اخبار الإقليم والعالم
بغداد والرياض تنسقان رؤاهما قبل قمة أمنية وسياسية
عقد مسؤولون رفيعو المستوى من العراق والمملكة العربية السعودية الاثنين جولة مكثفة من المشاورات السياسية في بغداد، في خطوة تعكس رغبة مشتركة في تعزيز الاستقرار الإقليمي وتعميق العلاقات الثنائية
وهدفت المباحثات إلى وضع اللمسات الأخيرة على جدول أعمال الاجتماع الخامس للجنة العليا السياسية والأمنية والعسكرية المشتركة بين البلدين، في توقيت بالغ الأهمية يشهد تحولات متسارعة في ديناميكيات المنطقة.
وترأس الوفد العراقي وكيل وزارة الخارجية محمد حسين محمد بحر، فيما مثل الجانب السعودي وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية والاقتصادية سعود الساطي.
وخلال الاجتماع، أكد الجانبان على أهمية تعزيز التعاون في مختلف المجالات، مع تركيز خاص على التحديات الأمنية المشتركة ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى استكشاف آفاق أوسع للشراكة الاقتصادية والاستثمارية. وفق بيان وزارة الخارجية العراقية.
وقد أعرب وكيل وزارة الخارجية العراقي عن تطلع بلاده إلى "تعزيز التعاون مع السعودية في مختلف المجالات"، مشيرًا إلى أن "التحسن الكبير في الأوضاع الأمنية والنمو الاقتصادي في العراق سيوفر فرصًا واعدة للاستثمار".
كما سلط الضوء على مشروع "طريق التنمية" الطموح، مؤكدًا دوره المحوري في "دعم الاستقرار والازدهار الإقليمي"، بالإضافة إلى مجالات التعاون الأخرى كـ "التعليم والثقافة والتدريب والبحث العلمي"، مبينا أن "العراق حريص على تعزيز التعاون على مختلف المستويات".
وجدد بحر موقف العراق الداعم لـ"استقرار سوريا والتحذير من تصاعد خطر تنظيم داعش الإرهابي وموقف العراق الداعم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة".
كما أشاد بـ" الدور الإيجابي للمملكة على الساحة الدولية، خاصة في جهود الوساطة بين روسيا وأوكرانيا والتأكيد على نهج العراق القائم على الحوار والتوازن، ودوره المحوري في المنطقة".
من جهته، ثمّن وكيل وزارة الخارجية السعودية "التقدم الذي يشهده العراق" وأكد على "أهمية استقراره للمنطقة بأسرها"، مشددًا على حرص بلاده على "توثيق العلاقات الثنائية مع العراق".
وتأتي هذه المشاورات في سياق إقليمي يشهد تحولات مهمة، حيث تسعى المملكة العربية السعودية بشكل متزايد إلى تعزيز نفوذها وعلاقاتها مع العراق، الذي يُنظر إليه تقليديا كساحة للنفوذ الإيراني.
وتستثمر الرياض حالة التنامي في الضغوط الداخلية والخارجية على النفوذ الإيراني في العراق لتقديم نفسها كشريك استراتيجي موثوق به لبغداد، خاصة في المجالات الاقتصادية والطاقة.
وقد اتفق الطرفان خلال المشاورات على "تعزيز التعاون والتنسيق المشترك في مواجهة التحديات، لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب، وتكثيف التشاور بما يخدم المصالح المشتركة ويسهم في استقرار المنطقة وازدهارها".
كما كان لافتا التركيز المتبادل على ملفات التعاون الاقتصادي والاستثماري، حيث أكد المسؤول العراقي على الفرص الواعدة للاستثمار في ظل التحسن الأمني والاقتصادي، مشددًا على أهمية مشروع "طريق التنمية".
ويرى مراقبون أن السعودية تسعى من خلال هذه الشراكات إلى توفير بدائل اقتصادية وتنموية للعراق تقلل من اعتماده على إيران، وتفتح آفاق تعاون أوسع ضمن محيطه العربي.
وإلى جانب الملفات الاقتصادية، تناولت المباحثات القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك الأزمة السورية والقضية الفلسطينية، حيث بدا هناك تقارب في وجهات النظر بين بغداد والرياض.
وفي الختام، أكد الطرفان على التزامهما بمواصلة التنسيق وتكثيف المشاورات لتنفيذ الاتفاقات بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز الاستقرار والازدهار الإقليمي.
وتراهن الرياض على إقامة علاقة شراكة استراتيجية متينة وطويلة الأمد مع بغداد، لا تخدم فقط مساعي المملكة لتعزيز دورها الإقليمي، بل تفتح آفاقا جديدة للعراق نحو الاندماج في محيطه العربي وتقليل اعتماده على النفوذ الإيراني الذي تتزايد الضغوط عليه.