تقارير وحوارات
الانتقالي الجنوبي يرفع ورقة الإقامة بالخارج في وجه الشرعية اليمنية وحكومتها
طالب المجلس الانتقالي الجنوبي أحد الأطراف الرئيسية المشكّلة للسلطة الشرعية اليمنية، مجلسَ القيادة الرئاسي بقيادة رشاد العليمي والحكومة المعترف بها دوليا برئاسة أحمد عوض بن مبارك، بالعودة إلى العاصمة المؤقتة عدن لممارسة مهامهما انطلاقا منها.
وتمثّل الإقامة المطوّلة لأبرز قيادات السلطة ومسؤولي الحكومة في الخارج أحد المطاعن التي كثيرا ما يثيرها الانتقالي الجنوبي، وخصوصا في فترات التوتّر والأزمات على غرار الأزمة المالية والاقتصادية الحادة القائمة حاليا والتي أثّرت بشكل كبير على الأوضاع الاجتماعية لسكان مناطق الشرعية التي يقع أغلبها ضمن مجال نفوذ المجلس الانتقالي، وعلى مستوى الخدمات العامةّ المقدّمة لهؤلاء السكان والتي بلغت في الفترة الأخيرة درجة كبيرة من التراجع شارفت معه على الانهيار بشكل كامل.
وورد في بيان للمجلس الذي يعتبر شراكته مع الشرعية اليمنية مسألة انتقالية مؤقتة في انتظار توفر الظروف الملائمة لإنجاز مشروعه الأصلي المتمثل في تأسيس دولة الجنوب المستقلّة، أن هيئته الرئاسية عقدت اجتماعها الدوري في عدن واستمعت خلاله إلى تقرير مفصل “حول المصفوفة التنفيذية للخطة الحكومية للتعامل مع التحديات الاقتصادية الراهنة، متضمنا أبرز الصعوبات التي تواجه الوضع الاقتصادي، والبدائل المقترحة لمعالجتها."
وشدد المجلس "على ضرورة عودة مجلس القيادة والحكومة إلى العاصمة عدن لممارسة مهامهما وتحمل مسؤولياتهما تجاه المواطنين." ولفت إلى أن” استمرار الغياب لم يعد مقبولا ويزيد من معاناة الشعب ويتركه يواجه مصيره في ظل الأوضاع الاقتصادية والخدمية الصعبة”.
ويأتي هذا الموقف بعد أكثر من شهرين على مغادرة عدن من قبل الرئيس العليمي ورئيس الحكومة بن مبارك. ويمارس الرجلان مهامهما مع بعض المسؤولين من العاصمة السعودية الرياض. وأثارت أزمة الكهرباء الأخيرة في عدن والتي وصلت حدّ القطع الكامل للتيار عن المدينة غضب كبار المسؤولين في المجلس الانتقالي الذي لا يريد أن تؤثّر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية المتلاحقة على سمعته وشعبيته في مناطق نفوذه بالجنوب.
◙ أزمة الكهرباء في عدن أثارت غضب كبار المسؤولين في المجلس الانتقالي الذي لا يريد أن تؤثّر الأزمات المتلاحقة على سمعته وشعبيته في مناطق نفوذه بالجنوب
وشهدت عدن مطلع الأسبوع الجاري انقطاعا كاملا للتيار الكهربائي وذلك للمرة الأولى خلال فصل الشتاء مما تسبب في موجة استياء شعبي في المدينة التي تتخذها الحكومة المعترف بها دوليا عاصمة مؤقتة.
ونجم الانقطاع عن عدم توفّر الوقود اللازم لتشغيل محطة التوليد، وأعيدت خدمة التزويد بالكهرباء تدريجيا وبشكل جزئي لكنّ المدينة الساحلية ظلت تعاني ضعف التيار وانقطاعه من حين إلى آخر في بعض أنحائها. وباتت أزمة الكهرباء مرشحة للامتداد نحو معقل رئيسي ثان للمجلس الانتقالي هو ساحل محافظة حضرموت حيث أعلنت مؤسسة الكهرباء المحلية عن نيتها الزيادة في ساعات قطع التيار مرجعة ذلك إلى شح مادتي الديزل والمازوت المستخدمتين في التوليد.
وعبّر عن غضب الانتقالي الجنوبي من الأزمة فضل الجعدي القيادي في المجلس الذي حذّر من اندلاع ثورة شعبية بسبب سوء الأوضاع قائلا في تدوينة على منصة إكس إنّ “صبر الشعب نفد والصيف القادم سيكون بركانا ثائرا إن لم تكن هناك معالجات ملموسة لكل القضايا العالقة والكهرباء أولها.”
وخاطب الجعدي المسؤولين في السلطة الشرعية بالقول “فلتكونوا عند مستوى المسؤولية قبل أن يقع الفأس في الرأس.” وأضاف معلقا على ما آلت إليه الأوضاع في تلك المناطق بالقول “راهن مخيف أن تقبع العاصمة عدن في الظلام بسبب نفاد الوقود وهي المدينة التي عرفت الكهرباء قبل كل المدن التي حولها، ولا شيء بإمكانه أن يعبّر عن إحساس أبنائها العميق بالغبن من الحال الذي وصلت إليه الأوضاع والذي بلغ حد معاقبة عدن وأهلها ليس بالكهرباء فقط ولكن بمجمل الخدمات.”
من جهته أثار عبدالناصر الوالي وزير الخدمة المدنية والتأمينات ضمن حكومة بن مبارك شكوكا بشأن افتعال أزمة الكهرباء لغايات سياسية لدى أطراف لم يحددها وقال إنّ غايتها الضغط على المجلس الانتقالي وتشويه صورته. ورأى أن قطع التيار عن المدينة جاء كرد فعل من قبل جهات لم يذكرها على التمثيل الواسع للجنوبيين في الوفد الذي رافق مؤخرا رئيس الحكومة إلى واشنطن.
وتتفاقم أزمة الكهرباء فيما يواجه اليمنيون أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية في تاريخ البلاد تسببت في تآكل مدخراتهم في ظل تراجع قيمة العملة المحلية وضعف الأجور وعدم انتظام دفع الرواتب للموظفين. ويشعر سكان محافظات جنوب اليمن بالغضب الشديد جراء تردي الخدمات على نحو لم يسبق له مثيل، إذ شهدت مناطق عدة في مدن عدن ولحج وأبين احتجاجات شعبية غاضبة خلال الأيام القليلة الماضية أضرم خلالها المحتجون النار في إطارات سيارات وأغلقوا شوارع.