الحجاب على التلفزيون الرسمي يفجر جدل الطائفية في لبنان

أثارت استقالة الصحافية زينب ياسين من تلفزيون لبنان الرسمي الخميس، جدالًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما قالت إن تضييقًا مورس عليها بسبب ارتدائها الحجاب، لتنتشر التعليقات الطائفية بين الناشطين الذين كان أبرزهم من الموالين لحزب الله.

ووجد أنصار الحزب الفرصة مواتية للحشد والدفاع عن المراسلة واستنكار “العنصرية والمذهبية” وسط جدال حول معايير التلفزيون الرسمي الذي يمنع أي شعارات دينية في بلد متعدد الطوائف.

وقبل يومين نشرت ياسين، رسالة كانت قد توجهت بها في 13 مارس الفائت لوزير الإعلام بول مرقص، تقدمت بها باستقالتها، حيث قالت فيها إنها شاركت في تغطية العدوان الإسرائيلي على البلاد خلال سبتمبر الماضي، وكانت “أول فتاة محجبة تظهر على شاشة الوطن الرسمية.” وأضافت أن هذه الخطوة “لاقت تشجيعًا واستحسانًا من جميع اللبنانيين ومن مختلف المناطق.”

وتابعت ياسين في رسالتها لمرقص “لكن بعد التفكير مليًا في كل الأحداث التي حصلت وتحصل مؤخرًا في التلفزيون، أتقدم بخالص محبتي وامتناني لكم، وبتقديم استقالتي من العمل في تلفزيون لبنان.” وقالت “ربما يكون الحجاب الذي أرتديه يسبب الإزعاج لبعض الشركاء في الوطن،” واتهمت المؤسسة بـ”ازدواجية المعايير،” وختمت بالقول “أتقدم باستقالتي من هذه المؤسسة الوطنية، التي تبين أنها وطنية مجتزأة، وهي وطنية لمن لا يرتدين الحجاب فقط،” على حد تعبيرها.

وتحولت هذه الرسالة إلى ترند مع تفاعل أنصار حزب الله معها وإعادة نشرها على حساباتهم وسط حشد متابعيهم لإدانة ما اعتبروه “تمييزا ضد المراسلة المحجبة،” وشنوا حملة شرسة ضد تلفزيون لبنان.

BadrPetra@

وقال آخر:

MohamadShamass@

وعلق ناشط:

ahmadtaha_at@

وكتب مدون:

EllRaed@

وبعد الجدل الواسع الذي أثارته قضية الصحافية زينب ياسين، أكدت مساعدة المدير العام في تلفزيون لبنان ندى صليبا أن التلفزيون لا يعتمد تاريخيا وعُرفا أي إشارات أو شعائر أو رموز دينية لإبرازها على الشاشة من أي نوع كانت، رغم احترامه الكامل والتام للأديان السماوية، ونقله على شاشته جميع المناسبات الدينية على اختلافها.”

وقد أشارت صليبا إلى أن جميع مجالس الإدارة السابقين التزمت بهذا التوجه، ولم يُسمح للمذيعات من الطوائف المسيحية والإسلامية ارتداء أو وضع أي رمز ديني خلال الظهور على الشاشة.

◙ تلفزيون لبنان يؤكد أنه لا يعتمد تاريخيا وعُرفا أي إشارات أو شعائر أو رموز دينية من أي نوع لإبرازها على الشاشة

وأكدت أن ياسين ليست مراسلة في قسم الأخبار وهي تعمل في قسم السوشيال ميديا وتحديداً في الشريط الإخباري، وقد استُعين بها كمراسلة في فترة الحرب الإسرائيلية على لبنان، وهي تضغط اليوم بالاستقالة حتى يُسمح لها بالظهور على الشاشة.

كما كشفت صليبا أن “أي تغيير في هذه المعايير المعتمدة منذ عقود طويلة، والتي تعود إلى تاريخ انطلاقة هذا التلفزيون، هو من صلاحيات مجلس الإدارة حصراً، والذي يعمل وزير الإعلام بول مرقص على تشكيله.”

وبعد هذه التصريحات تعرضت صليبا إلى حملة شرسة بحجة أنها كانت ترتدي صليبا خلال ظهورها على شاشة التلفزيون وأن هناك ازدواجية معايير في التلفزيون الرسمي.

وشن تابعون لحزب الله هجوما شرسا على مؤسسات الدولة الأخرى التي تفرض معايير معينة، إذ وجدوا الفرصة ملائمة للظهور بمظهر المدافع عن الأديان والإسلام والمحجبات: في المقابل كان هناك من رفض هذه المزاعم واستغلال الحادثة لإثارة فتنة طائفية، وعلق ناشط:

وقال آخر رافضا لأن يكون تلفزيون لبنان منبرا لاتباع إيران:

BellaHabib222@

وسخر آخرون من الجدل حول ظهور مذيعة في التلفزيون الذي لا يحظى كثيرا بمتابعة اللبنانيين، ويعتبر ضعيفا في المحتوى والمضمون والتقنية، إذ يحاج إلى دعم كبير للنهوض به.

وجاء في تعليق:

saharsouss@

صراحة تلفزيون لبنان ما بيحرز نعمل مشكل كرامتو ولا بيحرز اصلا حدا يشتغل فيه اساساً

وتساءلت ناشطة:

Hanan56807038@

ويُعدّ تلفزيون لبنان القناة الرسمية للدولة اللبنانية، وهو من أقدم المحطات التلفزيونية في العالم العربي، حيث يعود تأسيسه إلى خمسينيات القرن الماضي. ورغم إرثه العريق ودوره الإعلامي الأساسي، يعاني من تحديات كبيرة تتطلب دعماً حكوميا وقطاعيا للحفاظ عليه وتطويره.

ويحتاج تلفزيون لبنان إلى دعم فعلي لضمان استمراره كمنبر وطني يعكس هوية لبنان الثقافية والإعلامية. فالتطوير والتمويل والاستثمار في الكفاءات الإعلامية أمور ضرورية ليبقى هذا التلفزيون صوتاً لكل اللبنانيين، ومنافسًا قويًا في المشهد الإعلامي العربي والدولي.

وأشار وزير الإعلام خلال جولة في تلفزيون لبنان مؤخرا إلى أن “التلفزيون أولوية لي وللناس التي تهمها الصورة الجامعة بعيدا من الاصطفافات والشحن،” لافتاً إلى أن “الناس تريد السلام والوئام ومعرفة الخبر الصادق، كما تريد أن ترى مظهر الدولة عبر شاشتها، وتلفزيون لبنان يمثل وصول الدولة إلى المواطنين ورجوع المواطنين إلى الدولة”.