اخبار الإقليم والعالم
الأضواء تُسرق من الدوحة
قطر رائدة التطبيع تنتقد اتفاقات أبراهام
لا تفوت قطر فرصة توجيه انتقادات لمسار السلام الجديد الذي بدأته إسرائيل مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، في الوقت الذي كانت فيه الدوحة هي السباقة لإقامة علاقات مع تل أبيب منذ سنوات.
وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الأربعاء إن عملية السلام في الشرق الأوسط لا تشهد أي أفق، وبالتالي فإن اتفاقات “أبراهام” للتطبيع مع إسرائيل لا يمكن أن تساهم في حل الأزمة.
واعتبرت أوساط سياسية خليجية أن الموقف القطري ليس ضد التطبيع في حد ذاته، وإنما هو ضد أن يكون ذلك ضمن فضاء خليجي أو عربي لا تكون فيه قطر هي الواجهة والمستفيد المباشر. وأشارت هذه الأوساط إلى أن إحياء هذا المسار وضم دول جديدة إليه يمكن أن يسرقا الأضواء من الدوحة التي تروّج نفسها كبوابة للوساطة والتفاوض في ملفات إقليمية، بدءا من جماعات الإسلام السياسي ومرورا بإيران ووصولا إلى طالبان.
ومن شأن تحريك موضوع التطبيع من جديد والاهتمام الإعلامي والدبلوماسي الإقليمي والدولي أن يشوّشا على دور الدوحة كبوابة للتعامل مع حركة طالبان، وهو دور نجحت فيه إلى حد الآن وحوّلها إلى عاصمة ثانية لأفغانستان، حيث توجد مقار البعثات الدبلوماسية وتتم اللقاءات مع طالبان خاصة لقاءات مسؤولي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وبذلت قطر كل ما في وسعها للضغط على طالبان كي تخفّض الحركة حدّة خطابها وتظهر نوعا من الانفتاح المؤقت من أجل إنجاح توسّط قطر في إقناع الغربيين بأنها تمسك بالملف وتتحكم في هذه الحركة المتشددة، وهو ما شدد عليه الشيخ محمد بن عبدالرحمن حين قال إن بلاده “وسيط محايد وقد حافظت على حياديتها وعلاقاتها الطيبة مع مختلف الأطراف الأفغانية”، وإنه “لا ينبغي أن ننظر إلى أفغانستان على أنها ساحة للتنافس بل يجب تبني مقاربة تعاونية من مختلف الأطراف الدولية”.
ويأتي الموقف القطري بشأن التطبيع كردة فعل على مسعى أميركي لتحريك مسار اتفاقيات أبراهام وتوسيعه ليشمل دولا أخرى، وذلك لكسر جمود ما بعد حرب غزة الأخيرة.
وتظل تفاصيل السبق القطري إلى التطبيع مع إسرائيل كثيرة؛ بدءا من التطبيع الإعلامي وفتح قناة الجزيرة القطرية أمام الإسرائيليين للوصول إلى المُشاهد العربي ومخاطبته بشكل مباشر على مدى سنوات، ومرورا بتبادل الزيارات بين كبار المسؤولين من البلدين، وفتح المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة على مدى سنوات.
يضاف إلى ذلك سعي الدوحة لترشيح نفسها وسيطا رئيسيا بين إسرائيل وحركة حماس وتوظيف ورقة المال القطري السخي لجلب الحركة إلى مربع التفاهمات السرية مع تل أبيب.
وقال وزير الخارجية القطري في منتدى “الأمن العالمي” 2021، تحت شعار “بين التعاون والتنافس – الأمن الدولي: تحديات التنافس وآفاق التعاون”، المنعقد حاليّا في العاصمة القطرية الدوحة إننا “لا نشهد أي أفق في عملية السلام، وبالتالي فإننا نرى أن اتفاق أبراهام لا يمكن أن يساهم في حل الأزمة”.
وشدد على أنه “لا ينبغي أن نركز على التطبيع الاقتصادي وننسى الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية”.
وأشار الشيخ محمد بن عبدالرحمن إلى أن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة “تمتد لعقود وتجمعنا علاقات قوية مع مختلف الإدارات الأميركية وحتى مع إدارة (راعي اتفاق أبراهام الرئيس السابق دونالد) ترامب”، مضيفًا أن العلاقة بين الدوحة وواشنطن “مهمة من أجل الأمن والاستقرار في منطقة الخليج”.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد كشف منذ أيام أن حكومته بصدد توقيع اتفاقيات تطبيع جديدة مع دول، دون الكشف عن أسمائها، لكن تقارير تقول إن من ضمنها سلطنة عمان، وذلك بعد أكثر من عام على توقيع اتفاقات أبراهام.
ورفض الوزير الإسرائيلي الإشارة إلى الدول التي تسعى لإقامة علاقة دبلوماسية مع إسرائيل، مرجعا الأمر إلى أن الكشف عن أسماء تلك الدول سيضر بجهود تطبيع العلاقات.
وكانت البحرين والإمارات العربية المتحدة وقعتا منتصف سبتمبر من العام الماضي اتفاقات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بوساطة أميركية، وتوسعت بعدها دائرة الاتفاقات لتشمل المغرب والسودان. واتخذت هذه الاتفاقات بعدا آخر بعد أن تطورت لتشمل تبادل الرحلات الجوية المباشرة والصفقات الاقتصادية وغير ذلك.