور على مواد متفجرة داخل كيس قات في تعز


الخامري تستقبل وفد منظمة الأمم المتحدة للطفولة لتقييم عيادة التغذية في مجمع المعلا الصحي