ليالي القمر حكايات شعبية بين الموسيقى والتاريخ

 عادت تظاهرة “ليالي القمر” في دورة جديدة تمتد من 13 إلى 21 مارس الجاري بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات، دار المتوسط للثقافة والفنون، والذي يطلق عليه أيضا اسم “دار سيبستيان”، لتضيء السهرات الليلية بمزيج من الحكاية والموسيقى والمسرح.

هذه الدورة تحمل بصمة خاصة، إذ تركز على الحكاية الشعبية وتفرعاتها، ليس باعتبارها خرافة خيالية، بل بوصفها رواية مستوحاة من أحداث تاريخية، صاغها الزمن وأعادت الأجيال تشكيلها عبر الحكاية والأغنية والمسرح.

وعلى إيقاع البيانو الأسود العتيق، الذي يحتفظ بصدى عقود من الإبداع، انطلق البرنامج مع عطور الحمامات لكورال ذكرى، ثم تتوالى العروض التي تستلهم الحكاية الشعبية بروح جديدة؛ من عرض “باب البحر” لروضة عبدالله، الذي يستعيد قصص البحر والأسفار، إلى “حكايات متوسطية” يرويها عبدالستار عمامو، حيث تتداخل الذاكرة الجماعية مع تفاصيل التاريخ المنقول شفويًا.

ويسافر “فسيفساء أندلسية” لسفيان الزايدي إلى زمن الحضارة الأندلسية التي لا تزال قصصها تتردد في وجداننا، بينما يعيد عرض “الأميرة وناسة زهرة الأيام” لزهيرة بن عمار إحياء القصص التي شكلت المخيال الشعبي. أما “حكايات صوفية” لمحمد علي شبيل، فتأتي استحضارا للحكمة والتجربة الروحية التي تناقلتها الأجيال عبر الرواية والسماع.

ويكتمل البرنامج بأغانٍ تحمل في طياتها روح الحكاية، مثل “يا خيل سالم” للبنى نعمان، في استعادة لواحدة من أهم الأغاني التراثية التونسية التي غنتها الفنانة صليحة، وكانت قصيدة شعبية تحكي عن الشهامة والشجاعة والخيل والحياة في القبيلة، في تونس قبل الاستعمار الفرنسي. كما تقدم نوال بن صالح أغنية “يا زهرة في خيالي”، وصولًا إلى “Comme au bon vieux temps” بصوت لينا بن علي، الذي يأخذ الجمهور إلى زمن الأغنية التي تحولت إلى إرث مشترك بين الأجيال.

وتمثل هذه التظاهرة فرصة لاكتشاف أبعاد جديدة من التعبير الفني عبر دمج مختلف أشكال الأداء من خلال عروض تتسم بالإبداع في دمج الأداء الموسيقي مع فن الحكي، ما يساهم في خلق تجربة فنية متكاملة تنقل الحضور إلى أبعاد ثقافية غنية.

وجاء في البيان الخاص بالتظاهرة أنه “في ليالي القمر، لا تُروى الحكايات لمجرد التسلية، بل لإعادة اكتشاف التاريخ في صيغته الشعبية، حيث تلتقي الذاكرة الفنية بالقصص التي ظلت حية في وجدان المجتمعات.”