اخبار الإقليم والعالم

تراجع ملموس: ما العوائق التي تواجه بعثات حفظ السلام

وكالة أنباء حضرموت

تواجه بعثات حفظ السلام الأممية في الآونة الأخيرة العديد من التحديات والأزمات، التي أثّرت في درجة الثقة الدولية والإقليمية بمدى نجاح تلك البعثات في تحقيق أهدافها، واتجهت بعض الدول إلى المناداة بإغلاق تلك البعثات واتهامها بالإخفاق في استعادة الأمن والاستقرار.

ورصد تقرير نشره مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة مجموعة من مؤشرات تراجع أدوار بعثات حفظ السلام الدولية والإقليمية في العديد من المناطق خلال الأعوام الماضية.

وتم خفض عدد أفراد حفظ السلام المنتشرين في مواجهة مستويات غير مسبوقة من الصراع والعنف بنحو النصف من 121 ألفاً في عام 2016 إلى ما يقرب من 71 ألفاً في عام 2024.

وأغلقت العديد من عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة أو بدأت في الانسحاب. فقد أكملت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي انسحابها من البلاد بحلول نهاية عام 2023، بعد إنهاء المجلس لولايتها في 30 يونيو 2023. كما انسحبت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان، وهي بعثة سياسية خاصة تابعة للأمم المتحدة، من البلاد بعد إنهاء المجلس لولايتها في 1 ديسمبر 2023.

وتنفذ بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية (مونوسكو) خطة فك الارتباط، التي تم الاتفاق عليها مع الحكومة الكونغولية، وأقرّها مجلس الأمن من خلال القرار 2717 المؤرخ 19 ديسمبر 2023. وأكملت بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية انسحابها من مقاطعة جنوب كيفو في يونيو كجزء من المرحلة الأولى من عملية سحب البعثة.

◙ التحديات التي تواجه البعثات نتاج التجاذبات السياسية المحلية والإقليمية والدولية وهو ما قد يؤدي إلى احتمال إغلاقها

وتراجعت بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا، منذ عام 2016، بشكل مطرد من حيث العدد والحجم (من حيث الميزانيات وعدد الأفراد المنتشرين)، ولم تتبق سوى أربع عمليات في القارة (في جمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان ومنطقة أبيي المتنازع عليها بین السودان وجنوب السودان، والصحراء المغربية).

وطلب العراق من بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المغادرة. وبناءً على ذلك، اعتمد مجلس الأمن القرار 2732 في 31 مايو 2024، الذي جدد ولاية بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) لفترة نهائية مدتها 19 شهراً حتى 31 ديسمبر 2025.

وتواجه بعثات الأمم المتحدة العديد من التحديات والعوائق التي ستؤثر في مستقبلها، وتغير مساراتها المختلفة.

واتهمت العديد من البلدان بعثات الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي بالإخفاق في تحقيق الأمن والاستقرار وحفظ السلام؛ بل اتجهت بعض الدول إلى نسب تزايد العنف السياسي فيها إلى هذا الإخفاق، واتهمت دول أخرى تلك البعثات بدعم المتمردين.

وباتت بعثات الأمم المتحدة هدفاً سهلاً لأطراف النزاعات والصراعات؛ وذلك نظراً إلى محدودية تسليحها وأعداد أفرادها وضعف قدرات تأمين موظفيها، فعلى سبيل المثال، كانت بعثات الأمم المتحدة عرضة لهجمات متكررة من قبل الجماعات الإرهابية، وفي الصومال تمثل قوات الاتحاد الأفريقي هدفاً سهلاً لهجمات حركة الشباب.

وتزايد عدد النزاعات والصراعات المتزامنة وتعقيداتها العسكرية والأمنية، فضلاً عن التحولات العقائدية حول النزاعات والصراعات، والتحولات السياسية نتيجة فقدان الثقة بالمجتمع الدولي (المنظمات الأممية خاصة مجلس الأمن الدولي) نتيجة سيطرة الدول الكبرى على قراراتها؛ ما يزيد من الضغوط والتحديات السياسية التي تواجه عمليات حفظ السلام الدولية في العديد من المناطق، ولاسيما مع محدودية الموارد البشرية والمالية والعسكرية لتلك البعثات.

◙ تم خفض عدد أفراد حفظ السلام المنتشرين في مواجهة مستويات غير مسبوقة من الصراع والعنف بنحو النصف

وتواجه بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة مشكلات في التدفق النقدي وضغوطاً مالية بسبب التأخر في سداد الاشتراكات المقررة. وبالنسبة إلى عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة؛ فإن هذا أمر مألوف، فمنذ إنشاء عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة كان تمويل البعثات يُشكّل تحدياً للأمين العام، مع فترات من الهدوء تليها فترات من الأزمات. وكانت الأمم المتحدة معرضة بشكل خاص لحجب المدفوعات المتأخرة من أكبر المساهمين الماليين.

وأدت بعثات حفظ السلام الأممية والإقليمية أدواراً متعددة أمنية وإنسانية في العديد من البلدان، ونجحت في حفظ الأمن وتحقيق استدامة السلام في العديد من النزاعات والصراعات؛ ومع ذلك واجهت بعض الإخفاقات في عدد من حالات النزاعات، ولا يعود ذلك بالضرورة إلى تقنيات أو ضعف أدوار تلك البعثات، ولكن بشكل أساسي إلى تعقد حالة الصراع وتقاطع مصالح أطراف النزاع الرئيسية بشكل متكرر.

وفي هذا الصدد؛ يمكن الإشارة إلى أن إغلاق بعثات السلام في بعض البلدان لم يحل الأمن والسلام. ففي مالي ما يزال الصراع محتدماً ودامياً؛ بل أدى هذا الإغلاق إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، وارتفاع تكلفة العنف على الدولة والمجتمع معاً، وأدى إلى تفاقم حالة العنف السياسي، وإتاحة مساحة للجماعات المسلحة والإرهابية لتعظيم قدراتها في مواجهة الدولة والمجتمع؛ مما أثّر في تكلفة مكافحة الإرهاب بالنسبة إلى البلاد نظراً إلى استعانتها بعناصر وقوات “فاغنر” الروسية.

وعليه؛ يمكن إجمال تأثيرات عمليات إغلاق وتراجع بعثات حفظ السلام في: استمرار وتفاقم وتيرة النزاعات والصراعات، وتجدد بعض صراعات الحدود الخاملة، فضلاً عن تزايد معدلات العنف السياسي والإرهاب في العديد من بلدان النزاعات، وارتفاع معدلات ومؤشرات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وضعف قدرة الدولة على تحقيق السلم المجتمعي المستدام.

وتؤدي بعثات حفظ السلام الأممية والإقليمية أدواراً لا غنى عنها في حفظ الأمن واستدامة الاستقرار، والتحديات التي تواجه تلك البعثات نتاج التجاذبات السياسية المحلية والإقليمية والدولية قد تؤثر في معضلات تلك البعثات كالعمل على تعطيلها عبر خفض التمويل وميزانياتها؛ وهو ما قد يؤدي بشكل رئيسي إلى احتمال إغلاق تلك البعثات؛ وهو الأمر الذي قد يزيد من حدة الصراع وتفاقم الأزمات الإنسانية في مناطق النزاعات المسلحة، وهو ما يتطلب المزيد من الجهود لتحسين أوضاع بعثات حفظ السلام.

 

الاتحاد الأفريقي يدخل تعديلات على دوري الأبطال وكأس الكونفدرالية


جنات تغني في فيلم "جبل الحريم"


نقاش واسع بشأن أغاني الراب في ليبيا بعد قرار منعها بشروط


بشير بوصندل يصور العلاقة المعقدة بين الإنسان وبيئته